بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2019 12:31ص الذي آمنهم من خوف

حجم الخط
إن انعدام شعور المواطن في بلادنا بالأمن بمفهومه العام بات يحتاج إلى دراسة جديّة وسريعة ترصد التغييرات الجذرية التي أصابت المجتمع في صميم حياته فجعلته ينسلخ من نفسه ليتحوّل إلى ذئب كبير يبحث عن فريسته في أي وقت ليأخذ منها ما يريد كيفما يريد وفي الوقت الذي يريد؟! والأهم أن نسعى السعي الواعي والعلمي لإزالة أسباب هذا الخلل حتى لا نكون كمن يعالج آثار المرض ويترك المرض حرا...؟!
فالله تعالى حين قال في محكم تنزيله {لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، فإنما أراد أن يذكّر عباده بنعمة الأمن التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال طاعته سبحانه وتعالى.
والأمن (بمعناه الاجتماعي والاقتصادي والصحي والغذائي والتربوي و....) هو ضمان استمرار التوازن في المجتمع وفي ما يصدر من أهله من قرارات، وبغيابه تفسد كل الأمور وتضيع كل الحقوق ويستباح كل محرّم..
وكفى بقول النبي عليه الصلاة والسلام (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِه، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِه، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) خير دليل على ما نقول...
فحين يرى المواطن أن الواسطة و(المحسوبية) هي سلاح العصر...
ثم يعايش واقعا لا يعترف إلا (بالشللية) و(تبادل المصالح)...
ويعاني أشدّ المعاناة لا لسبب معيّن... سوى أنه (آدمي)...
فحينها سيفقد الأمن بكل أسبابه ونتائجه وستسود حالة (الزعرنة) والفوضى في المجتمع...
والأسوأ... أن هذا المواطن حين يصاب بهذه الخيبات المتتالية يلجأ إلى مَن مِن المفروض أن يكونوا حماة القِيَم وجنود الحق... فيرى أنهم أول المستفيدين والمتعاملين مع هذا (الإنكسار الأمني) وأنهم أول من سكت وغض البصر بل وروّج.. فتكون هنا الصدمة الكبرى فيكفر بهم وبكلامهم وبشعاراتهم وبالوطن كله... ويخرج هائما على وجهه يبحث عن وطن بديل ما زال فيه الإنسان إنسانا...؟!
إن المجتمع اللبناني اليوم يا كل مسؤول.. يحتاج إلى إعادة التوازن إليه وإلى أهله وإلى نصرة الحق والتمسّك بكل فضيلة إنسانية ليشعر المواطن بالأمن بكل معانيه.
أما إن رفضنا فنحن (قاب قوسين أو أدنى) من سيطرة العبثية الفكرية والسلوكية والحيايتة على كل مفاصل الحياة من حولنا... وصدّقوني إن حدث هذا فالكل خاسر والثمن خسارة الدنيا... والآخرة معا...؟!
  الشيخ بهاء الدين سلام