بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2018 12:05ص التربية على حُبّ النبي واجب على الأهل لضمان حسن إيمان الأبناء

مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف

حجم الخط
تجلى حب الصحابة للنبي  صلى الله عليه وسلم  في مواقف كثيرة تزخر بها صفحات السيرة العطرة، ومن أعظمها ما حدث في موقعة أحد التي هُزم فيها المسلمون، فكان أحدهم يقف درعاً واقياً لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  من سهام المشركين، فيتلقى السهام بصدره أو ظهره.
وكان حبه  صلى الله عليه وسلم  قد ملَك قلوب الصحابة وكذلك التابعين، فهذا ثابت البناني التابعي الجليل يقول لأنس بن مالك رضي الله عنه: «أعطني عينيك التي  رأيت بهما رسول الله  صلى الله عليه وسلم  حتى أقبلهما»..
ولا تخفى على المربين والمربيات أهمية غرس هذه المحبة في نفوس الأبناء، فهي: أساس الركن الثاني من أركان الإيمان، قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}..
فإذا أردنا بناء صرح الإيمان في نفوس الصغار، فلابد من العناية بالربط الشديد لهم بشخصية النبي  صلى الله عليه وسلم  ومحبته حتى يتسنى لهم الأخذ عنه في كل أمور دينهم ودنياهم.
قوزي
{ بداية قال الشيخ مازن قوزي رئيس دائرة المساجد في الأوقاف الاسلامية أن محبة الرسول  صلى الله عليه وسلم  تكون قوتها تبعاً لإيمان المسلم، فإن زاد إيمانه زادت محبته له، لأن حبه  صلى الله عليه وسلم  طاعة وقربة وقد جعل الشرع محبة النبي  صلى الله عليه وسلم  من الواجبات، فعن أنس قال: قال النبي  صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، وهذا ما ينبغي أن نربي الأبناء عليه.
فعلينا أولا أن نعرف الأبناء به وبسنته وبضرورة اتباعه خاصة ونحن في أجواء ذكرى مولده  صلى الله عليه وسلم ، فنعلمهم الاقتداء والتأسي به ونخبرهم عن أصحابه وكيف كانوا يحبونه أكثر من المال و الولد بل وأكثر من أنفسهم.
وعلينا أيضا قبل أن نعلمهم ما سبق أن نقوم نحن باتباع سنته من قول أو عمل، وأن تكون سنته منهجاً لنا في كل أمور حياتنا كلها، وأن نقدم قوله على كل قول ونقدم أمره على كل أمر.
وأضاف: إن محبة النبي ليست كمحبة أي شخص، فمحبة النبي  صلى الله عليه وسلم  عبادة عظيمة نعبد بها الله عز و جل وقربة نتقرب بها من خلالها إليه وأصل عظيم من أصول الدين ودعامة أساسية من دعائم الإيمان كما قال تعالى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}، وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال  صلى الله عليه وسلم : «لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك» فقال: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال  صلى الله عليه وسلم : «الآن يا عمر»، إذن فمحبة النبي  صلى الله عليه وسلم  ليست أمرا ثانويا أو أمرا مخيراً فيه إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه، بل هي واجب على كل مسلم وهي من صميم الإيمان ولابد لهذا الحب أن يكون أقوى من أي حب ولو كان حب المرء لنفسه، كما عليه أن يربى أبناءه على هذا  الأمر حتى نكون ممن صلح إيمانهم.
خانجي
{ أما الشيخ محمد خانجي إمام وخطيب مسجد قريطم قال: إن للسنة النبوية الكريمة منزلة كبرى في الإسلام، إذ هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وهي وحي الله تعالى إلى نبيه الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}، وقد أمر الله تعالى بالعمل بها، فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وأمر بطاعة النبي  صلى الله عليه وسلم  والاحتكام إلى سنته عند الاختلاف، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، وأمر النبيُ الكريم بالتمسك بها فقال: (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) .
ومن عناية العلماء بالسنة المطهرة.. بيانُ حُجيةِ السنة، وضرورةِ العمل بها، والتحذيرُ من ردها، أو إنكارها، فشرائع الإسلام العملية التطبيقية نقلت إلينا من خلال تطبيق رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فما كان يأمر بشيء إلا ويكون أول العاملين به، وما ينهى عن شيء إلا ويكون أول التاركين له، فعندما أُمر بالصلاة {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}، قال  صلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  للصحابة - رضوان الله عليهم  «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولما فُرض الحج في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} حج رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وقال: «لتأخذوا عني مناسككم»..
ويقول عز من قائل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}، فالسنة النبوية سفينة النجاة وبر الأمان، حث النبي  صلى الله عليه وسلم  على التمسك بها وعدم التفريط فيها فقال  صلى الله عليه وسلم :  «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».
لقد كانت سنة النبي  صلى الله عليه وسلم  منهجًا وهديًا ودستورًا قويمًا، علَّمنا فيها النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم  الأخلاق الطيبة، والكلام الطيب، والفعل الحسن، فكانت منهج حياة ينتهجه المسلم في بيته وعمله ومجتمعه، واليوم نرى كثيراً من المسلمين الذين ضيعوا وفرَّطوا بهذا المنهج النبوي وهذا السلوك النوراني، ترى البعض لا يقيم السنة في حياته ولا يعلمها أولاده، وإن طبقها البعض للأسف ينفر الناس منه إما في عمله أو لحيته أو ملبسه أو سلوكه تراه يدعو الناس إليها بشدة وفظاظة وغلظه، بينما كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يدعو إليها ويحبب الناس بها بالرحمة والمحبة وكانت الابتسامة على محياه الشريف، كان يسرح شعره ويضع الطيب ويخرج بثياب نظيفة كان يصلي بخشوع ويركع بطمأنينة.
إن كنا فعلا ممن يحبون النبي ويتبعون هديه فلا بد أن نحيي ذكرى مولده بحسن اتباعنا للسنة الشريفة، فنتمسك بها في حياتنا كما دعانا إليها النبي المصطفى  صلى الله عليه وسلم ، فبها نسعد، وبها نحيا، وبها ننال شفاعته  صلى الله عليه وسلم  يوم القيامة.