يبدو ان بلدية بيروت تعاني من خلل في إنجاز أعمالها وقد دخلت زمن عصر النفقات، فالمداخيل قلّت وأصبح سعيها هو للحفاظ على موجودات خزينة البلدية لكي تؤمّن رواتب الموظفين وفاتورتهم الاستشفائية.
وبالتأكيد المطلوب أيضاً من بلدية بيروت أن تحافظ على مرافق المدينة وبناها التحتية والفوقية وتساهم في صمود أهل المدينة الاجتماعي ويبدو ان هناك ملامح مشكلة كبيرة في توفير ما هو مطلوب، فالمشاريع المقررة والمشاريع المنجزة دراستها وايضاً تلك الجاري تنفيذها أصبحت في خبر «كان» وفي غيبوبة تامة، فالمتعهدون جمّدوا الأعمال وسحبوا آلياتهم ومعداتهم من مواقع العمل كما حصل مؤخراً في موقع حديقة المفتي الشهيد حسن خالد، واعطال الأرصفة والشوارع وصيانة المزروعات والوسطيات والتصليحات الحديدية تتراكم ليصبح العطل الصغير عطلاً كبيراً ظاهراً للعيان، وزاد الطين بلّة وقوع انفجار المرفأ المأساوي الذي دمّر منطقة كاملة عزيزة على قلوب أهل بيروت مما أوجب وضع تأهيل ما تهدّم فيها في أولى الاهتمامات لعودة أهلها إليها.
مصادر بلدية رأت ان تداعيات الانفجار ليست السبب الرئيسي لاهمال مرافق بيروت فهناك خلل كبير في مسار العمل، فالمتعهدون انكفأوا تحت مسمى ارتفاع سعر صرف الدولار وعلاقاتهم مع بلدية بيروت مهتزة وستواجه بلدية بيروت مع بداية السنة الجديدة غياباً تاماً لعقود الصيانة وستلجأ لمبدأ السلف المالية ولأعمال الترقيع وستصاب المرافق بالاهمال التدريجي الذي سيظهر أكثر جليّاً للعيان.
وأوضحت المصادر البلدية: بلدية بيروت أصبحت كالرجل الذي يريد أن يداوي غيره وهو مريض، فمقرات البلدية ومصالحها ودوائرها وثكناتها ولغاية تاريخه لم تشهد أعمال التصليح المطلوبة بعد انفجار المرفأ، فمقر الإطفاء ومقر الحرس والدوائر شبه محطمة لا شبابيك ولا أبواب، والعاملون فيها يكابدون مع «النايلون» البديل لتمرير فصل الشتاء، وحتى القصر البلدي تمّ تصليح جزء منه عن طريق سلف مالية تحمل عنوان: «زجاج وشبابيك»، ولم تسلم من اعتراضات أهل البيت أنفسهم وكان اللجوء إلى السلف كأس مرّة لتلافي الروتين الإداري القاتل وسعياً للتوفير على خزينة البلدية.
وختمت المصادر البلدية: الآتي أعظم وبيروت ومرافقها وبناها التحتية والفوقية وطابعها التراثي في خطر وعلى المعنيين في بلدية بيروت جدولة الأعمال حسب الاحتياجات، فإعمار ما تهدّم واجب يجب أن تشترك فيه كل مؤسسات الدولة والبلدية من بينها لأن نتاج الكارثة أكبر من أن تحمله البلدية وحدها، وان بناء مقرات البلدية واجب لينتظم عملها، وإنجاز المشاريع الملحّة وصيانة المرافق واجب لتنتظم حياة النّاس، فالمطلوب توفير جهوزية المرافق وصيانتها وتطبيق تدابير السلامة وإلا قد نشهد كوارث وتكرار لمشهدية «فسوح» وطوفان الرملة البيضاء وانفجار الطريق الجديدة، فهل تستدرك بلدية بيروت الأمور للحفاظ على ما تبقّى من رونق بيروت وطابعها؟