في خضم الذكرى الأولى لكارثة مرفأ بيروت، صدر حكم قضائي بتبرئة شابين من الشمال من تهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، وتم إطلاق سراحهما من سجن رومية بعد إعتقال دام ثماني سنوات!
الشابان عبد الرحمن رعد وغسان العمر، أوقفا عام ٢٠١٣ في سياق الحملات التي استهدفت الشباب الطرابلسي خاصة، والشمالي عامة، في ذروة المواجهة اللبنانية مع داعش، حيث ظهرت حملات مشبوهة حاول أصحابها إلصاق تهم الإرهاب بشباب المنطقة المنتفضين على فقرهم وتهميشهم من السلطة الظالمة، وتصوير طرابلس وكأنها قندهار لبنان، فضلاً عن المأساة التي عاشتها عائلات منطقتي باب التبانة وجبل محسن، طوال أكثر من سنتين من المعارك المفتعلة وسقط خلالها عشرات الشهداء والضحايا.
بقي عبد الرحمن رعد وغسان العمر رهن التوقيف في سجن رومية ثماني سنوات، من دون محاكمة، وفي ظروف معيشية أكثر من متردية، وبين مجموعات تختلط فيها النشاطات التنظيمية مع الممارسات غير الأخلاقية، من تعاطي المخدرات وأخواتها، إلى الخضوع المهين لقبضايات الأقسام المختلفة، إلى أن أُحيل ملفهما إلى محكمة يترأسها القاضي سمير عقيقي، وعضوية كل من القاضية رولا عبد الله وزميلتها القاضية لارا عبد الصمد، حيث تبين أن الشابين أوقفا وسجنا ظلماً وعدواناً طوال السنوات الثماني من دون أي إدانة بالتهمة التي نُسبت لهما، فكان أن صدر الحكم ببراءتهما!
هذه الواقعة المفجعة، هي واحدة من آلاف الحالات التي يحتشد فيها سجن رومية، بعد فشل كل المحاولات التي جرت في السنوات الأخيرة لإيجاد الحلول المناسبة لكارثة الإختناق التي يعاني منها هذا السجن المركزي الذي يضم عددا من السجناء يفوق طاقته الأساسية بنحو العشرة أضعاف، ولم تُفلح كل الوعود الرسمية بتسريع المحاكمات بعدما تعثرت خطوات إصدار العفو العام عن المساجين الذين لم يتورطوا بجرائم ضد عناصر الجيش والقوى الأمنية.
ولكن مَن يُعوّض على عبد الرحمن رعد وغسان العمر هدر سنوات شبابهما وراء القضبان وهما بريئان من التهمة التي أوقفا بسببها؟
ماذا ينتظر أهل الحل والربط لإيجاد الصيغ المناسبة للتعجيل بالمحاكمات، وعدم الزج بالشباب عشوائياً، سنوات وسنوات من دون أن تقول العدالة كلمتها الفصل في تلفيق التهم، لغايات لم تعد خافية على أحد؟
ولا نُغالي إذا قلنا إن الواقع المأساوي لسجن رومية يتطلب تدخلاً من منظمات إنسانية دولية تؤمن العدالة السريعة للسجناء الذين يقضون سنوات شبابهم في غياهب السجون، قبل أن تفيق دولتهم العلية من غيبوبتها وتُعلن براءتهم!