هي ليست مجرد صدفة أن تحظى فرقة «ميّاس» للرقص التعبيري بالجائزة الأولي في برنامج «المواهب» الأميركي America›s Got Talent في الوقت الذي يُسارع فيه محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، إلى إقفال مسرح «دوار الشمس» الذي يحتضن المواهب الشابة، بقراره ختم المولد الكهربائي للمسرح بالشمع الأحمر، وتعطيل الإستعدادات التي كانت قائمة على قدم وساق لإفتتاح موسمه المسرحي يوم ٢٥ الجاري، بحجة شكوى أحد الجيران (!!) من التلوث الناتج عن المولد المذكور!
الحادثة ليست صدفة، بقدر ما هي تُجسد عقلية هذه السلطة المتخاذلة في قطع أنفاس شعبها، وطمس المواهب الخلاّقة، عوض تقديم كل الدعم والتسهيلات اللازمة، لتشجيع براعم الجامعة اللبنانية، وغيرها من طلاب الكليات الفنية في الجامعات الأخرى، لتعزيز تفوقهم وبلوغهم المستويات العالمية التي ترفع إسم لبنان عالياً في المنتديات الدولية.
لقد إعتادت المنظومة الفاسدة، وأدواتها الإدارية الصمّاء على ارتكاب شتى أنواع الموبقات لتشويه سمعة وطن الإبداع والتميز، وتصويره وكأنه مستنقع لدماء جرائمهم البشعة ضد هذا الشعب الصامد في وجه طغيانهم، والرافض لكل ممارساتهم الفاشلة في إدارة أزمات البلاد، وما أوصلوا إليه العباد من فقر وتعتير ومعاناة، والتي تُصنّف من نوع الجرائم ضد الإنسانية.
بلدية بيروت التي أهدرت الملايين من الدولارات على مهرجانات دخلت أموالها جيوب المحاسيب والأزلام، وكانت مثالاً لسياسات الهدر والفساد، لم يُكلف المسؤولون فيها أنفسهم عناء تقديم حفنة من الليرات لتجهيز مولد مسرح فناني المستقبل بما يحتاج إليه من فلاتر ومعدات، تُبعد عنه الشكوى الملتبسة ضد مولد يعمل ساعات معدودة في النهار، في حين أصبح البلد كله فريسة التلوثات والأمراض التي تنفثها مولدات أزلام السلطة وأحزابها الفاسدة، في طول البلاد وعرضها، دون رادع من ضمير، ودون حسيب من رقيب.
يبدو أن المنظومة التي أغرقت البلد في العتمة، وعجزت عن تأمين المياه لمواطنيها، لا تتورع عن المضي في ممارسة أبشع أنواع القمع والقهر ضد شعبها، لأنها فقدت القدرة على الإصلاح والإنقاذ، رغم كل جعجعة الوعود والشعارات.
تحية لوزير الثقافة القاضي محمد مرتضى الذي مارس دوره الطبيعي في حماية الحركة الثقافية والمسرحية، وطلب إزالة شمع العار عن جبين السلطة العاجزة، والفاقدة لأبسط مقومات الحكم الرشيد!