بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تموز 2022 08:01ص مشاهد من حالة الضياع في الدولة..

حجم الخط
عيدٌ بأي حال عُدت يا عيد … بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديد.
عندما أطلق المتنبي صرخته في وجه الحاكم للدولة الأخشيدية كافور الحبشي الأصل، قبل ألف عام تقريباً، كان يهجو نموذجاً للحاكم الذي ينكص بوعوده، ولا يفي بما يتعهد به في كلامه، وهو الأمر الذي ينطبق على ما نحن فيه بمشاهد من حالة بلد الأزمات، حيث الحكام يكتفون بترديد الوعود والشعارات، وهم أسرى إحدى حالتين: إما العجز عن تنفيذ الوعود التي تبقى مجرد كلام بكلام، وإما الإستخفاف بالإنهيارات التي داهمت الناس، ودفعتها إلى تحت خط الفقر، والإهتمام فقط بمكاسب التربع على كراسي السلطة، والتواطؤ في عقد الصفقات، وتكديس المليارات.
لم يعرف لبنان في تاريخه الحديث، ومنذ مائة عام، حالة من التخبط والضياع في مراكز القرار، كما هو حال الإنحدار المتزايد اليوم. وهذه بعض المشاهد على سبيل المثال لا الحصر:
ــ إضراب موظفي الدولة مستمر منذ بضعة أسابيع، والوزير المكلف بمتابعة هذا الملف وصل إلى صيغة توافقية ضمن إمكانيات الدولة المتاحة، وبما يُرضي الموظفين، ولكن المراجع السياسية والمالية تملَّصت من هذا الإتفاق بحجة عدم توافر الإموال اللازمة للتنفيذ، فكان أن إستعفى الوزير المُكلف من مهمته، وبقى هذا الملف الدقيق محور تقاذف بين أركان السلطة، ودوائر الوزارات والإدارات العامة في حالة شلل، ومصالح الناس معطلة، بسبب إستمرار الإضراب.
ــ السلف المليونية للكهرباء تنفد ولا تحسُّن في تخفيض ساعات العتمة، والضياع يتفاقم بين غاز مصر وكهرباء الأردن، والمعامل الكهرباء المتبقية في الإنتاج تتوقف كل شهر بضعة أيام بإنتظار الدفع لباخرة الفيول العراقي، أو تسديد النفقات الشهرية لمتعهديّ معملي دير عمار والزهراني، كما حصل عشية عيد الأضحى حيث توقف المعمل الأخير عن العمل إلى أن تم تسديد مستحقات المتعهد البالغة ٢٣ مليون دولار.
ــ إضراب القضاة يكاد يدخل شهره الثاني والمحاكم متوقفة عن عقد الجلسات وسط إهمال مُعيب من مرجعيات القرار في الحكم، والحجة دوماً لا مال لدى الدولة لتعطيه للقضاة والموظفين. وفجأة تحضر الإمكانيات وتتوفر الأموال اللازمة لتصحيح رواتب القضاة، عبر الفارق بين تسعيرة الدولار في المصارف، والسعر المعتمد على منصة صيرفة، وذلك بقرار مباشر من حاكم مصرف لبنان.
ــ وزير الإتصالات يتخذ قراراً برفع أسعار الخدمات الخليوية والألكترونية، بعد موافقة مجلس الوزراء، وقرار مجلس الشورى يُبطل مفعول القرار، وتضيع الطاسة في تسعيرة الإتصالات، وتردي مستوى الخدمات، الذي من المنتظر أن يزداد تدهوراً في الفترة المقبلة.
فماذا يبقى للبنانيين من بهجة العيد؟
هذا غيض من فيض على واقع الضياع الذي يلف مواقع القرار في السلطة، فكيف يُمكن أن تولد حكومة، وهل يبقى ثمة رهان بالخروج من جهنم في القابل من الأيام؟
وماذا بقي للبنانيين من بهجة العيد؟