بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيار 2022 07:08ص مكتوفي الأيدي

حجم الخط
حطّت الانتخابات النيابية أوزارها قبل أيام بعد أن شهدت احتدامًا لصراعات طائفية ومذهبية وحزبية أين منها حرب داحس والغبراء. 
اللافت في تلك المرحلة كان انتشار صور المرشحين بأجمل الألوان ومختلف الأحجام على جوانب الأوتوسترادات الدولية والطرق الفرعية وسطوح الأبنية في مختلف الدوائر الانتخابية - والجميع مدرك لحجم كلفة تلك الصور- ولكن ما هو غير معلوم هو كيف وُجدت الدولارات الفريش للصرف مع السقوف المالية المحددة بتعاميم من مصرف لبنان. وما كان لافتًا أيضًا أن كُثر من المرشحين ظهروا في صورهم مكتوفي الأيدي! وفي لغة الجسد تكتيف الأيدي له دلالاته؛ حيث أن هذه الحركة تُعيق تخزين المعلومات في الدماغ وبالتالي يصبح كل ما يتلقاه سطحيًا وفي حالة التأهب للدفاع عن النفس وعدم تقبل وجهة نظر الآخر، وطبعًا هذه الوضعية لا تناسب مهمّات النواب في المجلس النيابي.
اليوم، أول أيام ولاية المجلس النيابي الجديد الذي يُفترض أن يمثّل اللبنانيين الذين كانوا على مرّ تاريخهم أقوى من أن تسحقهم قوة أو ينال من حبِهم للحياة ظرفٌ مهما كانت قسوته، لكنّ الغالبية الساحقة من اللبنانيين التي لم تكترث يومًا لمن لا يستحق، باتت تقف على جمر الانهيار المالي والاقتصادي وتكتوي بالغلاء وفقدان الدواء والغذاء وربما شكّل ذلك حافزًا لهم لقلب الطاولة في صناديق الاقتراع فأتت النتائج ليصل من وصل من الوجوه الجديدة التي تعلَّق عليها الآمال الكبار.
الآن حان وقت تحمّل المسؤولية الكبرى، التي تعهّد ممثلو الشعب في برامجهم بأن يكونوا على قدرِها، وهم مُطالَبون بالعمل الحثيث من يوم إلى آخر لاستعادة ثقة العالم بلبنان الذي وقع ضحية طبقة سياسية استباحت خزينته واستبدّت بأموال اللبنانيين ودفعتهم إلى الهاوية بلا ذنب من أي مواطن شريف. أول الخطوات المطلوبة من أعضاء المجلس النيابي الجديد لا بدّ أن تكون بَدء إقرار الإصلاحات التشريعية ووقف هدر ما تبقى من أموال وممتلكات الدولة واللبنانيين، بعيدًا عن الصراعات وتقاذف المسؤوليات.
في يومهم النيابي الأول، نذكّر السادة النواب بزميلهم الذي دخل مجلس العموم البريطاني قبل قرنين ونيّف (1766-1794) هو المفكر السياسي الإيرلندي والفيلسوف والكاتب  إدموند بيرك Edmund Burke وما عبّر عنه بوضوح بقوله «إن كل ما تحتاج إليه قوى الشرّ لكي تنتصر، هو أن يظلّ أنصار الخير مكتوفي الأيدي دون القيام بعمل ما».
نطلب من السادة النواب أن لا يقفوا بعد اليوم «مكتوفي الأيدي» من أجل أن تصطلح الأمور ونصل إلى واقع جديد يستحق أن نفتخر به، فندفع بالأيام السوداء نحو النسيان.