بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2019 12:05ص العُلماء للشعب اللبناني بأكمله: المسؤولية كبيرة على كلِّ واحد منّا... وعلينا وأد الفتنة أيّاً كان مصدرها..

حجم الخط
«الفتنة أشدّ من القتل»، «الفتنة نائمة لعن الله من يحاول إيقاظها» ويقول الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

ان ما نراه في مجتمعنا من شحن النفوس والعقول بأسلوب الخطاب الطائفي الذي يؤجج الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد من خلال وسائل الإعلام أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لهو دليل قاطع على تراجع الوعي الاجتماعي وتقوقع العقول الذي أوجد تربة خصبة لتنامي هذا الخطاب بين أبناء المجتمع الواحد، وأجج الفتنة ربّت روح الكراهية والعداوة في نفوس الناس.

كما أن الأنظمة السياسية والدكتاتورية الشمولية تعمد إلى تغذية هذا الخطاب المذهبي والشروع الطائفي لزيادة حدّة التوتر والحقد والكراهية بين مكوّنات وشرائح المجتمع الدينية والعرقية والفكرية مما يسهّل عليها الاحتفاظ بالسلطة أكثر...

ولا بدّ من الإشارة إلى دور العلماء في تنفيس هذه الشرارة، شرارة الطائفية، من خلال أحاديثهم وخطاباتهم التي تبيّن خطورة وحرمة هذه النزعة والتي تقضي على العباد والبلاد دون إستثناء...

مع ما نشهده في مجتمعاتنا من التركيز على تأجيج الصراع الطائفي بين أبناء المجتمع وخصوصاً بعد إندلاع الثورة يتطلّب من الجميع مهما علا شأنه ومقامه أن ينظر بعين المسؤولية لحماية هذا الوطن ونجاحه بدلاً من تدميره..

ماذا يقول العلماء حول هذا الخطاب في هذه الظروف؟..

هذا ما سنعرفه في تحقيقنا التالي:

المفتي الصلح

{ مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح قال بداية: نرفض الخطاب الطائفي الذي يسود البلاد، فإننا في لبنان مسلمون ومسيحيون غير معنيين بالتطرف والانغلاق ونهدف دائماً الى الانفتاح على الآخر والاعتراف بهم كأخوةٍ في الإنسانية والوطن, وان هدفنا بناء وطن آمن ومزدهر بعيدا عن كل التشنّجات الداخلية والخلافات المحيطة بنا.

وندّد الصلح بالخطاب الطائفي والمذهبي الذي يستعمله البعض كعنصر من عناصر خطابهم العام, والذي يتغذّى من قيم المذهبية والطبقية ويولد الكراهية والعنف ويسعى لإشعال الفتنة.

وأضاف: نحن كعلماء وكرجال دين في موقع المسؤولية نهدف الى منع تفشّي الجهل ودفن الحقد الطائفي, ونسعى لبناء جسور الصداقة والأخوّة التي هي الأمر الأساس لخير الوطن والمواطن. ففي لبنان المتنوّع بطوائفه يجعله من أيقونة الشرق باختلافه. ونذّكر ان من يسعى الى التعصّب والطائفية هو العدو الصهيوني الذي لا مصلحة له أن يعيش أبناء لبنان بتنوّع طوائفهم في وطن واحد.

وتابع: نستهجن أن يستعيد البعض الخطاب الطائفي الذي يعيدنا الى زمن الحرب الأهلية الميتة والتي انعكست توتيراً للأجواء وحقناً مذهبياً وطائفياً كاد أن يؤدّي الى إنفلات الأمور وعليه ندعو مختلف الأفرقاء للابتعاد عن الخطابات التي من شأنها إثارة الحساسيات المذهبية والطائفية والعمل معا لمصلحة الشعب والوطن، فدعوتنا اليوم وكل يوم أن نبتعد عن الخطاب التشنّجي والتعصّب الطائفي في وطننا لبنان وأن نحصّن دولتنا وشعبنا من التفرقة والتمييز بين اللبنانين والكفّ عن طلب فحص بالوطنية.

مختتما بالقول: نشدّد على دور كل مسؤول في البلاد في توعية المواطنين ودعوتهم لعدم الانجرار وراء الفتنة، داعياّ الله تعالى أن يحفظ لبنان من مكر الماكرين وأن يقيه شر الفتن.


المفتي الشيخ خالد الصلح


سبيتي

{ أما الشيخ يوسف علي سبيتي فقال: ان مشكلتنا في هذا البلد هو الخطاب الطائفي الذي يتكلم به المسؤولون بين كل فترة وفترة، ويتعاملون مع الأمور بطريقة طائفية ومع المراكز الحسّاسة الأساسية بهذه الطريقة كأن هذه المراكز ملك للطائفة، وللأسف الشديد عندما يتحلّى المسؤول بهذه الصفة لا بدّ لرعيته أن تقلّده وتتأثر به لأنه إذا فسد الأمراء فسد النّاس، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «أثنان ان صلحا صلحت أمتي، وان فسدا فسدت أمتي وهما العلماء والأمراء».

وأضاف: فعندما يتكلم الأمراء بكلام بعيد عن التشنّج والطائفية وبطريقة فيها مصلحة الوطن والبلد عندئذ يتخلّى النّاس عن خطابهم الطائفي، فالخطاب عند النّاس هو إنعكاس لخطاب المسؤول، فإذا كان خطاب المسؤول لمصلحة شعبه وبلده عندئذ لا يتجرّأ أحد من أنصاره بالتكلم عن الطائفية، وإذا كان العكس فإن ذلك سيشحن النفوس ويؤجج الفتنة والكراهية وسيتصرف أنصاره على هذا الأساس.

وحول دور العلماء في هذا الخطاب أشار إلى انه من القائلين: ان الإسلام دين وسياسة بمعنى انه من حق العالم أن يتدخّل في الأمور السياسية ولكن في لبنان لا، لأنه يعمل اصطفاطات طائفية وخصوصاً إذا كان ذا مركز له صدى قوي، فمن المفروض الابتعاد عن الإصطفافات الطائفية والنظر إلى مصلحة وطنه.

ونحن للأسف بلدنا طائفي بامتياز ونحن العلماء ننجرّ إلى هذا الخطاب، شعرنا أم لا نشعر.

واختتم قائلاً: ان كل إنسان مهما كان شأنه أو قدره هو مسؤول أمام الله في اختيار الكلمات التي تبعد الطائفية والتي لا تدينه يوم القيامة بل عليه اختيار الكلمات والتعابير التي تصبُّ في نبذ الطائفية وفي مصلحة الوطن، ويجب على الجميع مواجهة هذا الخطاب يفككه وكشف مصادره وآلياته وطرح البديل له بخطاب آخر مغاير ومختلف مناهض ومناقض للطائفية وهو خطاب العقل والتنوير المتنوّع والمتعدّد.


الشيخ يوسف علي سبيتي


دلي

{ أما مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلى فقال: نقف في وجه الخطاب الطائفي ونطالب بالتصدّي للفتنة التي تؤدّي إلى الدمار والخراب، فعلينا الاتعاظ من الحرب الأهلية.

وتوجّه إلى كل من زرع بذور الطائفية بين أبناء الوطن بان أول خاسر هو من يعمل على إطلاقها في كيان الوطن وان ضرر ذلك سيصيب من يغذّيها في نفوس مجتمعه وناسه.

وقال: وأقول لمطلق التحريض الطائفي عليك أن تعيد حساباتك كي لا تخسر نفسك في الوطن لأنه إذا خسرنا وطننا فلا تبقى كرامة لأي منا... فلنكفّ عن إثارة النعرات الطائفية وخصوصاً في هذه الظروف الدقيقة التي تشهدها البلاد لأنه يكفينا ما سقط من الشعب اللبناني نتيجة لحقد دفين أدّى إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى والمعوقين، وإلى تهديم الوطن والقضاء على مؤسساتها... فالوصول إلى هدف أو موقع لا يكون على فتنة طائفية نحن بغنى عنها، وأي تحريض طائفي هو الرصاصة القاتلة وإنهاء وطن ومن ينادي بذلك فأعيننا عمياء عن رؤياه وآذاننا صمّاء عن سماعه.

واختتم قائلاً: فمواجهة خطاب الحقد والكراهية هي أحد مهمات كل فئات المجتمع والنخب الفكرية والعمل معاً لأجل التصدّي لهذا الخطاب الخطير الذي يُهدّد المجتمعات وبتنوير العقول المنغلقة وإيقاف مقصلة الدم.


المفتي الشيخ حسن دلي