بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2023 12:15ص لا لذئاب الفساد وحيتان المال..

حجم الخط
الأول من شباط ليس كما قبله في تاريخ النقد اللبناني، حيث يشهد هذا اليوم الأسود مالياً، ولأول مرة في تاريخ الإستقلال، تخفيضاً في قيمة الليرة يصل إلى تسعين بالمئة من السعر الرسمي، بعد ثلاث سنوات ونيّف من بدء عاصفة الإنهيارات التي أطاحت بمرتكزات الإقتصاد الوطني، وجرفت كل مقومات الإستقرار المالي والإجتماعي الذي كان ينعم به البلد، طوال عقود من الزمن.
أصحاب هذا القرار في السلطة السياسية والمصرف المركزي، يدركون جيداً أن هذه الخطوة لا تكفي للحد من التراجع المستمر في سعر الليرة مقابل الدولار، والذي بلغ أربعة أضعاف السعر الرسمي الجديد، لأن المشاكل المتراكمة، والتي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، تحتاج لقرارات إصلاحية جذرية وجريئة، تُخفف أعباء العجز الفادح في مالية الخزينة، وتُعيد هيكلة الموارد المالية الرسمية، عبر إستعادة سيطرة الدولة على مرافقها السيادية، في المرافئ والمطار، فضلا عن إعادة النظر بأوضاع بالأملاك البحرية المنهوبة، والمستغلة من قبل أصحاب السطوة والنفوذ، ومن لفّ لفّهُم من الأزلام والمحاسيب.
طبعاً مسار الإصلاحات المطلوبة من الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية طويل وحافل بشتى التعقيدات والصعوبات، ويشمل إجراءات قد تكون موجعة في الفترة الأولى، ولكن لا بد منها لتأكيد جدّية الإصلاحات، وتأكيد العزم الرسمي على الذهاب إلى الحلول المستدامة، وطوي مرحلة الترقيعات التي سادت طوال السنوات الماضية، وأدّت إلى إستمرار الكوارث الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية، وإلى مضاعفة الخسائر المالية والمعنوية على المستويين الرسمي والشعبي، والوصول إلى حالة التفكك والشلل التي تعاني منها حالياً إدارات الدولة، وتحرمها من عائدات مالية ضرورية لمواجهة الضغوط المالية المتصاعدة على الخزينة، بعد الزيادات المطّردة على الأجور والرواتب في القطاع العام.
الخطورة في كل ما يجري، أو يتم التداول به، يركز على تخفيف مسؤولية الدولة أولا عن الأموال المهدورة والمنهوبة، خاصة في العهد الأخير، ومراعاة وضع البنك المركزي في تقديم أموال المصارف إلى المنظومة السياسية على طبق من ذهب، وأخذ أوضاع المصارف المتردية بعين الإعتبار، مقابل تحميل الجزء الأكبر من «الفجوة المالية» للمودعين، الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم وثقوا بالقطاع المصرفي، ووضعوا جنى عمرهم في البنوك!
فمن يُنقذ الناس الغلابى من ذئاب الفساد وحيتان المال؟