بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 حزيران 2022 12:00ص أوراق بيروتية (68).. كرْم العيتاني في رأس بيروت وكرْم الغزاوي في رأس النبع

صورة أبو سعد الدين الغزاوي صورة أبو سعد الدين الغزاوي
حجم الخط
الكرْم وفقاً للبستاني هو أرض منقاة من الحجارة وصالحة للزراعة، ونرجح ان أصل تسمية الكرم والجلّ هي تسمية ريفية جبلية وان البستان والجنينة والحديقة تسميات ساحلية مدنية. نذكر ان أجمل رحلة قمنا بها كانت سيرا على الأقدام من مدرسة عثمان ذي النورين الابتدائية الى كرم رحال عند العدلية لجمع الحميضة ورؤية الناعورة. ذُكرت عدّة كروم في الوثائق منها كرم دسوم في زقاق البلاط، يُذكر ان الأروام عندما هاجموا بيروت سنة 1826 أخذوا معهم عدة أسرى من شباب بيروت كان منهم واحد من آل دسوم.
ومنها كرم العيتاني، ففي الثامن عشر من شهر صفر الخير سنة 1259هـ/ 1843م باع أسعد الرجي الى حسين بن صالح العيتاني كامل الجلين المفرزين من بستان والد البائع بأرض سهوم الحمرا بمزرعة راس بيروت المحدودين شمالا بكرم العيتاني، أما محلة السهوم الحمرا من أشهر الأماكن في راس بيروت فتحدد موقعها من الوثيقة المؤرخة في آخر جمادى سنة 1263هـ/ والتي اشترى فيها عبد الوهاب الغلاييني من بكري ابن الحاج صالح بازار باشي الداعوق كامل جب التين الكائن بأرض السهوم الشهير بالقرب من عين شوران.

