يبدو أن قدر الحكم الحالي في لبنان أن يبقى مشلولاً، أو على الأقل متعثراً، ومتنقلاً من أزمة إلى أزمة، ومتكئاً على حلول مؤقتة، سرعان ما تُفرّخ أزمات جديدة!
مخاض الموازنة انتهى بالتي «هي أحسن» على مقياس الأحوال الراهنة، وكان من المفترض أن تؤدي هذه الخطوة إلى إعادة فتح أبواب مجلس الوزراء بعد تعطيل دام أسابيع، وفي مرحلة تتناسل فيها المشاكل في البلد على كل صعيد!
حادثة قبرشمون ما زالت تشكّل حاجزاً يعرقل عودة مجلس الوزراء للاجتماع، ولكن جهود اللواء عباس إبراهيم، والاتصالات السياسية المواكبة توصلت إلى تسوية على طريقة: لا يموت الديب ولا يفنى الغنم، تقضي بإحالة القضية إلى المحكمة العسكرية، وصرف النظر عن موضوع المجلس العدلي.
وفي حال استمرار رفض هذه التسوية المتوازنة من قبل فريق النائب طلال أرسلان وفريقه، فهذا يعني أن ثمة نوايا مبيتة لتعطيل الدولة مرّة أخرى، بعد التعطيل المديد الذي حصل إبان الفراغ في رئاسة الجمهورية.
هل يجوز أن يكون استقرار البلد، ومصير مؤسساته الدستورية أسير تعنت طرف سياسي متفرداً، ولحسابات لا علاقة لها بمصالح لبنان، ولا بالأولويات الواجب تنظيمها للخروج من دوّامة الأزمات الراهنة؟
كان من المتوقع أن ينشط مجلس الوزراء بعد إقرار الموازنة في عقد جلسات عمل مكثفة، لتوجيه الرسائل المناسبة لدول مؤتمر «سيدر» بأن الحكومة بدأت تفي بتعهداتها وتوصلت إلى تخفيض العجز في ميزانيتها، وهي جادة في مواصلة خطوات الإصلاح المالي والإداري، بما يتلاءم مع توجهات المؤسسات المالية الدولية بضرورة وقف الإنفاق غير المجدي، وتحسين انتاجية القطاع العام.
ما حدث في قبرشمون أثار تعاطفاً مع الضحايا وعائلاتهم من أكثرية اللبنانيين. ولكن لا يجوز تحميل اللبنانيين تداعيات وأعباء الخلافات السياسية عبر الإصرار على تعطيل مسيرة الدولة والحؤول دون انعقاد مجلس الوزراء!
فهل وراء هذا التعطيل المتعمَّد تدخلات وأهداف مريبة خارجية؟