بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2019 12:05ص الدعاة حول آداب استخدام مواقع التواصل الإجتماعي

سلاح ذو حدَّين إما نحسن التعامل معها وإما تصبح نقمة علينا وعلى أبنائنا

حجم الخط
لا شك أن التطوّر الهائل الذي حدث في عصرنا خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي نعمة من نعم الله التي تستوجب الشكر، فقد انفتح بها أبواب للخير لا يحصيها إلا الله، والتي ينبغي أن ننظر إليها على أنها فتح من الله للعلماء والدعاة والعاملين لنشر الخير والعلم ولنشر دين الله في العالم؛ وذلك بما يسّرت من أسباب ووفّرت من إمكانات.

ولا بد أن نتفق أيضا على أن هذه الوسائل كما حَوَتْ كثيراً من الخير فإنها أيضا قد حَوَتْ بين طيّاتها كثيرا من الشر، وجمعت بين خير مشوّب بشر، وشر مشوّب بخير، خصوصا مع كثرة المواقع والمنتديات على هذه الشبكة العنكبوتية واختلاف توجهاتها، وتنوّع مذاهبها وأفكارها وآرائها؛ إذ جمعت تلك المنتديات الصالح والطالح، ومنها ما هو نافع ومنها ما هو مُفسد أو فاسد... فلا بد من التحذير والتنبيه والاحتراز الشديد حيال الاستخدام، حتى لا تنزلق الأقدام، ويأتي الشر من وراء الخير.

ومن هنا كانت كلمات العلماء للتنبيه على آداب هامة ينبغي لمستخدم هذه الوسائل الإلتزام بها..

غندور
{ بداية قال القاصي الشيخ زكريا غندور: لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي في عصرنا أهمَّ ما يقصده الشباب على الشبكة العنكبوتية منذ تأسيسها، وأحدثَت ثورة وطفرة كبيرة في عالم الاتصال؛ حيث تُتيح للفرد أن يتواصل مع أقرانه في كل أنحاء العالم، ولكن ثَمَّة تأثيرات تتركها تلك المواقع في الشباب بعد أن اعتادوا عليها، تتلخَّص تلك التأثيرات في الناحية الاجتماعية والإعلامية والدينيَّة، ولتلك المواقع في كل جانب من تلك الجوانب تأثيراتٌ إيجابية وسلبية على مُستخدمي تلك المواقع.

فالله تعالى عندما خلق البشر أمرهم بالتواصل والتقارب فيما بينهم، ويتضح ذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} فيجب على المسلمين جميعاً أن يتواصَلوا فيما بينهم؛ لتحقيق الوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية والتقريب بينهم، ولكن يجب ألا يتمَّ استخدام تلك المواقِع فيما يُغضِب الله - تعالى - وفيما يضرُّ بالأمة الإسلامية ولا بالأوطان، فنحن نرى الدولة الغربية تَبذُل قصارى جهدها لتجنيد أبناء الدول العربية للإضرار بأوطانِهم لصالح تلك الدول، كما يجب على المسلمين أن يُدافعوا عن دينهم، ويصدُّوا الهجمات الشرسة التي يقوم بها غير المسلمين لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.

وأضاف: كما يَجب على الشاب المسلم عندما يدخل إلى تلك المواقع أن يَستحضِر في نيّته أنه يدخل للتعارُف مع إخوانه، وليس لتضييع الوقت أو التحدُّث إلى الفتيات مثلما يقع كثير من الشباب للأسف في هذا المَحظور، ويتحدَّثون إلى الفتيات بكل حرية، ظنًّا منهم أن الله - تعالى - لن يُحاسِبهم على ذلك، كما أنه ينبغي أن يتمَّ استخدام تلك المواقع في التقريب بين وجهات النظر المختلفة، والتعرُّض لبعض الثقافات المختلفة؛ لكي ينال الإنسان المسلم قِسطاً من العلم بعلوم ومعارف الغير، والتعرُّض للثقافات الأخرى حتى تعمَّ الفائدة بين الشعوب، ولكن بما يُرضي اللهَ عنه، وبما لا يتسبَّب في مضيعة الوقت بأي حال؛ لأن الوقت أَثْمَنُ من أي شيء.

واختتم بالقول: إن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدَّين، والواجب على الشخص المسلم السويّ أن يَستعمِل هذه المواقع التي سخَّرها الله - تعالى - لنا؛ حتى يَكثُر التواصل والتعارف بين الشعوب في الخير، ولا يستعمله إلا للحلال، وأن يتجنَّب الحرام، ويتجنَّب الدخول في خصوصيات الغير أو الإساءة إلى حرمات الناس.

شحادة

{ أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة قال ان شبكة التواصل الاجتماعي وتنوّعها هي عام لا مجال من المعرفة والتعامل به، ولكن يجب أن يكون ذلك لأسباب تناسب مجتمعاتنا وتعاليمنا وعلومنا ويستفاد منها في تطوير المعلومات والأبحاث والاطّلاع على كل جديد مما يُساعد الإنسان أن يكون على دراية بكل ما يجري حوله لا سيما من العلوم والاكتشافات الجديدة حسب تقدّم العصر أو التقدّم العلمي في جميع المجالات.

