بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تموز 2021 12:00ص أيها المعنيون في بلادنا... لعنات الله عليكم...

حجم الخط
تعلّمنا منذ نعومة أظافرنا أن المسؤول في أي مركز أو منصب كان هو الإنسان الذي يشتغل بهموم أهله ومجتمعه ويسعى إلى دراستها وتحليلها وتقديم الحلول الفاعلة والناجحة التي تساهم في تخفيف وطأتها على الناس كل الناس، والهدف تحقيق العدل ولذلك ما من دائرة حكومية أو مركز عام إلا ووجدنا في مكاتبه تلك العبارة الشهيرة (العدل أساس الملك)..

وتعلّمنا أيضا - وللأسف من ألسنتهم - أن من لم يهتمّ بأمر الناس وما ألمّ بهم من مستحدثات ونوازل ومصائب وأزمات طالت مجتمعهم ليس منهم.

ولكن مع مرور السنوات وتكاثر الفتن والبلاءات على بلدنا خاصة، وجدنا القسم الأكبر والأعمّ من هؤلاء الذين شنّفوا آذاننا بأصواتهم يعملون بعكس ما تعلّمنا، بل وأكثرهم يلتزمون الصمت ويفضّلون السكوت.. على اعتبار أنه من ذهب..؟!

وفي خضم هذا السكوت المشين عن كل ما يجري في المجتمع من جرائم إنسانية لا يرضى بها دين ولا شريعة ولا قانون انتظر الناس طويلا سماع كلام هؤلاء ليلتقطوا بصيص أمل منه، فإذا بالمتحدثين بدلا من أن يقولوا الكلام الطيب الإيجابي تفاجأوا بعبارات تزيد من المصائب وتكثر البلاء في المجتمع.

العرج العقلي عند المسؤولين

إذن.. الشعب اللبناني اليوم أمام حالة من «العوج الفكري» و«العرج العقلي» الذي استقرّ في عقول كثير من المسؤولين وتحكم في تصرفاتهم، فتأصّل الجهل بدلا من العلم، واستوطنت النزعات العصبية والطائفية بدلا من تغليب مصلحة المواطن، وتحكّمت المصالح الخاصة بدلا من مصلحة البلاد العليا، ثم جاءت كارثة الكوارث.. وأعلن كل طرف أنه على حق وأن الآخر على باطل منكر..؟!

ومن هنا تبدّلت الدلالات... واختلفت معاني الكلمات... وألبست العبارات ما لا تحتمل من الأبعاد...

فخطاب أحدهم «أيها اللبنانيون» لم يعد يعني ما نفهمه، وإنما يقصد أنصاره فقط..!!

ومصطلح «أيها الشعب اللبناني العظيم» الهدف منه أتباع المتكلم فحسب..!!

والمفارقة أنهم جميعا يدّعون محاربة الفتنة.. ومواجهة الفساد.. والتصدي للانهيار وأنهم لن يألوا جهدا في سبيل تحقيق مصلحة الوطن، بينما الواقع وبكل أسف يشهد بعكس كل ما يقولون.

إذن أيها السادة الأفاضل... مأساتنا الحقيقية اليوم... ليست ممن يتكلم الانجليزية أو الفرنسية أو الروسية أو غيرها.. وإنما ممن يتكلم اللهجة اللبنانية..؟!

كارثتنا اليوم.. هي بسبب من ارتدى لباسنا.. وأتقن لساننا.. وعاش بيننا... وأكل طعامنا... ووصل بأصواتنا... ثم خرج علينا بخطابات وفزلكات تؤلب اللبنانيين على بعضهم البعض، وتحرّضهم على أنفسهم وتبيح لهم قتل النفس التي حرّم الله أذيّتها.. فكيف بقتلها..!!

إننا وبكل وضوح ننادي كل لبناني يرى في نفسه ذرّة من الإيمان بالله تعالى، أن يتخلّى عن العصبية والمذهبية وعن التبعية والانقياد لهؤلاء وأن يعود إلى لبنانيته، بل نقول له أعلن عن معارضتك ومخاصمتك وبراءتك من كل هؤلاء الذي لا هم لهم سوى مصالحهم ولو على حساب حياتك وحياة أولادك..؟!

تخلٍّ عام وشامل

والكارثة أنه في الوقت عينه.. ما زال الخطاب الفتنوي المشحون من مختلف الأطراف وبكل الأفكار العدائية مسيطرا على الساحة حتى أوشكنا على الاعتقاد بأنه «كالتبولة» من تراث لبنان.. الأخضر سابقا.. والأسود حاضرا..؟!

وفوق كل هذه المصائب نرى الإعلام لا يقوم بدوره كما ينبغي...

ونرى دور العبادة لا تمارس الأدوار المطلوبة منها..

ونرى كثير من العلماء ورجال الدين لا حس لهم ولا صوت...

بل الكل يتخبط في أمواج الانهيار المسيطرة دون اعتراض فعلي أو عمل إيجابي، وإن كان بعضهم وللأسف الشديد أصبح متقنا للسباحة فيها..؟!

فلهؤلاء وأمثالهم وأعوانهم نقول...

أيها المعنيون في بلادنا في كل المراكز والسلطات والمسؤوليات..

لعنات الله عليكم...

فلقد عملتم بكل مكر حتى حققتم أسوأ ما في النفس البشرية عند المواطن اللبناني...

حققتم فيه الرضى بالذل والانكسار والهوان والمهانة فقط.. في سبيل تأمين لقمة عيش أطفاله أو علبة دواء لأبنائه..

حققتم فيه قتل العزّة والكرامة حتى أصبح ذليلا على طوابير البنزين والدواء والغذاء والمستشفيات...

وإن كان الله تعالى قد أخبرنا عن إبليس فقال: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ} فإنا نراكم في بلادنا تأخذون دور ابليس وتحققون مراده وأنتم تفتخرون..؟!

فيا من كنت - وما زلت - سببا في إفقار الناس وسببا في آلام الناس وأوجاع الناس ومعاناة الناس ومأساة الناس... بينما أنت تتنعّم في قصورك غير آبه بما يحصل من حولك..؟! نعم.. عليكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.. وإن غدا لناظره لقريب..؟!

أخبار ذات صلة