بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2021 12:02ص إلى أي أمّة ننتمي؟!

حجم الخط
أصبحت وبكل صدق أقول.. فيّ شك كبير من صدق انتمائنا إلى الأمة الإسلامية التي نتغنّى بمجدها منذ قرون وقرون..؟!

وسبب شكي هو أن كل ما يحيط بنا من مجالات حياتية واجتماعية وثقافية وسياسية ودعوية وصحية و... تثبت بما لا يدع مجالا للشك أننا ندّعي شرفا لم نعمل لنستحقه، وأننا فعلا نقول ما لا نفعل..؟!

والأغرب أننا خدعنا أنفسنا بتلك الأقوال.. فصدّقناها..؟!

قلنا نحن صنّاع الحضارة.. ووقف تفاعلنا مع حركة الحياة عند الماضي السحيق..؟!

ادّعينا أننا علّمنا العالم الغربي من علوم سلفنا الصالح... فأصبحنا نحن اليوم الجاهلين الذين يهرولون إلى الغرب ليتعلّموا ولو اليسير منهم..؟!

تتمزق «أوتارنا الصوتية» ونحن نصرخ في وجوه العالم كله لنقول (ديننا دين الأخلاق والإنسانية).. بينما اليوم حياتنا «حياة السفه» وقانوننا «قانون الغابة»..؟!

أي منطق وأي فكر هذا الذي تلصص إلى دواخلنا فتقلبت حياتنا وبتنا عالة حتى على ديننا..؟!

غرباء عن رسولنا

والمبكي أننا نسمع كل يوم حناجر جهورية تصدح لتقول للناس {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}..

فهل تيقّنا فعلا أن التأسيَ برسول الله  صلى الله عليه وسلم لا يكون في جانب دون جانب، ولا في ناحية دون ناحية، ولا يكون في الدين دون الدنيا، بل إن التأسي به  صلى الله عليه وسلم واجب في الدين والدنيا، والعبادة والمعاملة، والأخلاق والآداب، والسلم والحرب، والأمن والخوف.. وبكل شيء مهما كبر أو صغر..؟!

فالنبي  صلى الله عليه وسلم هو الأسوة الحسنة في معاشرته لأزواجه وهو الأسوة الحسنة في أخلاقه فقال الله له {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فهل أخلاقنا كما أراد النبي  صلى الله عليه وسلم...؟!

خاطبه المولى تعالى فقال له: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.. فهل تعاملاتنا وعلاقاتنا قائمة على الرحمة واللين والعفو والمشاورة...؟!

أمرنا الله فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}.. فهل نحن أوفياء في عهودنا..؟!

روى أنس بن مالك رضى الله عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «خدمته عشر سنين، ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لشيء فعلتُه لِمَ فعلتَه؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا؟».. فكيف علاقتنا بمن هم دوننا..؟!

رسولنا  صلى الله عليه وسلم بيّن لنا فضل العلم في كل مجالات الحياة.. فهل أحسنّا العلم والتعلّم والعمل بالعلم..؟!؟

لم نسمع من الكثير من حولنا إلا أنهم أحفاد أبو بكر وعمر وعلي وعثمان...

وأنهم أجداداهم وآباءهم قد صنعوا حضارة وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها...

ولكن هؤلاء في حاضرهم لم يكونوا إلا أعلان سيئ ونموذج مشين عن هذه الحضارة..

أجدادنا ورّثونا أمة... حوّلناها بجهلنا وجمودنا وتخلّفنا إلى جماعات كثيرة.. متفرقة ومتناحرة أسقطت معاني التقدّم والتحضّر من قاموسها..

نحن بكل أسف حتى في التعامل مع إرثنا فاشلون...

حتى في الاستفادة من تركة أجدادنا وآبائنا متأخّرون..

حتى في المحافظة على عمران السلف.. هدّامون...

الفرج آتٍ ولكن..؟!

ولكن هل سيبقى الوضع خاضعاً للمقولة الأشهر التي تجسّد تخلّفنا... مقولة (يبقى الوضع على ما هو عليه..)..؟!؟

هل سيستمر الحال على حاله..؟!

كلا... فرغم كل النظارات السوداء التي استقرّت على أنوف شعوبنا سوف يتغيّر الواقع في أمتنا إلى الأحسن وإلى الأفضل.. {وَلَقَد كَتَبنا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ}..

هذا وعد الله لنا.. فهل حقق المطلوب حتى ننال الوعد؟!..

الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.. فهل نصرناه قولا وعملا..؟!

قال تعالى {مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَيَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.. فهل حققنا التقوى في كافة أمور الحياة..؟!

وقال أيضا عزّ من قائل {إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم}.. فهل فعلا نريد التغيير أم فقط ندّعيه..؟!

أيها السادة الكرام...

لا يتنطحن أحد فيقول نحن نحارب الفساد والشيطنة والانقلاب الحاصل من حولنا بكثيرة الصلاة والصيام والأذكار، فللّه تعالى في أرضه سنن من يخالفها يخسر... ومن سننه أن الصلاح والإصلاح في أمور الدين و الدنيا متلازمين... ولذلك قال تعالى أن من دعاء المؤمنين {ربَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً.. وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً}...

أيها السادة الكرام...

ويبقى السؤال الذي علينا جميعا أن نسعى للإجابة عليه عمليا وليس قوليا.. هل فعلا نحن ننتمي لهذه الأمة..؟!