«لبنان يشتعل» ساحلاً وجبلاً شمالاً وجنوباً والحرائق تتسبب بكارثة وتطيح بصورة لبنان الأخضر وسط عجز رسمي واضح وغياب الخطط ونقص في المعدات والتجهيزات المخصصة لمكافحة الحرائق، أوجب طلب المساعدة من الدول الشقيقة والصديقة.
عجز رافقه ذعر عاشه المواطنون الذين خسروا منازلهم وممتلكاتهم وهجّرتهم ألسنة اللهب إلى دور العبادة ومنازل الاقارب وسط استياء ترجمته تكبيرات المساجد وقرع اجراس الكنائس والمترافق مع سقوط الضحية الأولى «للنخوة» حيث توفي الشاب سليم أبو مجاهد اثر نوبة قلبية بعد ان ساعد في إخماد الحرائق في بتاتر.
الحرائق التي اندلعت وغطت معظم المناطق اللبنانية واكبتها جهود حثيثة لاخمادها شاركت فيها طوافات الجيش اللبناني والطوافات القبرصية التي نفذت طلعات طوال النهار بانتظار وصول طوافات يونانية واردنية تحمل معها معدات متخصصة.
الجهود الجوية واكبها جهد على البر حيث عملت فرق الدفاع المدني والجيش اللبناني والصليب الأحمر والبلديات وفرق الإطفاء المساندة القادمة من بيروت وطرابلس وصيدا والأحزاب والجمعيات اللبنانية والفلسطينية والأهالي وقوات اليونيفل على المشاركة في عمليات إخماد الحرائق الذين واجهوا صعوبات بسبب سرعة الرياح ووعورة المناطق التي طالتها الحرائق وعدم تمكن سيّارات الإطفاء من الوصول إليها لتتركز الجهود بشكل رئيسي على عمل الطوافات.
«لعنة» الحرائق النهارية بددتها «نعمة» الأمطار المسائية حيث تساقطت الأمطار المسائية بدءاً من الساعة السادسة مساءً على منطقة الشوف وإقليم الخروب والمناطق وصولاً إلى بيروت وسط حال من الارتياح لدى المواطنين لتساهم هذه الأمطار في انحسار الحرائق بشكل كبير.
على الصعيد الميداني لخريطة الحرائق المندلعة والتي كان يتجدد بعضها وتم إخماد البعض الآخر، فقد استيقظت المناطق اللبنانية على سلسلة حرائق التهمت الاحراج وطالت المباني والمساكن والجامعات والمدارس بدءاً من منطقة المشرف لتمتد لاحقاً إلى الدامور والدبية ومزرعة الضهر وبعورتة والناعمة ودقون وكفرحتى ودميت.
الحرائق طالت المناطق الجنوبية حيث اندلعت حرائق في بلدتي معركة وجناتا وتل النحاس - برج الملوك ووصول الحرائق إلى السياج التقني عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وكذلك إلى منطقة الصوانة وبليدا حيث تسببت الحرائق في انفجار الألغام في غاصونة.
وقد أفاد الزميل جمال خليل ان سلسلة الحرائق طالت بلدات جويا وصريفا والمنصورية والشهابية وقانا وبافليه ومعركة ويانوح حيث عملت فرق الدفاع المدني بالتعاون مع كشافة الرسالة الإسلامية وفرق البلديات على اخمادها والسيطرة عليها.
كما أفاد الزميل سامر وهبي في النبطية عن اندلاع حريق في احراج الصنوبر في تلة نادي الشقيف المطلة على النبطية حيث أتت النيران على عدد من الأشجار قبل ان تعمل عناصر الدفاع المدني على اخمادها قبل ان تتوسع، كذلك طالت الحرائق طريق عام عدشيت - كفردجال - شوكين، حيث تمكنت فرق الدفاع المدني من مركزي كفرصير والنبطية من محاصرتها.
