لم يعد الوقت حليف العهد المتصدع، ولا هو في مصلحة الرئيس المكلف، لأن كل يوم تأخير في ولادة الحكومة الموعودة، يترتب عليه المزيد من الإنهيارات، والكثير من التعقيدات والصعوبات التي تجعل من مسألة الخروج من النفق الحالي، عملية شبه مستحيلة.
تعدد اللقاءات في أعقاب الأيام الأولى للتكليف، ظاهرة صحية، بل خطوة ضرورية للتشاور وتقريب وجهات النظر، وتدوير الزوايا في مواقف الرئيسين، اللذين ينتميان إلى نهجين سياسيين مختلفين، ولكن يبقى بالإمكان الإلتقاء في مساحة مشتركة، تفرضها الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد.
ولكن تكرار هذه اللقاءات بعد إسبوع على التكليف ، مثلاً، سيُفرّغ الحوار بين الرجلين من أهميته، وسيُعيد الأزمة الحكومية إلى المربع الأول، وستكون الذكرى الأولى للإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت محطة جديدة في مسيرة الفشل والإنهيار التي تُهيمن على ما تبقى من ولاية العهد الحالي.
لا يتحمل رئيس الجمهورية وفريقه الحزبي والسياسي وحدهم مسؤولية إنهيار البلد وتصدع مقومات الدولة، والطريق المسدود الذي وصل إليه «العهد القوي»، فالأطراف السياسية الأخرى تتحمل نصيبها من الفشل والإنحدار المخيف، ولكن من المفترض أن يكون الرئيس عون وفريقه أصحاب مصلحة أكثر من غيرهم، في وضع البلد على سكة الإنقاذ، عبر تسهيل مهمة الرئيس المكلف للإسراع في تأليف حكومة تكون قادرة على التواصل مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، بهدف فتح باب المساعدات.
لا حقيبة وزارة الداخلية من هنا، ولا وزارة العدل من هناك، ولا حتى وزارات المالية أو الإتصالات أو الطاقة، تستحق أن يبقى لبنان في دوامة الفراغ الحكومي القاتل، ويتجاهل إلحاح الأصدقاء والأشقاء في تقديم حكومة تستعيد الثقة، وتُطلق برنامج الإصلاحات بمقدرة وبجدية، رأفة بعذابات هذا الشعب المقهور.
فهل من يسمع أنين الناس، ويُصغي لإلحاحات الخارج بالتحرك على طريق الإنقاذ..، أم نبقى «صمٌ بكمٌ عميٌ.. فهم لا يفقهون»؟ص