بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 كانون الثاني 2019 12:09ص لماذا السكوت عن إهانة القضاء..؟

حجم الخط
ما حصل في بلدة الجاهلية يوم الأحد الماضي، لا يجوز السكوت عنه، وتركه يمرّ وكأنه لم يكن، لأن الخطابات النارية وما تضمنته من تحدّيات وإهانات للقضاء وكبار القضاة، خرجت عن المألوف، بل وتجاوزت كل الخطوط الحمر، وضربت عرض الحائط بأبسط قواعد الاحترام للسلك القضائي، ولمبدأ الفصل بين السلطات.
أن يكون الأمير طلال إرسلان رئيساً لحزب سياسي، ونائباً يتمتع بالحصانة النيابية، لا يعني، ولا يجب أن يُسمح له تحت أي ظرف من الظروف، أن يستعمل تلك اللغة السوقية في التهجّم على النائب العام الاستئنافي القاضي سمير حمّود، مع كل ما احتوته من كلمات سفيهة ومُهينة، وكأنه يستقوي بحصانته النيابية، معتبراً نفسه فوق القانون!
مثل هذا الكلام، بل وأقل منه بكثير، يُعرّض صاحبه في البلدان الديموقراطية إلى المساءلة، وتجريده من الحصانة النيابية، وإجراء الملاحقة القانونية بحقه، لأن للقضاء في تلك البلدان الحضارية احترامه وهيبته، واستقلاليته مُصانة بحكم القانون والأعراف السارية المفعول.
المفارقة المحزنة أن الدولة، بمرجعياتها الرسمية والسياسية، وبأجهزتها القضائية والعدلية، التزمت الصمت المُطبق على ما تعرّض له القضاء ورموزه الكبار من إهانات واستفزازات، وتجاهل وزير العدل، وهو الحاضر عادة لكل شاردة وواردة تخص العهد، المسألة برمتها، ولم يطلب من القضاء إجراء اللازم كالعادة... حتى النيابة العامة التمييزية لم تتحرّك لإجراء المقتضى!
الواقع أن هذا التطاول الفجّ، لا يقتصر على القضاء وحده، بقدر ما أصبح يشمل الدولة، برموزها الرسمية، وبأجهزتها الأمنية والإدارية، حيث تحوّلت الجمهورية كلها إلى مكسر عصا، لكل من يريد أن يبني زعامة شعبوية على أنقاض ما تبقى من كرامة الوطن، وهيبة المؤسسات! 
سقى الله تلك الأيام التي كان للقضاء فيها حصانته وسطوته، التي كانت تنحني لها أكبر الرؤوس!