بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 آب 2018 12:01ص لماذا سبقونا بفوارق فلكية..؟!

حجم الخط
تشعر بكثير من الأسى والحزن، وأنت تشاهد مجتمعات تضم تركيبتها البشرية شعوباً وأمماً جاءت من أطراف المعمورة، ليعيشوا في بلد يُشعرهم بقيمتهم الإنسانية، ويُنقذ كراماتهم من الظلم والإهانات التي كانوا يتعرّضون لها في أوطانهم الأصلية.
في هذه المجتمعات، لا فضل لمواطن على آخر، ولا تمييز بين عنصر وآخر، ولا بين طائفة وأخرى، إلا بالقدر الذي يخدم فيه المواطن وطنه ومجتمعه، ويلتزم بالقوانين والأنظمة المرعية الإجراء، والتي تُطبق على الجميع بحزم، وعلى علية القوم مثل غيرهم، من دون وجود لأي احتمال للمفاضلة أو الواسطة، كما نعرفها في بلادنا.
المهاجر في هذه البلاد يصبح مواطناً عادياً، ويتمتع بكافة الحقوق والواجبات المتاحة لأبناء البلد، وغيرهم من المهاجرين الذين أمضوا فترة الإقامة الدائمة للحصول على الجنسية وجواز السفر، وكل حقوق المواطنة الأخرى.
والحصول على الجنسية يكون في نهاية مسار لا يطول أكثر من ثلاث أو أربع سنوات، يعيش خلاله «المواطن الجديد» تجربة جديدة قوامها الانفتاح والتعايش مع الآخر، لدرجة الاندماج مع محيطه ومجتمعه الجديد، بعيداً عن كل العادات والممارسات العنصرية أو الطائفية أو الإتنية، التي كان يعيشها في بلد مولده.
ومجالات المشاركة في الحياة العامة متاحة أمام «المواطن الجديد»، حيث يصبح بمقدوره الانخراط في أي عمل، أو الانضمام إلى أي مؤسسة يستطيع إيجاد فرصة عمل فيها، من دون أن يحتاج إلى من يُعرّف عنه، وتصبح أبواب العمل السياسي مفتوحة أمامه، في حال انضم إلى أحد الأحزاب الناشطة، وتمكن من الوصول إلى الموقع الذي يتيح له فرصة خوض الانتخابات النيابية، أو حتى دخول «الجنة الوزارية»، كما هو حاصل لعشرات من المهاجرين، لبنانيين وافريقيين، بمن فيهم الصوماليون، الذين هربوا من الحرب وعمليات الاضطهاد والقتل المجاني في بلادهم، وأصبح العديد منهم نواباً ووزراء.
في بلادنا، التي تضم شعباً واحداً، ومتجذراً من أرض واحدة، سرعان ما نتحول إلى مجموعة من القبائل المتناحرة، بمجرد أن يضرب هذا الزعيم أو ذاك السياسي على الوتر الطائفي أو الإتني، أو حتى المناطقي، وتصبح كل قيم المواطنة، فجأة في خبر كان، ويصبح المواطن مضطهداً ومنبوذاً في وطنه، وينتظر بفارغ الصبر وصول تأشيرة الهجرة إلى بلاد الله الواسعة!
ونسأل لماذا سبقتنا المجتمعات الأخرى في ميادين التقدّم العلمي والاقتصادي والاجتماعي، ولماذا نحن نسبح دائماً في بحيرات دمائنا؟