كلام الرئيس ميشال عون في بكركي عن التأخير في إقرار الموازنة وإعداد خطة التقشف، لم يؤكد وجود خلافات بين أهل الحكم حول التدابير المفروض اتخاذها قبل فوات الأوان لتفادي الانهيار المالي وحسب، بل كشف عن وجود تضارب وتجاوز في الصلاحيات الدستورية، بين الرئاسة الأولى والسلطة التنفيذية.
الخلافات بين أطراف السلطة ظهرت جليّة في التناقضات التي حفلت بها تصريحات عدد من الوزراء أعضاء اللجنة الوزارية، حيث سارع الوزير جبران باسيل إلى «التبشير» بخفض رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين، وإلاّ لا تعد هناك رواتب ولا دولة! في حين رد الوزير علي حسن خليل بالحرص على عدم المسّ بأصحاب الدخل المحدود من الموظفين والمواطنين، فيما ذهب وزير الاقتصاد إلى الدعوة بإعادة النظر بالسياسة المالية والنقدية من أساسها، أما وزراء «القوات» فمع وضع خطة تقشف متكاملة، وقواعد جديدة للحد من الإنفاق ووقف الهدر، وتعزيز موارد الدولة وتحسين الجباية في المناطق التي لا تدفع ما عليها من رسوم وضرائب.
هل يمكن أن تُحل هذه الخلافات بمجرد الصعود إلى بعبدا؟
وماذا لو تمّ اجتماع في بعبدا، سواء على مستوى اللجنة الوزارية، أو مجلس الوزراء، ولم يحصل التوافق المنشود بين أطراف السلطة، مَن يتحمل عندها التداعيات الكارثية على الوضع العام؟
المأزق الأساس الذي تتخبّط فيه الدولة حالياً، هو افتقاد مشروع موحّد للعملية الإصلاحية المطلوبة، تتم مناقشة تفاصيله في إطار الخطوط والتوجهات العامة التي يكون قد تم التوافق عليها.
يُضاف إلى كل ذلك، المحاولات المستمرة لتجاوز صلاحيات رئاسة الحكومة، والخروج على دستور الطائف، وكأن المطلوب إعادة رئاسة السلطة التنفيذية إلى ما كانت عليه قبل اتفاق الطائف!