بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آذار 2018 12:05ص الدُعاة يطالبون بتفعيل أكبر لأدوار خُطبة الجُمعة موضوعاً ومعالجة

في ظل تعدُّد التحدِّيات المحيطة بالمجتمع وأهله

حجم الخط
معلوم ان في عصرنا الحديث كثرت المشكلات والمستجدات التي جعلت الحياة تأخذ صورة جديدة تختلف تمام الاختلاف عن صور الحياة في السابق، وبفعل التقدم العلمي والتطور الحضاري، استحدثت أنماط حياتية لم يعرفها اجدادنا واسلافنا، فقد وصل الإنسان في عصرنا إلى الفضاء وأرسل سفنا تجوبه، وأقام المراكز الصناعية العملاقة وفتت الذرة وطرأت علينا مشاكل كثيرة، ولذلك توسع دور الدعاة والعلماء حتى أصبح دوراً بارزاً وأصيلاً وضرورياً في حياتنا العصرية.
ولما كان الاتصال المباشر والأول بالناس هو بالخطباء دون غيرهم، فقد أصبح من الضروري على الخطيب الاجتهاد في تحصيل العلم والإحاطة بظروف المجتمع الاجتماعية والتقنية والعلمية والصناعية والطبية والسياسية و... وذلك كي يكون دائماً على توافق فكري مع الذين يستمعون إلى دعوته فيحقق التفعيل المطلوب لدور خطبة الجمعة في المجتمع، فخطبة الجمعة لم تعد مجرّد موعظة أسبوعية ولا محطة نصح وإرشاد يقول فيها الخطيب آية من كتاب الله أو حديثاً نبوياً شريفاً ثم يرفع يديه بالدعاء فقط، بل على جرعة إيمانية حياتية يقدمها كل خطيب للناس لتستمر معهم أسبوعاً كاملاً باذن الله تعالى.
فكيف نفعل هذا الدور في المجتمع؟!..
وكيف تصل الخطبة إلى أعلى مستوى من تحقيق الأهداف المطلوبة منها؟!
أسئلة طرحت... وكانت الإجابات في اللقاء التالي:
غندور
{ القاضي الشيخ زكريا غندور قال: نشكر جريدة «اللــــــواء» الغراء على طرحها المواضيع التي تهم المسلمين، ان يوم الجمعة هو خير يوم طلعت عليه الشمس، وبين لنا النبي  صلى الله عليه وسلم  ان يوم الجمعة فيه ساعة لا يوثقها دعاء عند مؤمن إلا واعطاه الله مسألته... ولا بدّ أيضاً ان أهم واجبات فيه صلاة الجمعة التي نزلت فيه خاصة سورة الجمعة، وكم نتمنى ان نتبع آداب يوم الجمعة من طهارة وليس أفضل الثياب والحضور إلى المسجد بالسكينة والوقار، فإذا صعد خطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام لنسمع ما يمليه علينا الخطيب من أمر الله عز وجل لتصحيح مسارنا وتبارك مصيرنا نعقل أمر الدين من عبادة ومعاملة وعقد، فليكن لنا مع يوم الجمعة ارتباط توجيهي يهتم بامر الدين والدنيا لمقالة وردت عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: «من رأى مني اعوجاجاً فليقومني» فقام اعرابي وقال لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بحد هذا وأشار إلى سيفه فقال سيدنا عمر الحمد لله الذي جعل في أمة محمّد من يقوم عمر إذا اعوج.
 ولا بدّ من فقه الخطبة وفهم مقاصدها وما ترنو إليه حتى يُعيد الرجل النظر في نفسه هل هو على حق أم على باطل فإذا رأى نفسه على باطل عاد إلى الحق وان رأى نفسه على حق حمد الله.
وأضاف: ان مهمة الخطيب تنبثق من قوله سبحانه وتعالى «الدين النصيحة» فواجب الخطيب ان يكون صادقاً وصريحاً بحفظ شأن الدين والدنيا خاصة ونحن نعيش اضطراب الأفكار الشاذة والفتاوى المضلة حيث تفشى النفاق وكثر الكذب وانحرف الكثير عن الطريق.
فلذلك واجب الخطيب ان يكون صادقاً في أداء واجبه نحوهم وإلا كان خائناً للأمانة وبهذا يقول ربنا سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} فأساس الإسلام هو الصدق وأهم اوصاف النبي محمّد  صلى الله عليه وسلم  الصادق الأمين ومن علامات المنافق الكذب هذا المرض الذي تفشى في العموم والخصوص.
 وتابع قائلاً: أقول للخطيب ان يتقي الله في أهله فيصدقهم من حقيقة قوله تعالى: «ويعلمهم ان الهدى هدى الله سبحانه وتعالى فيؤدي واجبه بطريقة الإسلام ضمن أداء النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وكم اتمنى ان يكون اخواتنا الخطباء صادقين مع رعاياهم فيما يعيشون في هذه الأيام فالكثير هرع وراء الباطل واهله لعلنا ننقذ هؤلاء من الضياع عامة وخاصة كباراً وصغاراً الذين ضاعوا فشدهم الشيطان من جميع الفئات ومن جميع الطبقات.
