بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تموز 2020 12:00ص استحضروا لبَّيْكَ اللَّهُمّ لَبَّيْكَ..!!

حجم الخط
«لبَّيْكَ اللَّهُمّ لَبَّيْكَ.. لَبَّيْكَ لا شَريكَ لَكَ لبَّيْكَ.. إنَّ الحَمْدَ والنّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ.. لا شَريكَ لَكَ لبَّيْكَ».. نداء تصدح به القلوب قبل الحناجر في هذه الأيام معلنة عن الإنقياد التام للّه تعالى رب السماوات والأرض الذي يسرّ لعباده أداء رحلة العمر إلى البيت الحرام.. ولكن هل فكّر أحدنا بمعاني هذا النداء ومقتضياته..؟!

إن هذه التلبية تقتضي من كل مسلم أن يعلن قلبا وقالبا، ظاهرا وباطنا، سرا وعلانية، أنه تخلّى عن الدنيا وما فيها من مغريات وشهوات وغرائز وأطماع طاعة للّه واستجابة له سبحانه، كما تعني أنه تجرّد من كل أدران هذه الدنيا في سبيل الفوز برضا المولى عزّ وجلّ، وهذا التجرّد لا يمكن أن يكون إلا من خلال تحقيق معاني الإسلام في النفس والأخلاق والسلوك والتعاملات والعلاقات مع الآخرين وخاصة الأهل والأقارب، فيسامح من أساء، ويحسن لمن أحسن إليه، ويتجاوز عن صغائر الأمور وتوافهها ولا ينتصر إلا للّه.

وتقتضي التلبية أن تكون كل خطوة وكل حركة من حركات المسلم نابعة من إيمان مطلق وعلم صحيح وتهدف إلى طاعة الحق تعالى، فيدرك أنه في أيام لا بد فيها من تغيير شامل وكامل لحياته، تغيير ليس بعده إصرار على المعصية ولا حب للذنوب ولا ميل للمحرم، بل لذة في العبادة وتفكّر في الطاعة واستقامة على الحق.

وهذا التغيير لا بد أن يمتد أثره ليشمل كل أمور حياته، فلا يسيء لزوجة، ولا يقصّر في حق ولد، ولا يعق والدا أو والدة، ولا يغتاب فلان ولا يظلم علان، كما يمتد التغيّر إلى أسلوب عمله وطرائق تفكيره فيعود من جديد كما أراد الله عنصرا فعّالا وبنّاء في المجتمع يصدع بالحق ويرفض المنكر ويأمر بالمعروف بالتي هي أحسن.

وأحسن الحسن أن ينوي المسلم ويعمل ليكون صورة حسنة عن دينه القيّم خلقا وسلوكا، فلا يرفث ولا يفسق ولا يشتم ولا يغضب ولا يتعارك مع أحد ولا يظلم ولا يقف عند سفاسف الأمور، بل هو في يقين تام أنه في هذه الدنيا ضيف.. وأبدا ليس من الأدب والإيمان أن يتفلّت عن دائرة الحق والإلتزام وهو ضيف في أرض الله سبحانه وتعالى..؟!

فإن كان في تلك الأيام انشغل بالذكر والصلاة والدعاء والأعمال الصالحة..

وإن كان في يوم عرفة تفرّغ للدعاء...

وهكذا في كل لحظة من لحظات تلك الأيام المباركة يكون في معيّة الله متدبّرا حتى ينال الثواب، فإذا ما انتهت أيام العشر قلب صفحة حياته الماضية وبدأ في الكتابة في صفحة جديدة بيضاء ناصعة يحرص دوما على أن تبقى نقيّة ليس فيها أي شائبة.

على كل مسلم أن يسعى بكل جهد وإخلاص ليتم بفضل الله تعالى عملية التغيير نحو الأفضل، ثم يحرص كل الحرص على أن يكون مثالا رائعا عن الإنسان المسلم فيعيش كل حياته محافظا على شرف أنه ينتمي لهذا الدين العظيم.

أيها المسلم في بلادنا.. إياك ثم إياك أن يكون كل حظك من تلك الأيام مجرد ساعات تمرُّ وتنتهي..

وإياك أن يكون نصيبك منها أكل التمر وبعض المعمول..؟!

فتلك الأيام ليس مواسم نتفاخر بها بالكلمات.. بل هو نفحات من نفحات الله على الإنسان حتى يراجع نفسه ويعود إلى حقيقة دينه.. فيعيش كل أمور حياته بعد ذلك مطبّقا لـ «لبَّيْكَ اللّهم لبّيك.. لبّيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والمُلك.. لا شريك لك لبيك»...




bahaasalam@yahoo.com