بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آب 2019 12:18ص ليست أزمة صحافة بل أزمة حكم يتهاوى

حجم الخط
اتصل بي متضامناً مع الصحافة الوطنية في أزمتها، ومستغرباً المقارنة الواردة في مقال أمس، بين إهمال الحكومة اللبنانية لواقع الصحافة في البلد، وبين مبادرة الحكومة الكندية تقديم خمسة ملايين دولار لمؤسسة صحفية لمساعدتها على الاستمرار، وعدم توقف الصحف الصادرة عنها!

وتساءل صاحبنا: هل تُقارن الدولة اللبنانية شبه المفلسة بالدولة الكندية التي تُعتبر من الدول العشرين الأغنى في العالم؟

الواقع أن المسألة تتجاوز المقارنات المادية البحتة، إلى مفهوم المسؤولية الوطنية لدى أهل الحكم، ومدى شعورهم بأهمية الحفاظ على الواجهة الإعلامية للبلد، وتقدير ما تمثله الصحافة في ذاكرة الوطن، ودورها في تنشيط التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في المجتمعات المتعددة الجذور والألوان، مثل المجتمع الكندي، وبنسب أقل المجتمع اللبناني.

ليس دقيقاً الكلام أن الدولة عاجزة عن تقديم الدعم اللازم للصحافة لأنها مفلسة، وتعاني من أزمة مالية خانقة، لأن واقع الأمر أن لبنان ليس بلداً فقيراً، بل هو دولة منهوبة من طبقة سياسية فاسدة ومارقة، لا تتورع عن التلاعب بمصير الناس، وعصر موارد الدولة حتى الرمق الأخير، غير عابئة بالنتائج الكارثية التي أوصلت البلاد والعباد إليها.

إن سلطة تتضاعف فيها كلفة المشاريع عشرات المرات، لتغطية الصفقات المشبوهة، وإخفاء السرقات الموصوفة، هي سلطة ساقطة وفاشلة في إدارة شؤون بلد كان في سنوات العز والازدهار مضرب مثل للدول الصغيرة الغنية بإنتاجها، واحتياطاتها النقدية، نتيجة الإدارات السياسية التي تعاقبت على الحكم في عهود ما قبل الحرب القذرة.

والكل يُدرك أن السرقات والهدر الحاصلة في ملفات الكهرباء والنفايات والسدود ومشاريع البنية التحتية، ليست كافية لتمكين الحكومة من مساعدة المؤسسات الإعلامية وحسب، بل والتخفيف من مستوى الدين العام، وبالتالي تلافي تعريض سمعة البلد المالية للاهتزاز، نتيجة التخفيض المنتظر للتصنيف الإئتماني إلى المستوى الأدنى!

هي ليست أزمة صحافة فقط، بقدر ما هي أزمة حكم يتهاوى على أيدي طبقة سياسية عاجزة، لا تتوافر فيها أدنى مواصفات رجال الدولة!