بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 حزيران 2021 12:01ص أيها الميت الذي أُطلق عليه «المواطن اللبناني»..؟!

حجم الخط
ورد في سنن إبن ماجه عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: «ألا لا يجني جانٍ إلّا على نفسه ولا يجني والد على ولده ولا مولود على والده»..
وحين نقرأ هذا الحديث النبوي فنتأمّل معانيه ونتدبّر فيه ثم نحاول أن ننزله على أرض الواقع في الزمن الذي نعيش فيه فسنصاب بصدمة كبيرة، نظرا لكمية الظلم الفادح الذي أوقعناه على أنفسنا كشعب لبناني لم يتقن إلا الجناية على نفسه؟!
فالمجتمع اليوم في لبنان - وبكل أسف - لم يعد يعمل إلا على ظلم نفسه وظلم أهله وأولاده وجيرانه ومحيطه دون أي مراعاة لمخاطر وأبعاد هذا الظلم على المدى القريب والبعيد.
والأسوأ أن أي محاولة للإصلاح تقابل بالعداء العلني وكأن المعنيين قد اعتادوا على الأعوجاج وأدمنوا الحَوَل الفكري، وكرّه إليهم الصواب فأضحوا لا يعملون إلا لمصالحهم وإن خربت أحوال الأمة..؟!
نعم.. نحن - وأعني اللبنانيين جميعا - نعيش في كارثة فكرية واجتماعية وثقافية وحياتية كبيرة وإن لم نعمل بكل قوة وجهد وإخلاص فالنتيجة خطيرة جدا جدا جدا..
فلقد أوقعنا أنفسنا بأيدينا وبسوء أعمالنا في حفرة عميقة ثم قطعنا حبل الصعود منها... ورحنا نشكو ضعف قوتنا وقلّة حيلتنا..
فنحن... من سكت عن الظلم... وناصر الضيم... وتزلّف للباطل طمعا في صيد «ثمين» أو عطاء «سمين»... حتى تهدّم المبنى على رؤوسنا جميعا وذهب الصالح بسوء الطالح، وانقلب السحر على الساحر..
نعم... نحن بحاجة إلى «نفضة».. إلى «ثورة».. إلى وقفة حق... إلى تصحيح للمسار... إلى إعادة تأهيل صورة الشعب في أذهان العالم كله حتى لا نصل إلى زمن - وأراه قريبا - يصبح كل لبناني حر وشريف مُدان حتى تثبت براءته...؟!
والكل مطالب بتحمّل المسؤولية..
والكل مطالب بتحسين الصورة..
والكل مطالب بحسن أداء العمل..
وأيضا.. الكل مطالب بإخلاص الانتماء للوطن.. لا لزعيم ولا لغيره...؟!
إننا وبكل صراحة.. نعاني وفي كل المستويات، السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والدينية، من غياب تام لمبدأ العمل الصالح والقول السديد، وهذا بضرورة الحال يعني غياب الخطة الرشيدة التي من المفترض أن تكون في حياة كل إنسان، وإلا عاش - كما يعيش معظم الشعب اللبناني اليوم من حولنا - في تخبّط تام وعشوائية مطلقة وذلّ واضح..!! والغريب أن «العبقرية اللبنانية الفذّة» قد حوّلت هذا الفساد الجليّ إلى نظام له أصوله وثوابته، بل وله أمجاد ومآثر التي تلقى كل يوم على مسامع الناس..؟!
نعم أيها السادة... نحن أصحاب التاريخ والجغرافيا والحضارة والخبرات والعلوم والبلاد الخيّرة ولبنان الأخضر «سابقا»... ولكن لسنا أبدا أصحاب موهبة في «فهم» هذا الإرث الكبير ولا في حسن التعامل معه ولا في شرف الحفاظ عليه وتنميته..؟!
نحن الأرض التي عليها كانت الرسالات... ونحن أيضا الأرض التي عليها تناحر أبناء من «ادّعوا التحدث بإسم الرسالات»... فقط لتحقيق مصالحهم الذاتية..؟!
نحن - وآه من نحن - من حرّف التعاليم الدينية وشوّه القيم الإنسانية لينعم بلذة شخصية راح في سبيلها عشرات الألوف من الضحايا..؟!
ونحن طبعا - وألف آه من نحن - من لهدف شخصي أضاع مصالح وطن كامل بشعبه وخيراته وتاريخه...؟!
أما قمة «الكوميديا اللبنانية» أن كلا منا ما زال حتى اليوم يرتدي ثياب الوطنية ليقف في الصفوف العيش والبنزين والدواء والطبابة وغيرها من الطوابير ثم يغنّي «بحنجرة طائفية شاذة»... نحن لبنانيون..!؟!
أيها السادة.. لقد كتبنا مرارا ونعود ونكتب لنقول... إن الحياة في لبنان أصبح دوامة من الأخطار.. فإما أن نتحرك.. وإما نحن أول المذنبين... وأيضا أول الضحايا..؟!
نعم.. نحن مع مرور كل يوم نثبت أننا نزداد بُعدا عن إنسانيتنا لنضيف على سجلات «إنجازاتنا» بندا جديدا ندوّن فيه غربتنا عن عدالة السماء التي أمرنا بها..!؟
مع مرور كل يوم نرضى فيه بالذل الحاصل من حولنا فنحن نؤكد سطحيتنا.. وأنانياتنا.. وجهلنا.. وتعصّبنا الأعمى.. وطائفيتنا البغيضة.. وإساءتنا لأنفسنا.. وتشويهنا لكل معاني الإنسانية والوطنية..؟!
ولذا.. دعوة مباشرة نطلقها فنقول... إما أن نستيقظ من هذا السبات المخزي الذي أصابنا فنبدأ فورا بالعمل والإصلاح والرقيّ وبناء المواطن الإنسان والحضاري... وإما سنبقى في حفرة «اللاشيء» التي حفرناها بأيدينا.. لنكون بين الأمم كما نحن اليوم بكل أسف «لاشيء»..!؟
وكما قيل:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ... ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