ما أشبه الأمس بيومنا هذا، بل وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بتغيير الأشخاص، أكثر من أربعة عشر قرناً مرّوا وإذ بنا نسمع نفس الكلام. لماذا هذا الكلام اليوم، هل هو خدمةً للصهاينة؟ هل لأننا بحالة ضعف وهوان؟ هل لأن المؤامرة منذ بداية القرن الماضي نجحت في تقسيمنا شعوباً وقبائل متفرقة؟ وهل هي لمساعدة تعميم التطبيع مع العدو الصهيوني؟.. إنها علامة إستفهام كبرى تبرز في هذه المرحلة التي تقتضي وأدها في مهدها.
فبالأمس البعيد، عمل يهود المدينة المنورة بكل ما أوتوا من قوة على إفساد عقيدة المسلمين وإضلالهم، والمعروف للجميع أن الإفساد في الأرض من سماتهم، فدعوا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين إلى اتّباع دين إبراهيم عليه السلام بحجّة أن إبراهيم مات على اليهودية!!! فدعاهم خاتم الأنبياء والرسل الى كلمة سواء، فجاءهم بالرّد على دعواهم من السماء ليبقى قرآناً يتلى إلى آخر الزمان فاضحاً زيف قولهم وكذبهم، قال تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (76) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (86)} [سورة آل عمران].
أجمع علماء التفسير على أن الآية رقم 67 تكذيب من الله عزّ وجلّ للذين جادلوا في إبراهيم وملّته، وتبرئة لهم منه، وأنهم لدينه مخالفون، وزاد عليه بالآية رقم 68 وبأفصح ما يكون وبما لا يشوبه الشك ولا يحتمل التأويل بأن إبراهيم عليه السلام على دين الإسلام، وقضاءٌ من الله عزّ وجلّ لأهل الإسلام ولأمّة محمّد صلى الله عليه وسلم أنّهم هم على دينه، وعلى منهاجه وشرائعه، دون سائر أهل الملل والأديان.
ويا لسخافة عقل اليهود، كيف يعقل أن يكون إبراهيم على اليهوديّة وهو متقدّم على دعوة نبيّ الله موسى عليهما السلام!!! ويا لسخافة عقل من والى اليهود من الصهاينة وأتباعهم وأزلامهم كيف يعقل أن يكون إبراهيم على غير الإسلام، والخالق واحد، والمُنبّيء واحد، والباعث واحد، والدين عنده سبحانه وتعالى واحد، وهو الإسلام.
من صلب أصول العقيدة الإسلاميّة، أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء والرسل من لدن آدم إلى محمّد صلوات الله عليهم أجمعين، وعليه فإن محمّد صلى الله عليه وسلم بشّر بدين إبراهيم ودين سائر الانبياء، كلّهم على عقيدة واحدة، كلّهم على إيمان واحد، وأيّ كلام خلاف ذلك يكون تكذيبٌ للقرآن سواء كان مطلقه يهودي أو مجوسيّ أو منافق مدّعي الإسلام زوراً وبهتاناً، والإسلام منه براء، وليس على الإسلام بشيء.
الإسلام هو دين السماحة والإعتدال، دين الأمن والأمان، به يأمن المجتمع وتصلح أمور الناس، بظلّه يعيش الناس كافّة بجميع أطيافهم واختلاف أديانهم بعدل واطمئنان، ولو كرهه الكافر ولو كرهه المشرك، ومن يَرِد العزّة بغير الله أذلّه الله.
اتركوا إبراهيم عليه السلام بسلام، ولا تتبعوا خطوات الصهاينة بنشر الكفر والضلال والإفتراء على الله عزّ وجلّ والكذب على نبيّه إبراهيم عليه السلام، توهمون الناس بأن إبراهيم كان على غير دين الله الحنيف. اتقوا الله حق تقاته، ولا تفسدوا على المؤمنين عقيدتهم ولا تكونوا أعواناً للشيطان دعاةً على أبواب جهنّم ولا تكونوا خدّاماً للمُطبّعين.
أعوذ بالله من دعوة أعوان الصهاينة وأقزامهم وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (23) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) } [سورة التوبة].
* الأمين العام السابق لإتحاد المحامين العرب