بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2022 12:10ص عون حسم الشك بيقين اغتصاب السلطة!!

حجم الخط
وأخيراً قطع الرئيس ميشال عون الشك باليقين، وحسم موضوعات الإشاعات والتكهنات والترجيحات المتناقضة، وأعلن أنه باقٍ في المقر الرئاسي بعد إنتهاء ولايته بحجة عدم إستعداده تسليم صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال، في حال لم يتم إنتخاب رئيس جديد، وهذا الأرجح، قبل إنتهاء الولاية في ٣١ تشرين الأول المقبل.
كلام عون جاء إثر تهديدات رئيس التيار العوني بالفوضى الدستورية، والتي لم يجف حبرها بعد، متوعداً بمرحلة من الفوضى والإضطرابات في الشارع، في حال حصول الشغور الرئاسي، وعدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، مما يعني أن فريق العهد منخرط بمغامرة جديدة، تُعيد إلى الأذهان مشهد إحتلال قصر بعبدا في أواخر عام ١٩٨٩، رغم إنتخاب رئيسين للجمهورية إثر التوصل إلى إقرار إتفاق الطائف.
لم يحصل في تاريخ العهود الإستقلالية، أن بقي رئيس جمهورية ساعة واحدة بعد إنتهاء ولايته، حيث غادروا جميعاً المقر الرئاسي في منتصف الليلة الأخيرة للعهد، حتى ولم يكن قد تم إنتخاب الرئيس الخلف، وآخر المغادرين في ظل الشغور الرئاسي كان الرئيسان أميل لحود وميشال سليمان، إلتزاماً بما ورد في الدستور نصاً وروحاً.
لم يعد خافياً أن بقاء «الجنرال» بعد إنتهاء ساعات الولاية الأخيرة، يُحوّله من رئيس سابق إلى مُغتصب للسلطة، مع ما يترتب على هذا الواقع من خطوات قانونية ودستورية تُحتم ملاحقة «مغتصب السلطة» أمام القضاء، لقطع دابر الفوضى،والحؤول دون سقوط الدولة في مستنقعات الفشل الكامل، بعد تعريض المؤسسات الدستورية والأجهزة الأمنية إلى تحديات صعبة، ليس من السهل الخروج من مستنقعاتها الوسخة بسهولة.
وبقاء عون في القصر الرئاسي بعد ٣١ تشرين الأول، يعني العودة إلى سنوات الحرب القذرة، وما شهدته من إنقسام بين حكومتين وجيشين، وتشظّي المؤسسات الأمنية والإدارات العامة، والمساهمة في تهديم آخر مقومات الدولة.
واستمرار عون عنوة في المقر الرئاسي، لا يُعتبر مخالفة دستورية صريحة، يقوم بها صاحب المركز المسيحي الأول في الدولة وحسب، بل يعني أيضاً نكوثه بالقسم الدستوري الذي تلاه في مجلس النواب إثر إنتخابه رئيساً للجمهورية، وتعهد فيه الحفاظ على الدستور نصاً وروحاً. وفي مطلق الأحوال فإن إقدام عون على هذه الخطوة المتهورة سيؤدى إلى دفع البلاد إلى مزيد من الإنهيارات، وإلى تعقيد الأزمات المالية والإجتماعية المتفاقمة، بما يُعجّل الإرتطام المخيف، الذي سيقضي على البقية الباقية من وجود الدولة.