وأضاف: من الناحية الاجتماعية على الشباب المسلم أن يكون تعامله مع هذه الوسائل ضمن الحدود التي تعكس تعاليم دينه عليه، حيث عليه أن يلتزم بالخصوصيات له وللآخرين واحترامها وعدم التدخّل فيها أو الإطّلاع عليها، كما عليه عدم المشاركة أو الانضمام إلى أي مجموعات لا يعرف شيئاً عنها والمشاركة بنشاطاتها، قبل أن يطّلع على مضامينها وأهدافها وأن تكون هي فقط للتواصل الاجتماعي الصحيح كي لا يقع في المحظور ربما تكون هناك مجموعات غير أخلاقية أو ذات طابع سياسي أو عقدي وهو لا يدري ما يتعلق بالخصوصيات التي تكون على صفحات عديدة من شبكات التواصل الاجتماعي فربما تكون هناك تعليقات من أشخاص معينة لها ارتباطات سياسية أو عرقية أو دينية متطرفة أو ذات تشدّد، فعليه أن لا ينجرف نحو الاندماج بها أو التعاطي معها سلباً أو إيجابياً بل يجب الحذر من ذلك وليحافظ على خصوصيته وعدم الانجرار فيما لا يعرف به شيئاً ولا يعرف ما هي عقباه، فربما يكون مثلاً قد أعطى إيجاباً لمنشور ما في صفحة من صفحات التواصل وهو لا يدري ما هي تبعات هذا المنشور أو أسبابه فيؤدّي ذلك إلى ملاحقته أو وقوعه في أخطاء هو بغنى عنها.

وتابع قائلاً: هذا من الناحية الأخلاقية ولدينا أحياناً صفحات تتعلق بأشخاص معينين، ذكورا أو إناثاً كانوا، فعليه أن يلتزم حدود الاحترام والخصوصية لكل هذه الأشخاص وعدم التواصل مع أي كان ما لم يكن لديه معرفة به ويكون هذا التواصل إذا حصل بينه وبين الآخر بناء على معرفة وموافقة مسبقة من الطرفين، فلا يجوز أن يدخل على صفحات الآخرين ليطّلع على محتواها من كل جوانبه فربما ذلك لا يكون مناسباً أو متوافقاً مع عقيدته الدينية، اللهم ان كانت هذه الصفحات عامة وذات طابع تجاري أو بحثي علمي فهذا يعود لهذا المتصفح.

واختتم قائلاً: أقول انه كما ان هذه الوسائل الحديثة للتواصل الاجتماعي هي من أحدث التطوّرات والاكتشافات العلمية وهي تخدم المجتمع بشكل كبير إلا في لحظة ما وربما يكون عن عدم قصد يقوم أحد الشباب أو الشابات باستعمال أحدها فيقع المحظور، لذلك فهي كما انها مفيدة في كثير من المجالات إلا انها ربما تكون مضرّة في استعمالها في مجالات أخرى، وأود أن أوجّه توصية خاصة أنه يجب على كل شاب أو شابة أن لا يعطوا من وقتهم أكثر من ساعة يومياً على هذه الشبكات لأنها تصبح مضرّة إذا زادت عن ذلك ويعتادوا عليها مما تضيّع عليهم فرص الحياة والعلم والتواصل الحقيقي الإجتماعي.

البابا

{ رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا قال: ان استعمال مواقع التواصل الاجتماعي أمر في غاية الأهمية وقد أصبح من الضرورات الملحّة في هذا الزمان وهو يتضمن أموراً في غاية الخطورة يجب التنبّه لها ويجب أن نراعي فيها أحكام الشرع الحنيف والأخلاق الإسلامية السامية. ما يشوّه الحياة التواصلية في هذا الزمان ان الكثيرين قد يستعملونها لأمور غير أخلاقية ولربما في إشاعة الفساد، فقد قال تعالى {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي النّاس}.

وأضاف: ولذلك فالعلاقة مع أجهزة التواصل يجب أن تخضع لرئاسة ذاتية نابعة من خشية الله تعالى، والمؤمن الذي تكوّنت شخصيته على تقوى الله يجب أن يراعي التقوى في استعمال هذه اللغة التواصلية وخصوصاً عندما يكون أمام موقف حرج وخطير يحتاج فيه إلى اتخاذ القرار.

فاستقامة العلاقة بين المرء ونفسه على النمط الذي يرضى الله سبحانه وتعالى ويراعي تعاليم الرسول الأكرم، يستطيع في ضياء هذه التعاليم الراقية أن يستخدم لغة التواصل في علاقات تتجاوب مع الدين وتتماشى مع الشرع الحنيف ويجب علينا أن نعي ان ما يحصل في هذه الأيام وما يدور على ألسنة النّاس من التعاطي السلبي باستعمال أجهزة التواصل يوصل العلاقات الراشدة إلى إساءة بالغة وخصوصاً داخل الأسرة عند ممارسة التواصل بشكل سلبي لربما يكون فيه إساءة إلى الدين أو للآخرين.

وتابع قائلاً: أن تبادل العلاقة بين البشر يجب أن يخضع لضوابط الدين والأخلاق وأي صيغة خارج هذا النطاق هي من الخطورة بمكان حيث قد توصل صاحبها إلى المهالك التي لطالما نسمع بها في هذه الأيام، فاخضاع السلوك لمنهج الدين يجعل الإنسان في سعادة وسلامة واخضاع رغباتنا لمنطوق الإسلام يجعل منهج تعاطينا مع الآخرين يتم بكل انضباط وتخلّق.

واختتم قائلاً: أوجّه لفتة إلى كل الشباب والفتيات المؤمنات لنقول لهم ان الدماء الأخلاقي الميمون ينهض بالإنسان ويرتقي به إلى مستوى الكمال وان اجهاد النفس في أعمال لا ترضى الله سبحانه وتعالى فهي اهتمامات بالغة الخطورة ويجب علينا أن نقوّمها من الانحراف ونجعلها في نطاق الدين فنسلم ويسمع الآخرين.