وفي الوثيقة المؤرخة في ربيع الثاني 1264هـ/ 1848م باعت منصورة وزهرة، بنتي علي العانوتي، قطعة أرض مفرزة من كرم بني العانوتي الكائن بمزرعة المصيطبة المشتملة على غراس توت وبري وفواكه الى أولاد قاسم القوتلي: عبد القادر وعبد الرحيم ومريم ووالدتهم سعدية صالح طبارة.
وفي السابع من شهر جمادى الأولى سنة 1259هـ/ 1843م توافق جرجس ونقولا متري حبيب وشركاهما على ثلاث أودات في محلة المصيطبة منها أودة بيت أرسلان التي يحدّها شمالا كرم البتروني وغربا كرم سماط ومنها أودة الميرة التي يحدّها شمالا كرم سليمان اللادقاني وشرقا كرم سركيس. وفي الثالث من شهر ذي الحجة سنة 1259هـ/ 1843م باع إلياس منصور البتروني الى جرجس فارس حبيب اثني عشر قيراطا من الدوارة بمزرعة العرب يحدّها قبلة كرم الجلبوط.
كروم الزيتون
الزيتونة شجرة مباركة قديمة العهد في بيروت وهي نبتة معمّرة تقاوم عوامل الطبيعة ولا تحتاج لعناية كبيرة. لعل أقدمها في بيروت زيتونة ميناء الحسن وقد ذُكرت بمحلة الزيتونة أو مزرعة الزيتونة. ومما بقي من مواقع الزيتون في بيروت المحلة المعروفة بكرم أو كروم الزيتون في محلة الأشرفية، وقد أطلق اسم كرم الزيتون على محلة ثانية في محلة النويري الحالية فتح فيها سليم أسعد صالح سنة 1878م مدرسة في حارة الشيخ عمر الفاخوري لتدريس اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والحساب وحسن الخط.
قد ذكر الزيتون في عدة مواقع، ففي ذي القعدة سنة 1273هـ/ 1857م باع لطف الله التيان الى تقلا عرب قطعة من الأرض الجارية بماك البائع المعروفة سابقا ببني العويني الكائنة في حي الدحداح بالقرب من زيتون بني دندن، يحدّها قبلة ملك الشيخ عمر الفاخوري وغربا ملك محيي الدين دندن وزوجته.
وفي غرّة صفر الخير سنة 1269هـ/ 1853م حصل نزاع في شهر رجب 1267هـ/ 1851م حول قطعة أرض مشتراة من حسن محرم وشقيقته زوجة رسلان عفرة ووالدته حليمة بنت مصطفى مكّنيها والقطعة مفرزة من البستان الكائن عند كروم الزيتون في أرض الكراوية خارج المدينة.
وفي الحادي عشر من شهر جمادى الأولى 1297هـ/ 1880م قامت مريم بنت انطانيوس المعرّفة من اندريا الرومي زوجها جرجس طاسو ببيع قطعة الأرض الكائنة في زقاق دندن من محلة كروم الزيتون خارج بيروت.
كروم رأس النبع
عرفت محلة راس النبع عدة كروم ونواعير، أدركتُ واحدة منها في كرم الغزاوي، كما أدركتُ من الكروم كرم أبو علي طبارة. وبقايا كرم الحاج مصطفى الغزاوي أبو سعد الدين الذي اشتهر بجلسته في حديقة كرمه قرب الناعورة في ظلال شجرة ياسمين يروي ذكرياته لأصحابه من أهل المحلة، وقد كان من مريدي الطريق الصوفية المعروفة بالسعدية نسبة لسعد الدين أو الجباوية نسبة لقرية جبا السورية، ومن مروياته:
سعد الدين في جبا وأهالي الشام راحوا لو
حتى الحيايا ووحوش البر طاعوا لو
جابوا المكرسح لبيت سعد الدين وحطوا لو
قام المكرسح مشي بإذن الله والأقطاب شهدوا لو
***
عاجز وعيان دلّوني على باب جودكم
يا أهل الحسب والنسب لا تكسروا خاطري
روح معاي جبا لورّيك شيخي ومشايخي
لورّيك سعد الدين قوي العزايم
بلى والله لو ولدوا حوران بالعود والبنا
لهجم عليهم يا بو علي من فيض المدامع
***
يا بيت سعد الدين غيره والنبي عظمى
عظمت علينا المصايب يا بو علي والنبي عظمى
أيا سنجق القوم انظر لدرويشك
أنت الجباوي ومين يقدر لتشويشك
والعجز اللي برك بإذن الله شالوه دراويشك
***
يا راحين عا جبا لفّوا عمايم بيض
وسلّموا على الشيخ الجباوي أبو قبتين البيض
قعدة حِدا شباك النبي يا شيخ لا نكد ولا تنكيد
أحلى من المال وأحلى من ليالي العيد
***
يا بيت سعد الدين ديروا بالكم علينا
نحنا العواجيز يا بو علي ولو طالت أيادينا
أنتم سيّاد لنا وأنتم موالينا
والباد يشهد طول الدهر حامينا
***
كانت غالب عقارات آل الغزاوي في محلة راس النبع، وتبرّع أحدهم - عمر غزاوي (والد عبد الله أحد مؤسسي جمعية المقاصد) ببناء جامع راس النبع عثمان بن عفان رضي الله عنه. وكان صديقا لوالي سورية مدحت باشا حمل إليه جردة بالأوقاف التي طلب تسليمها لجمعية المقاصد واستحصل على توقيعه عليها. وكانت المحلة بقسميها الشرقي والغربي (حدثت هذه التسمية بعد فتح طريق الشام) تتضمن عدة كروم وبساتين منها «كرم الغزاوي» الذي سُمّي الشارع في المحلة بإسمه وكان بتملّك محمد الغزاوي ورثه أولاده خديجة زوجة مصطفى الفاخوري وفاطمة زوجة عبد الله شبقلو وأحمد غزاوي.
وظهرت أسماء بعض أفراد أسرة الغزاوي في وثائق خاصة بالمحلة المذكورة.
ففي الوثيقة الشرعية المؤرخة في السابع والعشرين من شهر صفر الخير سنة 1259هـ/ 1843م حضر إلى المجلس الشرعي إبراهيم بن مصطفى مكّنيها وكيلاً عن آمنة بنت إبراهيم جمال الدين بشهادة الأخوين الحاج خليل والسيد درويش ولدا المرحوم الشيخ رجب الغزاوي، وباع الوكيل إلى وردة بنت يوسف اده زوجة يوسف البدوي التي قَبِلَ عنها الشراء الحاج خليل الغزاوي، الأودة المفرزة من بستان بني جمال الدين المعروفة بأودة بئر السّت الكائنة بمزرعة رأس النبع يحدّها قبلة ملك بنات معوض كرم وتمامه ملك أولاد حسن القيسي وشرقاً ملك زوج المشترية وتمامه ملك علي بن أحمد جمال الدين وغرباً الطريق السالك. وكان بين شهود الوثيقة الحاج إبراهيم الغزاوي.
وتبيّن من السجلات العقارية للعقارين 1016 و1017 المزرعة (رأس النبع) أنهما كانا بتملّك سعد الدين بن مصطفى غزاوي وسعد الدين بن مصباح غزاوي.
يُذكر أن الحاج خليل الغزاوي (توفي سنة 1930م) أحد رؤساء نوتية بيروت، كان يملك قطعة أرض في محلة رأس النبع، عُثر في حديقة البئر التابع لها سنة 1931م على بقايا جثة نديم المصري الذي اتهم بقتل الدكتور عبد الله المدور سنة 1926م.

* مؤرخ