حديث الرئيس ميشال عون عن الفساد، خلال الإفطار الرمضاني في قصر بعبدا، أثار اهتمام المراهنين على قدرة الدولة في الخروج من هذه الآفة السرطانية، إذا توفرت الإرادة وصُفّيت النوايا، والتقت الأكثرية السياسية على خيار وضع حد نهائي للهدر والفساد، بعدما شارك معظمها في التواطؤ الحالي الذي أدّى إلى إيصال الخزينة إلى شفير الإفلاس!
وكما رفض الرئيس عون في خطابه، أمس، أن تبقى مكافحة الفساد «شعاراً انتخابياً يندثر مع طلوع الفجر»، يرفض اللبنانيون أن تبقى محاربة الفساد مجرّد بند في بيان الحكومة العتيدة، وتستمر عمليات استغلال النفوذ وعقد الصفقات، بالشراكة حيناً، وبالتواطؤ أحياناً، بين أهل السلطة، على غرار ما حصل في السنوات الأخيرة، وأصبحت أحاديث السمسرات والعمولات المليونية الفاحشة على كل شفة ولسان!
ويبدو أن رئيس الجمهورية أدرك أن إنشاء وزارة لمكافحة الفساد لا يكفي، إذا لم تلتقِ جهود ونوايا الأطراف السياسية المعنية على وضع خطة عملية، مشفوعة بخطة تنفيذية، يتعهد فيها الجميع برفع الغطاء عن أزلامهم ومحسوبيهم الفاسدين، مهما بلغت مراكزهم، ومهما كانت ألقابهم، خاصة وأن مواطن الفساد في المؤسسات والإدارات العامة معروفة، ولا تحتاج إلى كثير من البحث والتدقيق!
ولعل ما يجري حالياً في ماليزيا، من حملة مركزة وسريعة لاستئصال مواقع الفساد، وملاحقة الفاسدين وإخضاعهم للقضاء العاجل، يُمثل نموذجاً حياً وجريئاً، في التصدي لأخطر الآفات التي تنهش إمكانيات الدولة وقدراتها المالية.
فقد بادر الزعيم الماليزي مهاتير محمّد، فور عودته إلى الحكم بعد ١٥ سنة من الاعتزال السياسي، إلى توقيف رئيس الوزراء السابق نجيب إبراهيم، والقبض على ٩ وزراء و١٤٤ رجل أعمال، و٥٠ قاضياً و٢٠٠ شرطي، بتهمة الفساد، واسترد للخزينة ٥٠ مليار دولار، وقرّر خفض الضرائب على الشعب اعتباراً من أول حزيران المقبل! وكل ذلك تم خلال ٥ أيام لا أكثر!
الرئيس عون وَعَدَ اللبنانيين بتحقيق نجاحات حاسمة بمكافحة الفساد مع إطلالة رمضان في العام المقبل.
فهل تتجاوب هذه الطبقة السياسية الفاسدة مع إرادة الرئيس وعزمه في محاربة الفساد؟