بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 آذار 2018 12:05ص العُلماء للمعلِّمين والمعلِّمات في يومهم العالمي

أبناؤنا وبناتنا أمانة عندكم... فأحسنوا تعليمهم وتربيتهم

حجم الخط
المعلمون حماة الثغور ومربو الأجيال وعمار المدارس.. فهم المستحقون للأجر وللشكر، ولذا كان لا بد في يومهم العالمي «يوم المعلم» من توجيه التحية إلى من ينفق من مشاعره وأحاسيسه ومن أوقاته ومن دمه ونفسه في سبيل تقديم العلم و التربية الصحيحة لأبنائنا وبناتنا...
لما كان العلم منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقد أشار القرآن الكريم إلى مكانة المعلمين من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإلى دورهم في نقل هذه الرسالة وتعليمها إلى الناس أجمعين من خلال منهجين: منهجٌ قائمٌ على التعليم، ومنهجٌ آخرٌ قائمٌ على التزكية والتربية، يقول ربنا سبحانه وتعالى:»رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ»، والتزكية هي منهج سلوك نفسي وخُلقي على كل إنسان أن يتحلى به سواء كان معلماً أو متعلماً. ومهمة المُسلّكين، والمربين، والأنبياء، والمعلمين، والمدرّسين الجمع بين الأسلوبين معاً، أي أن يكونوا معلمين ومزكّين في الوقت نفسه؛ بأن يحرصوا على نقل المعلومة إلى طلابهم، والارتقاء بهم من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم، ثم الانتقال بسلوك الطلاب إلى مستوىً أرقى مما كانوا عليه فيما مضى, وهذا يُشعِر كل المربين والمعلمين بالمسؤولية العظمى والأمانة الكبرى التي حمّلهم إياها ربنا سبحانه وتعالى.
رسالة عظيمة
أولا لا بد أن نشير إلى أنه من الضروري أن يعرف كل من يقوم يمهمة التدريس أنه يؤدي رسالة شريفة مباركة وليس مجرد وظيفة مقابل أجر..؟!
وهذه الشخصية التي تضع نصب عينيها أن هذه المهنة هي مهنة الأنبياء والرسل وأصحابها هم ورثة الأنبياء وهم الذين يرفعون عن الناس الجهل فينقلونهم من ظلمات الجهالة إلى نور العلم والإيمان والمعرفة إذا نظرت إلى هذا العمل على أنه رسالة علمت تماما العلم أن الله يجازي عليها أفضل وأعظم من النظرة إليه على أنه أداء لواجب وظيفي يستوي مع واجب أي موظف آخر، وبالتالي إزداد الحرص منها على إتقان العمل والبراعة في أسلوب تأديته...
ثانيا: على المدرس أن يعلم أن الإسلام بتعاليمه الخالدة و الراقية هو الذي يستطيع أن يقوم بعملية إنقاذ المجتمع تربويا واجتماعيا وخلقيا وعلميا، فالمشكلة الآن هي مشكلة الدعاة في كل مجال ، فالمعلم في مدرسته وفي فصله لابد وأن يكون داعية مخلصا في عمله لله تعالى وقاصدا رضاه... 
ثالثا: نعلم أن المدرس أو المعلم يعيش ظروفا صعبة اقتصاديا واجتماعيا، ولذلك نقول إن مهمته عصيبة جداً  ولكنك حامل لواء التنوير والتعليم فاصبر واستعن بالله فإنه تعالى في عليائه وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحيتان في البحر يصلون على معلم الناس الخير». 
حداد
المفتش العام في المديرية العامة للأوقاف الإسلامية الشيخ أسامة حداد قال بداية أن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى الحوت في الماء والطير في الهواء والنملة في جحرها ليصلون على معلم النّاس الخير.
  انطلاقاً من هذا الحديث الشريف يبرز فضل المعلم الذي يربي الأجيال على القيم والفضائل ويغرس الوعي والعلم في نفوس المتعلمين بدءاً بمرحلة روضة الأطفال وصولاً إلى الشهادات العليا..
واضاف: والمجتمع الذي يُكرم فيه المعلم هو مجتمع راقٍ يسعى إلى الحضارة والرقي والمجتمع الذي لا يعرف قيمة المعلم فهو مجتمع منحدر ومما قرأته عن إحدى البلدان المتطورة يسأل رئيسها عن سر النهضة والتقدم الحضاري فأجاب: اننا عاملنا المعلم معاملة وزير لأنه باني الأجيال.
