بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تموز 2018 12:05ص عندما تصبح الثروة على حساب الكرامة..!

حجم الخط
يبدو أن الحِكَم والعِبَر المُتناقَلة بين الشعوب والأمم متشابهة، ومستندة إلى تجارب ووقائع مماثلة، بعيداً عن مقولة «إن التاريخ لا يعيد نفسه»!
وهذه الرواية عن حادثة بين ضابط إنكليزي ومواطن هندي، تصلح للمقارنة ليس مع أحوالنا الاجتماعية والأخلاقية في هذا الزمن السياسي الرديء وحسب، بل أيضاً مع الكثير من حالات الفساد المنتشرة حولنا.
تقول الرواية إن ضابطاً بريطانياً صَفَعَ مواطناً هندياً فقيراً في الشارع، إبان الاحتلال البريطاني للهند، فما كان من المواطن الفقير والمغلوب على أمره إلا أن ردّ الصفعة بأقوى منها للضابط المُستعمِر الذي هوى على الأرض، وسرعان ما قام يجرّ صدمته من ردة فعل الهندي القوية، وغير المنتظرة.
ذهب الضابط إلى رئيسه طالباً تدخل قوة أمنية لتأديب الهندي الفقير على «وقاحته»، فما كان من الضابط القائد إلا أن طلب من مرؤوسه أن يذهب إلى الهندي ويعتذر منه، ويعطيه خمسين ألف روبية ناوله إياها من خزنته. بُهت الضابط الشاب وحاول الاعتراض، ولكن رئيسه أمَرَه بتنفيذ الأمر ثم الاعتراض!
عاد الضابط إلى المواطن الفقير وأعطاه الخمسين ألف روبية معتذراً منه على ما حصل بينهما. فاستثمر الهندي هذا المبلغ الكبير، في تلك الأيام، في التجارة، وذاع صيته بين تجار وأغنياء المدينة، وأصبح من الشخصيات الاجتماعية المعروفة.
وفجأة استدعى الضابط القائد مرؤوسه وقال له: «اذهب الى غريمك واصفعه أمام مساعديه وزواره»، فصُدم الضابط الشاب وردّ بأن ردّة فعله ستكون أقوى من المرة الأولى لأنه أصبح وجيهاً وصاحب ثروة ونفوذ. أصر القائد على أمره، فذهب الانكليزي متردداً إلى حيث الهندي موجود، وباغته بصفعة قوية رمته أرضاً أمام مَن كان حاضراً عنده، فقام يُلملم إهانته ويجلس على كرسيه وكأن شيئاً لم يكن! هرع الضابط الشاب إلى رئيسه يُخبره بالمفاجأة متسائلاً عن الأسباب، فضحك الرجل الكبير وقال له: «بالأمس كان فقيراً ولم يكن يملك غير كرامته فدافع عنها بعفوية، واليوم أصبح يملك الملايين والمكانة الاجتماعية، فأراد الاحتفاظ بهما، ولو على حساب كرامته!».
تُرى كم من أمثال هذا «الهندي» يسرح ويمرح في بلدنا؟!