إذا لم يكن كل ما يحصل في البلد من مآس وكوارث لا يشكل دافعاً للمسؤول للتحرّك والقيام بمسؤولياته الوطنية والرسمية.
إذا لم تكن كل هذه الانهيارات التي تجتاح مختلف نواحي الحياة في البلد لا تشكل حافزاً للمسؤول لإتخاذ الخطوات اللازمة لتخفيف وطأة التداعيات على البلاد والعباد.
وإذا لم يكن تلاشي الدولة وفقدان هيبتها، وتفكك مقوماتها، والإمعان في إفلاسها ونهب خزينتها، يُعتبر مُبرراً للمسؤول للانتفاض على العُقد والعراقيل التي تحول دون تأليف حكومة قادرة.
إذا كانت كل هذه المصائب التي تتساقط على رؤوس اللبنانيين، ومضاعفاتها الخطيرة لا تُحرك المسؤول، ولا تهز ضمائر السياسيين، فماذا يبقى من مبرر لوجود سلطة، وماذا تكون وظيفة الدولة، ولماذا يتحمل المواطنون الغلابى أعباء دفع الرسوم والضرائب، والرواتب للرؤساء والوزراء والنواب؟
هذا العجز المتمادي من قبل المنظومة الحاكمة في الحد من الإنحدارات المتتالية، وفي عدم القدرة على تأليف حكومة قادرة وفاعلة، وفي الفشل الذريع بالحفاظ على العلاقات الأخوية والطبيعية مع الأشقاء العرب، جعل من الجمهورية دولة فاشلة بكل المقاييس، ودفع دول القرار العربي والغربي للنفور من «المنظومة الفاسدة»، والابتعاد عن وطن الأرز، بعدما يئسوا من إبداء النصائح، والرهان على الإصلاحات، وبعدما خُدعوا أكثر من مرة بالوعود الكاذبة، من قبل ساسة ليسوا على مستوى المسؤولية، وأصغر من التصدي للتحديات التي تهدد الوطن المنكوب والشعب المغلوب على أمره.
لقد فقد أهل السلطة مصداقيتهم. وكشف تقصيرهم الفاضح حتى في إدارة هذه الأزمة المتفاقمة، أنهم أبعد ما يكونوا «رجال دولة» قادرين على البذل والتضحية بالمصالح والأنانيات من أجل إنقاذ الوطن، والحد من معاناة الشعب المقهور بسبب النكد الدائم بين الأطراف السياسية المتحكمة برقاب البلاد والعباد.
هذا الواقع المزري لأهل القرار يُضاعف مناخات التشاؤم والإحباط عند اللبنانيين الذين لا يرون، حتى كتابة هذه السطور، بصيص نور في آخر هذا النفق الطويل!