وتابع قائلاً: وفي يوم المعلم أتوجه إلى المعلمين بالتحية والأكبار على جهودهم المبذولة في سبيل رفعة الوطن، واتوجه إليهم أيضاً بالثبات على غرس القيم والتربية مع العلم فلا يُمكن ان نعلم ابناءنا الرياضيات والعلوم واللغات ونهمل التربية والقيم والاخلاق، فما فائدة طبيب يغش، ومهندس يتلاعب، وقاضٍ يرتشى.
واضاف: ان مفهوم العلم في  الإسلام مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التربية فما احوجنا الآن ان نتعاون جميعاً معلمين ومسؤولين للحفاظ على قيما واخلاقنا... ولا نحمل المسؤولية على معلم الدين فقط فكيف يتم البناء ان كان هناك من يهدم.
واتوجه في يوم المعلم إلى المعنيين في وزارة التربية وغيرها بضرورة الإهتمام بالمعلمين ورفع المستوى المعيشي لهم حتى يُعلموا براحة بال وباستقرار.
واتوجه إلى طلابنا الأعزاء بان لا يقصروا باحترام معلميهم في كل يوم من أيام حياتهم أثناء الدراسة وبعدها واحرصوا على اجلال المعلم وتكريمه في كل ثانية ونفس من انفاسكم إذ قال النبي  صلى الله عليه وسلم  «ليس منا من لا يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا قدره».
الحوت
{ أما الشيخ إبراهيم الحوت فقال: إن طلب العلم وتعلمه من أعظم الطاعات وأجل القربات لما يترتب عليه من الأثر العظيم والنفع الكبير فبالعلم معرفة التوحيد والإسلام والعقيدة الصحيحة وبه معرفة حق الله وحق رسوله  صلى الله عليه وسلم  وحق عباده ،وبه تعرف الأحكام ويفرق بين الحلال والحرام وبه  يعبد الله على بصيرة، وحاجة الناس إليه أشد من حاجتهم إلى الشراب والغذاء والدواء، وبه حياة القلوب وانشراح الصدور والنجاة من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، ويكفي المدرس شرفا ما قاله بعض السلف : «لا أعلم بعد النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه».
فحري بنا جميعاً التفقه في دين الله والتزود من ميراث النبوة ومعرفة الحلال والحرام، وأن نحض أبناءنا على طلب العلم وملازمة حلقات العلماء، وأن نعرف للعلماء مكانتهم واحترامهم وتقديرهم .
وتابع: واليوم هو يوم المعلم.. ونحن إذ نتقدم بأسمى كلمات الشكر والتقدير لكل معلم ومعلمة في بلادنا فإننا نوصيهم بداية أن يستحضر الإخلاص لله عز وجل في عمله، فقد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فالمخلص يصح له عمله ويستشعر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه فيستشعر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، وقوله  صلى الله عليه وسلم : «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه البخاري ومسلم.
 وأضاف: ونوصي المدرسين بالتزام الوصف الإسلامي، وأقل ما ينتظر من المدرس أن يكون مظهره إسلامياً وان يتفق قوله وفعله، فلا يكون فاحشاً في قوله أو طعاناً أو لعاناً بل يكون صادقاً في أقواله، وكذلك ملابسه فلا يكون فيها مخالفة شرعية وكذلك بقية هيئته الخارجية لأنه قدوة.. والقدوة لا بد أن تكون مستشعرة لكل ما تقوم به فإذا عصى الله بمظهره الخارجي كان داعياً للطلاب للإقتداء به في هذه المعصية لقوله  صلى الله عليه وسلم : «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا».
وأردف قائلا: ولكن هنا أيضا أوصي الطلاب بالجد والاجتهاد ودفع الكسل واحترام المعلمين، كما أوصي الأهل على غرس احترام المدرس في نفوس الأبناء حتى لا يتطاول طالب على معلمه أو ابن على أستاذه، فللمعلم مكانة كبيرة في مجتمعنا ولا نرضى أبدا أن يستخف بها أحد أو يستهتر بقيمة ما يقدمه أو يسخر من أقواله أو أفعاله... ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال:
اصبر على مر الجفا من معلم
فإن رسوب العلم في نفراتـه 
ومن لم يذق مر التعلم ساعة
تجرع ذل الجهل طول حياته
ومن فاته التعلم وقت شبابـه 
فكبر عليـه اربعـاً لوفاتـه
وذات الفتى والله بالعلم والتقى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاتـه