بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آب 2019 12:03ص إلى ضيوف الرحمن...

حجم الخط
فكّرت كثيرا في الدعوة التي يمكن أن أتوجّه بها إلى كل من أكرمهم المولى تعالى بأداء هذه الفريضة المباركة هذا العام..!!

لا شك أن الأفكار كثيرة والدعوات أكثر، ولكن يبقى الأهم قضية الوحدة التي تتجلّى فيها أوضح معاني هذه العبادة التي تجمع المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها في أرض واحدة.. ليؤدّوا فريضة واحدة.. طاعة للّه الواحد الأحد.. واقتداء بسنّة رسولهم صلى الله عليه وسلم.. قاصدين بيت واحد.. وواقفين متذللين خاضعين داعين في مكان واحد.. ورغم ذلك وللأسف الشديد ما زلنا متفرّقين.. متشتّتين.. متخاصمين..؟!

إذن.. لا بد لكل من توجّه إلى تلك البقاع الطاهرة أن يعمل على تنقية تلك المفاهيم الراقية في نفسه حتى يحقق مراد الله تعالى في قوله {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}.

هذه أمتكم... كما أرادها المولى عزّ وجلّ {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.. فلا تعملوا على تعميق التمذهب والتحزّب والتخاصم على حساب الأصل وهو الإسلام.

هذه الأمة.. هي التي أناط الله بها شرف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحمّلها مسؤولية الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة لا يمكن أن تؤدّي أدوارها وهي كما نراها اليوم تصرّ على الفرقة، أو أن تحقق أي تقدّم وكل جماعة فيها تعتبر نفسها.. الأمة الناجية..؟!

لذلك نقول ونحن في بداية شهر ذي الحجة.. ومع أيام الحج هذه... إن المسلم الكيّس الفطن هو الذي يعرف حقيقة الدنيا فيعمل لآخرته دون إفراط أو تفريط، وهو الذي يعلم حقيقة مراد الله منه فيكون عنصرا فعّالا في مجتمعه ومحيطه ليحفظ دينه فيسعد في دنياه وينعم في آخرته.

أيها الأفاضل الكرام..

إن الملايين من المسلمين يقصدون بيت الله الحرام كل عام..

والملايين يطوفون ويسعون ويقفون على جبل عرفة...

ولكن كم منهم تعلّم من هذه الفريضة ما أصلح به دنياه ودينه فعاد فعلا.. «كيوم ولدته أمه»..؟!

وكم منهم حقا عرف أن الحج عبادة جماعية.. فحقّق معنى «الأمة» في حياته وعباداته كلها..؟!

إننا في أيامنا هذه بأشدّ الحاجة إلى معايشة «معاني ومفاعيل كلمة الأمة» في كل بلادنا العربية والإسلامية، وهذه المعايشة لا تكون إلا من خلال فهم واعٍ وتطبيق صحيح لكتاب الله ولسنّة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

فيا كل من نوى زيارة بيت الله الحرام... استعدّوا لمقتضيات هذه الضيافة.. حتى تكونوا ممن نالوا كرم المضيف سبحانه وتعالى...

وإلا فسيتحقق حتما فينا... «ما أكثر الضجيج وما أقلّ الحجيج»..؟!