بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيار 2020 12:00ص الدعاة في ليلة القدر: لنجتهد فيها بإخلاص وقلب خاشع ويقين ثابت

حجم الخط
قال الله تعالى في كتابه العزيز {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمر* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}..

وكان من سنّته  صلى الله عليه وسلم أن يتحرّى ليلة القدر التماساً للخير الذي قدّره الله فيها، ولذلك كان يعتكف عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر من رمضان التماساً لليلة القدر، الليلة التي أثنى عليها الله عزّ وجلّ ووصفها بأنها خير من ألف شهر، وقال عنها رسول الله  صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه».

ليلة القدر فضلها عظيم وخيرها عميم، هي ليلة مباركة يستجيب فيها القيام والذكر والدعاء وتلاوة القرآن الكريم فتأنس القلوب بذكره وحمده وتخشع الجوارح لمالك الملك، لا تطلب إلا رضاه ولا تطمع إلا في رحمته.. ما هي عظمة هذه الليلة المباركة، ماذا يجب على المؤمنين أن يقوموا به لاحياء هذه الليلة؟!

حداد

بداية المفتش العام للأوقاف الإسلامية في دار الفتوى الشيخ الدكتور أسامة حداد قال: يقول الله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر}، أي ابتدأ بنزول القرآن في ليلة التعظيم وعظمة هذه الليلة ان النور جبريل نزل بالنور وهو القرآن الكريم على قلب النور وهو النبي محمّد  صلى الله عليه وسلم في جبل النور وهو حراء، فعظمة هذه الليلة اجتماع الأنوار كلها لينهل المؤمن من عطائها.

وأضاف: هذا العطاء الذي يفوق عطاء ألف شهر من الطاعات والنوافل، وهي سبب لسلامة المؤمن الذي يحيي هذه الليلة بإخلاص وحضور قلب خوفا من عقاب الله وعذابه، لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها ولا سيما في ليلة السابع والعشرين، وقد ورد ان الملائكة تنزل برفقة سيدنا جبريل عليه السلام إلى الأرض يدعون للمؤمنين والمؤمنات، وورد ان جبريل يصافح المؤمنين محبّة بطاعتهم وتقرّبهم، وعلامة المصافحة إما دموع العين أو قشعريرة الجلد أو طمأنينة القلب، واسأل الله تعالى أن يجمع لنا هذه الثلاثة ويكرمنا بمصافحة جبريل عليه السلام.

واختتم قائلاً: ان برنامج المؤمن لهذه الليلة الإكثار من تلاوة القرآن والاستغفار والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والدعاء بخشوع وحضور، وخاصة في بيوتنا ونحن في أزمة كورونا، ومن هنا نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا ان هناك من يحرم من عطاء هذه الليلة وهم العاق بوالديه وقاطع الرحم والمشاحن.

مزوق

أما رئيس دائرة الفتاوى في دار الإفتاء الشيخ وسيم مزوق قال: تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله  صلى الله عليه وسلمإذا دخل العشر شدّ مئزره واحيا ليله وأيقظ أهله.

في هذا الحديث الشريف نرى علاوة همّة رسول الله  صلى الله عليه وسلم في الطاعات حيث قال العلماء عند تفسير «شدّ مئزره» الكناية عن الاجتهاد في الطاعة فوق العادة، وعن الاعتزال لنسائه لأنه عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان في المسجد ليتهجد ويتفرّغ لطاعة ربه، قال العلماء في حكم ذلك ان النبي  صلى الله عليه وسلم يتحرّى ليلة القدر في هذه العشر الأواخر، وقد ذكر عليه الصلاة والسلام للصحابة قصة رجل من بني إسرائيل لبس السلاح وخرج في سبيل الله فعمل ذلك ألف شهر، فتعجب الصحابة من ذلك بان الأمم السابقة كانت تعيش أكثر منا وبالتالي يعبدون الله أكثر منا، ونعلم ان الصحابة أيضاً تعلموا من رسول الله الهمّة والمنافسة في الطاعة فانزل الله عزّ وجلّ سورة «القدر» على قلب رسول الله  صلى الله عليه وسلم وفي هذه السورة يقول ربنا في هذه الليلة {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، فطوبى لمن أحيا هذه الليلة وقامها لأنه سيكون من المغفور له بإذن الله أن صدق بتحرّيها وذلك لا يكون إلا إذا طهر قلبه من البغضاء والشحناء والحقد، فقد قال صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه» وهذه المغفرة مشروطة بصدق النيّة والاخلاص وطهارة القلب.

وتابع قائلاً: وهنا السؤال يأتي متى هذه الليلة المباركة؟ هل هي خاصة بليلة السابع والعشرين لأننا نرى المساجد تمتلئ فقط في هذه الليلة؟! وهذا من الأخطاء الشائعة بين النّاس لأن هذه الليلة أمرنا رسول الله  صلى الله عليه وسلمأن نتحرّاها في العشر الأواخر وخاصة في ليالي الوتر منها... فهي قد تكون من ليلة إحدى وعشرين أو الثالث والعشرين أو الخامس والعشرين أو السابع والعشرين أو التاسع والعشرين، وقد سألت السيدة عائشة رضي الله عنها رسول الله  صلى الله عليه وسلمماذا تدعو في ليلة القدر فقال لها قولي «اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا». وحتى يعفو عنا علينا أن نتحلّى بخلق العفو والصفح من النّاس حتى يعفو الله عنا.

وأضاف: من خصائص ليلة القدر ان الأجور تتضاعف {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} وهذه الليلة هي سلام أي سالمة حيث لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها أي سوء أو أذى، ووصفت بأنها سلام لأنها تكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بسبب ما يقوم به العبد من الطاعات، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه».

واختتم قائلاً: أوصي جميع المسلمين والمسلمات بكثرة الدعاء والصلاة وقراءة القرآن بقلوب خاشعة ساجدة لربّها، فالمؤمن يُسّجد بجسده وقلبه لربه سبحانه وتعالى.