بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 نيسان 2023 12:30ص الشيخ د. أسامة حداد مع دخول عيد الفطر المبارك: العيد الحقيقي عندما يشعر المواطن بكرامته في وطنه

الشيخ د. أسامة حداد الشيخ د. أسامة حداد
حجم الخط
صدق الشاعر حينما قال: «عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ»، أي عيد هذا وأي فرح نستشعر به والناس مثقلة بالهموم والأزمات الاقتصادية الصعبة التي أرخت بثقلها على قلوب الجميع فلا العيد عيد ولا الفرحة فرحة...
فرحة العيد ممزوجة بدموع الأهالي العاجزين عن تأمين أبسط مستلزمات العيد لأطفالهم... حزن وألم شعرنا به خلال تجوالنا في الأسواق لمعرفة ماذا تخبئ العيون والقلوب التي امتلأت بالأحزان والآلام بسبب الغلاء الفاحش.
بسمة لأطفال ممزوجة بهمّ وحزن آبائهم وأمهاتهم، وعندها لا يسعنا إلا أن نقول: عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ..
فهذه السيدة أم لثلاثة أطفال تجول على الواجهات من محل الى محل ربما لتجد ما يناسب ميزانيتها لشراء ثياب وأحذية العيد، تقول: الأسعار نار والغلاء سرق منا الفرحة، احتار لأي ولد اشتري مع انه جميعهم لمستلزمات العيد، ماذا أفعل؟! هذا الأمر دفعني الى شراء الأغراض من محلات التي تبيع الملابس الأوروبية المستعملة.
وفي مقلب آخر، أب يتنهد تنهيدة مليئة بالهم فيقول: ان غلاء مستلزمات العيد يتطلب ميزانية شهر كامل والأزمة الاقتصادية جعلتني في حيرة وأحاول قدر المستطاع أن أجعل الأولاد فرحين مسرورين بقدوم العيد.
أنها حالات وقصص عديدة لمسناها خلال جولتنا في الأسواق فمن المسؤول عن هذا كله؟!..
العيد جميل
والمؤلم أن نرى فرحة العيد قد شوّه معانيها المسؤولون في هذا البلد، فكيف يعلق المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ الدكتور أسامة حداد على هذه الأوضاع التي يعيشها الناس في العيد؟..
بداية قال الشيخ د. أسامة حداد:
عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ.. فحالنا لا يخفى على أحد.. الغلاء في الأسعار والأزمة الاقتصادية سرقت فرحة العيد..
إن مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك هذا العام خجولة جداً، تحت وطأة تداعيات الأزمة الاقتصادية المحلية والعالمية..
إن ما يعانيه المواطنون من حجز أموالهم في المصارف وإذلالهم على أبوابها، دمّر فرحة العيد..
إن سوء الخدمات الأساسية في الكهرباء والاتصالات وإنارة الطرق وصيانتها أدّى إلى تدمير الفرحة بالعيد..
إن غياب الدولة عن معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية أدّى إلى حالة من القلق والحزن الذي تسبب بأمراض مستعصية تتفشى في المجتمع بشكل لافت..
لذلك سنرى بهجة عيد الفطر المبارك منقوصة، لدرجة أنه لم يعد باستطاعة الكثيرين اصطحاب أطفالهم إلى أمكنة الملاهي والترفيه المباح..
لذلك سنسمع الكثير من الناس يقول: عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ..
فالعيد الحقيقي عندما يشعر المواطن بكرامته في وطنه..
العيد الحقيقي عندما لا تقلقه تأمين حاجته الأساسية..
العيد الحقيقي عندما يكون المواطن قادراً على تفريح أبنائه برهجة العيد..
ولكننا رغم كل ذلك سنبقى متفائلين واثقين بالله القادر على أن يرفع عنا ما نحن فيه.. ولا بد لنا أن نفرح ضمن طاقتنا تطبيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : للصائم فرحتان يفرحهما.. إذا أفطر فرح بفطره.. وإذا لقي ربه فرح بصومه..
فلنفرح بِنَعم الله قبل فقدانها.. فوجود أهلنا وأحبابنا حولنا هو فرحة لا توصف.. ونعمة الصحة والعافية والإيمان فرحتها لا تقدّر بثمن..
فالعيد يعني الفرحة الكبيرة بنعمة العبادة التي منّ الله بها عليه، وللصغير بلبس الجديد والمرح مع الأهل والأحباب..
العيد يعني ان مع العسر يسرا ومع الضيق فرجا..
العيد يعني هناك أمّة حيّة ملتزمة بتعاليم خالقها ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
العيد يعني انتصار على النفس والملذات والشهوات..
العيد يعني فرحة البشرى للمؤمن في الدنيا والآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم: «للمؤمن فرحتان: فرحة عند فطرته وفرحة عند لقاء ربه»..
العيد يعني تحابب وتسامح وتواصل بين الأفراد والجماعات..
العيد يعني ذِكر وتذكّر لفضل الله كثيراً...
العيد نسيان للماضي واستقبال لكل جديد.. العيد الانتقال من عبادة الصوم والدخول بأخرى، فالصيام منهى عنه يوم عيد الفطر، فيوم الفطر يوم أكل وشرب وذكر الله تعالى..
العيد ذكرى لأيام الانتصارات، فالنصر فرح والعيد فرح..
وقال: وفي الختام نتوجه إلى الاغنياء بأن يخصصوا مبالغ مالية لمحيطهم العائلي والاجتماعي تكون كافية لتأمين الحاجات الأساسية، والأفضل تأمين فرص عمل لائق بمخصصات كافية تعفيهم من ذل المسألة، وتحافظ على كرامة الناس وعيشهم الكريم..
ونتوجه إلى الذين يبذرون أموالهم بالمفرقعات ونقول لهم: لا تحرقوا قلوب المحتاجين الجائعين بحرقكم لأموالكم فيما يزعج ولا ينفع..
نسأل الله أن يعيد علينا عيد الفطر وقد تغيّرت أحوالنا، وتخلّص الوطن من كل فاسد وفاشل.. وعندها يكون العيد الحقيقي في ازدهار المجتمع ونهضته..