بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آب 2020 08:14ص لا ثقة بالدولة والمساعدات للناس مباشرة!

حجم الخط
مرة أخرى يُثبت المواطن اللبناني بأنه هو الضمانة الأولى للوطن، وليست الدولة ولا أجهزتها المختلفة، وطبعاً ليست المنظومة السياسية الفاسدة، ولا السلطة الحاكمة والعاجزة  عن اتخاذ أبسط القرارات.

كشف الانفجار الزلزالي في مرفأ بيروت مدى إصرار السلطة على الابتعاد عن أوجاع مواطنيها، وغيابها المُعيب عن متابعة تداعيات المحنة، والتخفيف من معاناة الناس، ومد يد العون والمساعدة الفورية لأصحاب البيوت المهدمة، ودعم المستشفيات المخربة وتوفير  التسهيلات اللازمة لها لتسريع خطوات عودتها إلى الخدمة، في وقت يُسجل عدّاد الإصابات بوباء الكورونا ارتفاعات مطردة، حيث ضاقت المستشفيات العاملة بضحايا هذه الجائحة الخبيثة.

حالة الاستنفار الوطني التي شملت معظم جمعيات المجتمع الأهلي ومؤسساته الناشطة منذ الساعات الأولى لوقوع الكارثة، وصلت بالأمس إلى نقابات المهن الحرة، من مهندسين ومقاولين، وأطباء ومحامين، وصيادلة ومحاسبين، حيث شكلوا، بهمة نقيب المحامين ملحم خلف، الهيئة الوطنية لمساعدة المتضررين، مهمتها الأساسية التنسيق في استلام وتنظيم وفرز المساعدات الواردة من الأشقاء والأصدقاء، ووضع آلية واضحة وشفافة لتوزيعها، وفق  بيانات تصدر دورياً عن الهيئة، بهدف تطمين الجهات المتبرعة على وصول تقديماتها إلى  الأطراف المتضررة مباشرة، فضلاً عن توفير السرعة المطلوبة في توزيع المساعدات على مستحقيها، لتمكينهم من الصمود، ومقاومة تحديات المحنة التي حلت بهم.

وفي إطار الحراك المدني المتعدد الألوان، الطائفية والمناطقية، شجعت بعض الجمعيات عمليات البدء فوراً بأعمال الترميم، من دون انتظار مساعدات الدولة العاجزة، والمتلهية بصراعات الديوك على المحاصصات والصفقات، حيث تم توفير المواد الأولية اللازمة، وتقدم العديد من  المتطوعين، صبايا وشباب، للمساعدة الميدانية مجاناً، لتخفيف الأعباء المالية على المتضررين.

ظاهرة التضامن الواسع مع المناطق المنكوبة وأهلها، والتي تجاوزت كل الحواجز  الحزبية والسياسية، المناطقية والطائفية، جسدت الرد الوطني الشامل على تقاعس الدولة،  والسلطة الفاسدة عن القيام بمسؤولياتها في لملمة جراح العاصمة الجريحة، والتخفيف من آلام  أهلها المنكوبين، وأكدت عدم ثقة الدول المانحة بنزاهة الأجهزة الرسمية، والتعامل مباشرة مع  هيئات المجتمع المدني.

هي «معجزة» المبادرة الفردية في لبنان، التي شغلت اهتمام العالم في زمن البحبوحة والازدهار، والتي حظيت بتقدير الأشقاء والأصدقاء في أيام الشدة والانهيار!