بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تموز 2019 12:05ص الدعاة إلى الحجاج قبل سفرهم: تعلّموا كيفية حسن أداء المناسك.. فإن الجهل بها مصيبة كبيرة

حجم الخط
الحج عبادة تربّي العبد على معاني العبودية والاستسلام والانقياد لشرع الله، فالحاج من خلال الأعمال التي يؤدّيها يتجرّد من ملابسه التي اعتادها ويجتنّب الزينة، ويطوف ويسعى سبعة أشواط، ويقف في مكان معين ووقت معين، ويدفع كذلك في وقت معين وإلى مكان معين، ويرمي الجمار ويبيت بمنى، إلى غير ذلك من أعمال الحج التي يؤدّيها الحاج فقط لأنّها امتثال لأمر الله واتباع لسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.

والحج فرض يثير في النفس الشعور بالأخوّة بين المؤمنين، وضرورة الوحدة فيما بينهم، فالحجاج يجتمعون في مكان واحد وزمان واحد، وهيئة واحدة، يدعون إلها واحداً، غايتهم واحدة، ووجهتهم واحدة، فيشعر الحاج أنّ هذه الأمة تملك من مقوّمات الوحدة والاجتماع ما لا تملكه أمة من أمم الأرض، وأنّ بإمكانها أن تصنع الشيء الكثير إذا ما توحّدت الصفوف وتآلفت القلوب واجتمعت الكلمة، وهو شعور عظيم لا يشعر به الإنسان مثلما يشعر به في هذه المواطن العظيمة.

وهو ركن يذكّر المؤمن باليوم الآخر وما فيه من أهوال عظيمة يشيب لهولها الولدان، عندما يرى الإنسان في هذا الموطن زحام النّاس واختلاطهم وارتفاع أصواتهم وضجيجهم، وهم في صعيد واحد، ولباس واحد، قد تجرّدوا من متع الدنيا وزينتها، فيذكر بذلك يوم العرض على الله حين يقف العباد في عرصات القيامة حفاة عراة غرلاً، وقد دنت الشمس من رؤوسهم، فيحثّه ذلك على العمل للآخرة والاستعداد ليوم المعاد..

ولذا كان من الضروري على كل حاج أن يتهيّأ لهذه الفريضة كما يجب، وأن يستعدّ الاستعداد الشامل الذي يضمن له أداء الفريضة بشكل صحيح وسليم وواعٍ...

فما هي نصائح العلماء في هذا المجال..؟!

القاضي الكردي

{ بداية قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي أن على المسلم إذا عزم على السفر إلى الحج أو العمرة المبادرة إلى التوبة النصوحة من جميع الذنوب؛ لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وحقيقة التوبة الإقلاع من الذنوب وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم العود فيها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردّها إليهم، أو تحللهم منها قبل سفره؛ لما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)، كما عليه أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال لما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا) وأن يعلم أن الحرام لا يُقبل، فقد روى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبّيك اللهم لبّيك، ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور. وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبّيك اللهم لبّيك، ناداه منادٍ من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور).

وتابع: وكذلك ينبغي للحاج الإستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم، فقد أمرنا بهذا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)، كما نهانا عن السؤال، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم).

ومن هنا نقول أن على كل مسلم نوى أداء فريضة الحج أن يقصد بحجته وعمرته وجه الله والدار الآخرة والتقرّب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة، وأن يحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب من أسباب حبوط العمل وعدم قبوله، والله تعالى قد قال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} كما صحّ عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه.

واختتم: ولا ننسى أيضا أن نذكر أهمية اصطحاب أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين خلال سفره وأن يحذر من مصاحبة السفهاء والفساق، عموما نسأل الله تعالى أن يتقبّل منا ومنهم جميعا وأن يجعل حجنا مبرورا ومقبولا.

اللقيس

{ أما الشيخ غسان اللقيس، إمام مدينة جبيل، فقال: لا بد للحجاج قبل الخروج إلى الديار المقدسة من الاستعداد لهذه الرحلة المباركة في أمور عديدة، فكما استعدّ نفسياً بالمال والزاد فعليه التزوّد بالعلم الذي يمكّنه من أداء هذه الفريضة على الوجه الذي يحبه الله ورسوله، فقد لا تتكرر الفرصة مرة أخرى، وهذا العلم ضروري وواجب لان العبد يجب أن يتعلّم أي عبادة قبل أن يدخل فيها، لذلك فعلى الإنسان أن لا يتهاون من تعلّم أحكام هذه الفريضة وأن يكون التعلّم على يد شيخ عالم متبصّر بأمور الفقه، واعٍٍ  بأمور المصلحة، كي يتمكن الحجاج من أداء نسكهم حسب ما هو قائم شرعاً ومطلوب فقهاً.

وأضاف: وللأسف فإن كثيراً من الحجاج يستخفون بهذه الاستعدادات المهمة ويقعون ضحية الجهل من بعض القائمين على حملات الحج وغير الواعين بمناسك الحج وأحكامها، مشيراً إلى ان صحبة العالم ضرورية جداً بل هي من أهم ما يجب أن يتعلم الإنسان قبل أن يقصد بيت الله الحرام، والعلم يكون بداية قبل السفر من تعليم المناسك والأحكام ثم أثناء السفر في صحبة العلماء الأتقياء القدوة حيث يأخذ الإنسان مناسكه بصحبة هذا العالم ثم بعد الحج لضرورة المتابعة الصحيحة والعلم من خلال مجالس العلم بعد الحج لكي تكون المسيرة متكاملة والإيمان شامل وكامل.

مختتما: على كل حاج يعتزم حج بيت الله الحرام عليه أن يهيّئ نفسه قلبياً وروحياً لحكم وأسرار وفوائد هذه الرحلة المباركة.