بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الأول 2020 12:43ص كيف يتساوى الفقير مع الغني في الدعم!

حجم الخط
الكلام عن قرب إلغاء الدعم للمواد الأساسية من محروقات وأدوية وقمح، والمنتوجات الغذائية الأخرى من لحوم وألبان وحبوب... إلخ، أثار موجة هلع في صفوف شرائح واسعة من اللبنانيين، الذين فقدوا، بين ليلة وضحاها، مصادر رزقهم، وحُرموا من جنى أعمارهم في المصارف، أو فقدوا منازلهم ومؤسساتهم وممتلكاتهم في كارثة انفجار مرفأ بيروت.

رُبّ قائل أن الدعم الحالي يستنزف ما تبقى من إحتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، خاصة وأن شح الدولار في الأسواق اللبنانية، وتراجع تحويلات اللبنانيين من الخارج، وانعدام حركة الإيداعات النقدية في المصارف، قد إنعكست جميعها سلباً على سيولة المصارف، وخاصة البنك المركزي.

هذا الموقف يُمثل وجهة نظر بعض المحافظين الخائفين على المليارات القليلة الباقية في جعبة المركزي. ولكن ما يتم إغفاله في الحديث عن مصير الدعم الغذائي، لتخفيف الأعباء المعيشية عن أكثر من نصف الشعب اللبناني، هو هذا الغياب المعيب لوزارات الاقتصاد والشؤون الاجتماعية والإدارات المعنية الأخرى، التي تكاد تقوم بمسؤولياتها في هذه الظروف الصعبة.

 كثير من الدول مرّت بظروف مالية واقتصادية صعبة، ولكن حكوماتها واجهت المشاكل المعيشية المعقدة بتدابير جذرية، إدارية واقتصادية واجتماعية، وعملت على تخفيف إستنزاف الاحتياطات المالية إلى الحد الأقصى، وذلك بحصر الدعم بالطبقات المعوزة والفقيرة فقط.

وإذا أخذنا التجربة المصرية مثلاً ونموذجاً، ندرك أهمية إيصال الدعم إلى أصحابه الحقيقيين، عبر بطاقات تموين توزع على الشرائح المحتاجة، وتضم المواد الغذائية الاساسية، والتي تتيح لعشرات الآلاف من العائلات الحصول على حاجتها من قوتها اليومي بكرامة. وهنا تكمن الفلسفة الاجتماعية لمبدأ الدعم الغذائي.

 وهنا يكمن الخلل الفادح في طريقة الدعم المعتمدة حالياً في لبنان. حيث يستفيد من الدعم الأغنياء والميسورون قبل الفقراء، نظراً للتفاوت الكبير بين الجانبين في القدرة الشرائية، فيما تذهب الملايين المخصصة لدعم أسعار البنزين والمازوت إلى أصحاب السيارات الفارهة، وإلى جيوب المهربين لهاتين المادتين إلى سوريا.

 كيف يمكن لسائق السيارة العمومية أن يدفع نفس التسعيرة التي يدفعها أرباب العمل وأصحاب المصارف وغيرهم من الطبقات الميسورة؟ ويتساوى الفقير والغني في الدعم!

الجواب عند المنظومة السياسية الفاشلة التي أوصلت البلد إلى الإفلاس!