البابا
{ رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا قال: ان الله سبحانه وتعالى من حكمته العظيمة فرض صلاة الجمعة وجعلها فرض عين لا تؤدى إلا جماعة ولا تصلى إلا في المسجد الجامع، وذلك من حكم الله تعالى العظيمة في معالجة كل ما يعتري المسلمين من أمور يجب تصحيحها على مستوى الهداية الجامعة، وخطبة الجمعة قد جعلها الله سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعل لها هذه المكانة المرموقة لكي يجتمع المسلمون وفي اجتماعهم نفع عظيم ولكي يستمعوا إلى موعظة أسبوعية فيجدوا فيها دواء لكل داء وعافية مما يعتريهم من بلاء ولكن الله سبحانه وتعالى الذي فرض فريضة الجمعة جعل لها من الاحكام ما يتلاءم مع متطلبات النّاس واحتياجاتهم والله سبحانه وتعالى جعل الصلاة ركعتين بدل الأربع من الظهر وعوض عن الركعتين بخطبة فيها الموعظة وفيها النفع لكل المسلمين وجعل الله سبحانه وتعالى ليوم الجمعة احكاماً ولصلاة الجمعة إذا اجتمع النّاس احكاماً أيضاً وإذا تتبعنا ما أمر الله به لنجد بان المولى سبحانه وتعالى أمر بالتكبير لصلاة الجمعة وجعل لكل داخل إلى المسجد من العطايا والثواب ما يتلاءم مع وقت دخوله لكي يسارع المسلمون إلى بيوت الله متلهفين وينتظرون اعتلاء الخطيب للمنبر متشوقين إلى الموعظة المطلوبة وخصوصاً إذا كانت تتطرق إلى أمور يُعاني منها المجتمع.
واضاف: ومن هنا وحرصاً من الدين على اكمال هذه الفريضة واتمامها كما يجب ان تكون أمر الإسلام النّاس بالاجتماع والانصات وعدم اللهو، كذلك كان للخطيب نصيب من هذه الأمور التوجيهية فدعا الدن الخطيب ان يسلك مسالك اللطف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وان يطرق أبواب القلوب لا ان يقض مضاجعهم أو يصم آذانهم بالصراخ ومن هنا كان من الواجب على كل خطيب ان يراعي الموجودين وثقافتهم في المواضيع التي يتطرق إليها ويعالج مشاكل المجتمع العامة وليس الخاصة التي يحتاجها النّاس كلهم غنيهم كما فقيرهم، كبيرهم كما صغيرهم.
وكذلك عليه ان يراعي قصر الخطبة فإنها من فقه الخطيب وعليه ان يدخل إلى النّاس الأمل والتفاؤل ويبعدهم عن اليأس والتشاؤم فيزرع الأمل في نفوسهم بالمستقبل الواعد ويجعل من الخطبة تنظيماً وترتيباً لمتطلبات حياة الفرد والجماعة.
واختتم قائلاً: اتمنى على اخواننا الخطباء ولابنائنا وخصوصاً من سلك مسالك العلم الشريف الشرعي ان يراعي مشاعر النّاس وخصوصاً في هذه الأيام فلا يحدثهم بحديث قد ملوا سماعه من خلال وسائل التواصل المتعددة والتي أصبحت بمتناول الجميع، بل عليه ان يعرج بهم إلى الفيض الإلهي الكريم فللعلم خزائن ولها رجال وخير الرجال من استنبط من العلم أفضله ومن الكلام أطيبه واخلص لله تعالى في اقواله وأفعاله.
مرعب
{ اما المفتش العام المساعد للاوقاف الإسلامية الشيخ د. حسن مرعب فقال: اظن انه من أهم أدوات تفعيل خطبة الجمعة في لبنان حسن اختيار الموضوع الذي يتلاءم مع الواقع الذي نعيشه ويحاول الوقوف عند المشاكل التي تعترضنا في حياتنا ومجتمعاتنا وبعد ذلك لا بدّ للخطيب ان يعطي جزءاً من وقته لتحضير موضوع الخطبة وتأييده بما يناسبه من النصوص الشرعية التي تدعو إلى حسن الفعل أو إلى تركه ان كان سيئاً.
واضاف: كما وانه كما قالوا سابقاً «لكن من التطويل كلة الهمم» فلذلك لا بدّ للخطيب ان يراعي مسألة الوقت بدقة متناهية، فلقد أثبت علماء النفس ان من يستمع إلى محاضرة أو ندوة أو خطبة فإن تركيز المستمعين لا يتجاوز العشر دقائق ومن ثم يبدأ الفكر بالتشتت فلا بدّ للخطيب الماهر ان يدلوا بكل ما عنده في العشرة دقائق الأولى ومن ثم يكون ما تبقى للدعاء والختام، كما على الخطيب ان يراعي رفع الصوت في المكان المناسب فلا يرفع صوته إلا لحاجة.
وختم بتوجيه وصية للخطباء خصوصاً في هذه الأيام التي يغيب فيها المسلمون عن مساجدهم ولم يبقَ لهم إلا يوم الجمعة ان يستغلوا هذا اليوم أحسن استغلال لإيصال الموعظة الحسنة والنصيحة لكي يبقى الدور فاعلاً في المجتمع.