النيران تسد الطرقات ودخانها يحجب الرؤية
الحرائق لم توفّر المناطق شمالاً حيث شب حريق في خراج جديدة القيطع وحرج زغرتغرين في الضنية وامتدت إلى المناطق الحرجية الواقعة اسفل الوادي الفاصل بين البلدة وبلدة دير نبوح المجاورة، كما طالت الحرائق تول والشيخ محمّد وابزال والروضة وبطرماز في الضنية وخربة داود وخربة شار في عكار.
بدورها منطقة قرنة الحمرا ومزرعة يشوع لم تسلم من الحرائق والتي تمكنت الفرق من السيطرة عليها.
أعمال إخماد الحرائق واكبها المعنيون ميدانياً حيث تفقد وزير البيئة فادي جريصاتي مناطق المشرف والدامور ومزرعة يشوع واطلع على حجم الاضرار وأجرى اتصالات مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون الذي أكّد له وضع 8 طوافات للجيش في الخدمة لاخماد النيران في مختلف المناطق اللبنانية.
كما تفقد الوزير جريصاتي منطقة قرنة الحمرا ومزرعة يشوع وعقد لقاء مع مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار في غرفة العمليات المتنقلة.
وعن طلب رئيس الجمهورية فتح تحقيق في الحرائق قال جريصاتي: الوضع كارثي وهناك حرائق اندلعت عند الساعة الواحدة فجراً وفي هذا الوقت لا تكون الشمس هي التي اشعلتها وعلينا انتظار التحقيق في القوى الأمنية وإذا كان أحد افتعل الحرائق فهو مجرم ويستحق أقصى عقوبة.
بدوره رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمّد خير تفقد الحرائق في المشرف مؤكداً ان الرئيس الحريري يواكب أعمال إخماد الحرائق وان إقرار التعويضات يصدر عن مجلس الوزراء وسنبدأ العمل فوراً ونترك للجيش قرار الكشف على الاضرار، طالباً من كل بلدية تقديم لائحة بالمتضررين بالسرعة الممكنة.
عناصر الدفاع المدني والبلديات يخمدون النيران المندلعة في المشرف
قائمقام المتن مارلين حداد تفقدت برفقة فريق عمل ورؤساء بلديات زكريت مكان الحريق في منطقة قرنة الحمرا ومزرعة يشوع واطلعت ميدانياً على التدابير المتخذة للسيطرة النهائية على الحريق ومنع تجدده.
الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر توجه إلى منطقة الشوف ليواكب عمليات إطفاء الحرائق من خلال غرفة العمليات المتحركة الوطنية التابعة لفرقة إدارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء.
النائب تيمور جنبلاط تفقد بلدة ضهر المغارة واطلع على سير عمليات الإطفاء، كما زار وفداً من الحزب التقدمي بلدية المشرف والتقى رئيسها زاهر عون وأعضاء المجلس البلدي في حضور نائب رئيس مجلس بلدية الدامور طوني نصر واطلع منهم على أوضاعهم جرّاء الحرائق. الحرائق تسببت باضرار في الممتلكات والبنى الفوقية حيث أعلنت شركة أوجيرو عن تضرر كابلات واعمدة وموزعات وكذلك طالت الحرائق أعمدة الكهرباء حيث استوجب الأمر عزل محطات لبعض المناطق لتسهيل عمليات إخماد الحرائق. ومواكبة لعمليات إخماد الحرائق أصدرت البلديات تعاميم وقائية طلبت خلالها التبليغ عن بداية نشوب أي حريق حيث أفادت الزميلة نانسي جبرايل يونس ان بلدية بلاط أصدرت تعميماً حول مخاطر الحرائق داعية سكان البلدة بوجوب الامتناع عن اضرام النيران لأي سبب، محذرة من اعداد المشاحر حفاظاً على السلامة العامة تحت طائلة الملاحقة القانونية، حيث أكّد رئيس البلدية عبدو العتيق على دعم المؤسسات الإنسانية في الصليب الأحمر والدفاع المدني وكل المؤسسات التي تحاكي وجع الإنسان.