بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 حزيران 2023 12:00ص هل يبدأ الإصلاح من فضيحة باريس؟

حجم الخط
لم يكن ينقص سمعة لبنان في الخارج إلاّ هذه الفضيحة الشنيعة التي إرتكبها السفير اللبناني في باريس رامي عدوان، «حتى يكمل النقر بالزعرور»، ويُشوّه التاريخ المهني الرفيع للديبلوماسية اللبنانية في العالم.
يحصل في العمل الديبلوماسي أن يكون السفير عصبي المزاج مثلاً، أو سريع الإنفعال، أو يكون من أصحاب السلوك القاسي أو المتشدد مع معاونيه من الديبلوماسيين أو الموظفين المحليين، فمثل هذه الصفات تُعتبر من مواصفات الشخصية الإنسانية التي نصادفها في مختلف مجالات الحياة، وفي العديد من القطاعات المهنية. أما أن يكون الديبلوماسي، وخاصة السفير، من أصحاب السجلات الأخلاقية المعيبة، والتي لا تُسيء إلى شخصه وعائلته وحسب، بل تُلحق الأضرار الفادحة بوطنه، وبمناقبية السلك الديبلوماسي كله، فالمسألة عندها تصبح بمثابة وصمة عار على جبين دولته، إذا لم تُبادر إلى إتخاذ أشد العقوبات بحقه، والتي تبدأ برفع الحصانة عنه، أو بسحبه فوراً من البلد الذي إرتكب فيه خطيئته، وتنتهي بقرار حاسم يقضي بطرده من السلك الديبلوماسي.
رامي عدوان لا ينتمي إلى السلك المهني للخارجية اللبنانية. وتعيينه أثار جدلاً حول كفاءته في تولي مثل هذا المنصب الذي يُعتبر واحداً من أهم خمسة حساسة بالنسبة للديبلوماسية اللبنانية، وهي: واشنطن، الأمم المتحدة في نيويورك، باريس، الرياض والقاهرة. ولكن الدعم الذي لقِيَه من وزير الخارجية يومذاك جبران باسيل، فتح له أبواب سفارة باريس، في إطار التعيينات التي تتم بترشيح من رئيس الجمهورية في مطلع عهده، حيث درجت الأعراف أن يختار الرئيس، بشكل شخصي من يراه مناسباً لتمثيل لبنان في عهده في بعض تلك العواصم المذكورة، على أن ينتهي مفعول التعيين بإنتهاء ولاية الرئيس، حيث يعود للرئيس الجديد حق التمديد له أو تغييره.
وكانت تصرفات عدوان الشخصية، ومعاملته الفظة للعاملين في سفارة باريس، موضوع شكاوى عديدة، ولكن الحماية الحزبية من التيار العوني، وعطف الرئيس عون والوزير باسيل عليه، كانا يُبعدان عنه المساءلة، حتى عندما سرِّبت بعض الكليبات على وسائل التواصل الإجتماعي وهو يرقص بطريقة خلاعية لاتليق بما يُمثّل.
بيان وزارة الخارجية عن إيفاد بعثة تحقيق إلى العاصمة الفرنسية للإطلاع على ملابسات ما أثير في الصحافة الفرنسية عن حادثة الإغتصاب الملتبسة، هو بداية التعاطي الجدي بالملفات الشائكة في الإدارة اللبنانية، وإطلاق جرس الإصلاحات المنشودة، بدءاً من وزارة كانت مرتعاً لفريق حزبي واحد طوال سنوات العهد السابق.
فهل ينطلق قطار الإصلاح من المحطة الديبلوماسية؟

د. فاديا كيروز