بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 حزيران 2018 12:05ص الدعاة وقد انتصف شهر الخير: لنقف موقف محاسبة مع أنفسنا

لنحسن استثمار ما تبقى من شهر رمضان

حجم الخط
هل قد أنتصف شهر رمضان، وبالامس القريب كنا نهنئ بعضنا بعضاَ بقدوم شهر رمضان المبارك وكلنا فرح وسرور واستبشار بهذه الليالي الشريفة.. منا من قضاها في الطاعة، ومنا من قضاها مفرطاً مقصراً ليس له حظ من صيامه إلا الجوع والعطش ومن قيامه إلا السهر والتعب.. وها هو شهرنا الآن قد انتصف فاستدبرنا نصفه وبقي نصفه الآخر وهو يقول لنا بلسان الحال من كان مقصراً فما زال هناك متسع ومن كان مذنباً فأبواب الجنان ما زالت مفتحة وابواب النيران مغلقة، فليستغفر وليتب وليستدرك ما بقي. ماذا يقول العلماء للمسلمين في النصف من شهر رمضان، هذا ما سنجده في تحقيقنا التالي»
القاضي غندور
{ بداية قال القاضي الشيخ زكريا غندور: لقد انتصف شهر رمضان شهر الجود والبذل والاحسان، وحال الكثير منا هو الحال نفسه مضى اسبوعان من شأنهما ان يغيرا حياة الإنسان، انتصف رمضان وما زال البعض ينام.
واضاف: انتصف رمضان ولا بدّ من وقفات، هل صامت جوارحنا في الأيام التي مضت من نصف رمضان، كم قرأنا وتدبرنا آيات القرآن أم سنكتب ممن هجر القرآن في شهر القرآن، هل وصلنا الأرحام هل غفرنا لبعضنا الهفوات والزلات، هل اثر فينا الصيام وغير حالنا.
وانتصف رمضان هل من مستدرك لما فاتنا {قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم} فالله تبارك وتعالى لا يغلق باب التوبة في وجه تائب فرمضان هو فرصة التوبة والعودة إلى الله، رمضان ينبغي ان تظهر فيه جحافل التائبين وينبغي ان نتدارك قبل فوات الآوان ما بدر منا من تقصير أو نقصان فبقيت أيام لا تعوض فيها ليلة لا تقدر فضائلها بثمن.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي  صلى الله عليه وسلم  إذا دخل العشر شد مئزره واحيا ليله وايقظ أهله.
ختم قائلاً: بعد ان انتصف رمضان لا بدّ من وقفة محاسبة  فرمضان قد يخرج ويعود ولكن نحن قد نخرج ولا نعود فنستغفر ونستدرك ما بقي لعله آخر رمضان من عمرنا فلنصم ما تبقى من هذا الشهر صيام المودعين له، فلنستثمر ما بقي من رمضان ولنستدرك باقي الشهر فانه اشرف أوقات الدهر.
القاضي الكردي
{ القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي قال: ها قد انتصف شهر رمضان وقد اذن أهله بالرحيل ويدعوهم إلى المنافسة الجادة فيما بينهم بهذا الشهر الكريم لجهة الصيام والقيام وتلاوة القرآن وليس التنافس إلى موائد الطعام والاكثار من الملذات والشهوات لأن بهذا الفعل يخرج الشهر الكريم من شهر الصوم والعبادة إلى شهر الأكل والسهر والفرح بما لا يرضى الله تعالى.
واضاف: ولذلك ان شهر رمضان في هذه الأيام يخاطب المسلمين جميعاً لقد فات نصف الشهر اغتنموا ما بقي حتى تنالوا العتق من النيران واغتنموا هذا الشهر بصلة الأرحام والتوبة إلى الله العلام لأنه لا ترفع البلايا والمصائب إلا بتوبة صادقة.
وختم قائلاً: ما أحوجنا في هذا الشهر الكريم إلى العمل الجاد واغتنام أيام رمضان ولياليه بالطاعات والعبادات.
المزوق
{ اما رئيس دائرة الفتاوى الشيخ وسيم المزوق فقال: يقول الله تبارك وتعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}، ويقول تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض...}، ويقول حبيبنا محمّد  صلى الله عليه وسلم  «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة، وسقفها عرش الرحمن»، فعلى المؤمن أن يسارع ويسابق إلى فعل الخيرات ونيل القربات في كل لحظة من حياته، فكيف حالنا اليوم ونحن في شهر رمضان شهر الطاعات فيه تضاعف الحسنات، وتُمحى السيئات، وتُرفع الدرجات، وقد مضى نصف رمضان، فلنسأل أنفسنا ماذا فعلنا من العبادات، هل قرأنا القرآن؟ هل تصدقنا؟ قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل والنهار». رواه البخاري، هل قمنا الليل وصلينا التراويح؟ قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه»، الوقت يمضي سريعاً وهذا من علامات الساعة حيث يتقارب الزمان فإيانا أن نكون في غفلة عن ذكر الله تعالى وطاعته، قال تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون}.
واضاف: فعلينا أن نغتتم الأوقات الباقية من رمضان وأن ننظر في حياة السلف الصالح حيث كانوا حريصين أشد الحرص على الانتفاع بأوقاتهم واغتنامها واستثمارها، يسابقون الساعات ويبادرون اللحظات، وحرصاً على أن لا يذهب الوقت منهم سدى، قال عبد الله مسعود رضي الله عنه: «ما ندمت على شيء ندامتي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي، وقال أيضاً: «إني لأبغض الرجل أراه فارغاً لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته». وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: «ما من يوم ينشق فجره إلا ويقول: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى قيام الساعة».
فهذه أيام رمضان تنقضي فلنسارع إلى الوقوف بين يدي الله تعالى ولنقلل من النوم ولنهجر الفراش ولنترك الملهيات من التلفاز والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولنعمل لآخرتنا، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: «الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه».
فرمضان شهر الصيام والقيام، وشرف المؤمن قيامه بالليل، قال تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً}، ومن كان مقصراً في تلاوة القرآن الكريم أثناء النصف الأول من رمضان فليبادر إلى ختمه مع فهمه وتدبره والعمل به.
وتابع قائلاً: فشهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته، فكان جبريل يدارس النبي  صلى الله عليه وسلم  القرآن في رمضان، وكان سفيان الثوري رضي الله عنه، إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، ومن بخل على نفسه في أول رمضان ولم يتصدق ولم يفطر الصائمين ولم يدخل الفرحة على قلوب الفقراء والمساكين، فليتخلق باخلاق حبيبنا محمّد  صلى الله عليه وسلم  الذي كان أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان، قال  صلى الله عليه وسلم : «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئ»، وكان  صلى الله عليه وسلم  لا يرد سائلاً، حتى إنه ربما سأله رجل ثوبه الذي عليه، فيدخل بيته ويخرج وقد خلع الثوب، فيعطيه السائل.
وبالختام أقول على كل مسلم أن يشحذ همته ويشمر عن ساعديه ويقبل على طاعة ربه بتطبيق سنة الاعتكاف، فقد كان النبي  صلى الله عليه وسلم  يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وبذلك يتحرى المؤمن ليلة القدر، قال  صلى الله عليه وسلم : «تحروا ليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان».
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام وأن يجيرنا من النار فلله عتقاء من النار وذلك كل ليلة من ليالي هذا الشهر المبارك عسى ان نكون منهم.