بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2020 08:10ص هل بدأت رحلة الثلاثة آلاف ليرة..

حجم الخط
الإرتفاع الصاعق أمس للدولار وبلوغه حدود ٢٥٠٠ ليرة داهم إجتماعات الحكومة، أثار المزيد من القلق في نفوس اللبنانيين، الذين يخشون أن يكون هذا الإرتفاع بداية رحلة الثلاثة آلاف ليرة، وبالتالي إستمرار التدهور المتزايد في حياتهم المعيشية.

 المشكلة، والتي تحولت إلى مأساة يومية في حياة اللبنانيين، أن الأزمات المالية والنقدية تتفاقم ساعة بعد ساعة، في هذا الضياع المخيف لدى أهل القرار، وعدم وضوح الرؤية في قمة السلطة. فلا قرار بعد بالنسبة لإستحقاق سندات اليوروبوند، ولا علاج لحالة التوتر السائدة بين المصارف والمودعين الخائفين على جنى عمرهم، ولا معايير محددة لتنظيم حركة الأموال بين البنوك والتجار الذين لا يستطيعون إستخدام أموالهم لفتح الإعتمادات الضرورية لإستمرارية أعمالهم. كل ذلك والإشاعات عن إقتطاعات من الودائع، أو تحويلها من الدولار إلى الليرة، تنهش بعقول الناس، وأفكارهم تأخذهم بعيداً في مشاهد سوداوية، تقضي على ما بقي في نفوسهم من إيمان بغد أفضل في هذا الوطن المنكوب بقادته وسياسييه.

 إذا كان إستحقاق اليوروبوند يتطلب إستشارات دولية، ويتأخر البت فيه لبضعة أيام، فلماذا هذا التأخير في التوصل إلى صيغة بين المركزي وجمعية المصارف لتنظيم التعامل مع المودعين، وإتخاذ بعض الإجراءات التي تُريح أصحاب الودائع وتُطمئنهم على مدخراتهم.

في مثل هذه الأزمة المالية التي تعصف بالبلد منذ بضعة أشهر، ووقوع السلطة في غيبوبة العجز والإفلاس، تعمد الحكومات المسؤولة في حالات مماثلة في بلدان أخرى، إلى إتخاذ تدابير فورية تقضي بتخفيض الفوائد إلى حدها الأدنى، لتشجيع الناس على الإستثمار والحؤول دون الوقوع في الكساد، وما يترتب عليه من تداعيات في مقدمتها تزايد البطالة، كما تعمد البنوك المركزية إلى ضخ كميات من العملة النقدية في الأسواق للحفاظ على الحد المعقول للحركة الإقتصادية والتجارية، فضلا عن توفير السيولة  للمؤسسات المصرفية والصناعية الكبرى مقابل تملك كمية من أسهمها، يتم بيعها بسعر أعلى من الشراء عندما تتعافى مجدداً، وتعود الدورة الإقتصادية إلى دورتها الطبيعية.

 أين الحكومة من هذه الإجراءات الروتينية في مثل هذه الأزمات،.. ولماذا التردد في إتخاذ القرارات الضرورية، الداخلية والممكنة، لتخفيف معاناة الناس والإيحاء ببعض الثقة؟ أم أن المسألة متروكة لرحلة الدولار نحو الثلاثة آلاف ليرة؟