ظاهرة جديدة تخيّم على مجتمعاتنا وهي استعمال الرصاص والمفرقعات النارية مع أي حدث، وتكثر هذه الظاهرة خاصة مع صدور نتائج الامتحانات الرسمية أو مع عودة حجاج بيت الله الحرام تحت ستار الفرح بهم واستقبالهم رغم المخاطر الكبيرة المترتبة على هذه الظاهرة صحياً أو مالياً، فربما هذه الرصاصة تخرق جسد طفل صغير يلعب أمام منزله، أو رجل مسن يجلس في شرفة بيته..
وهنا نسأل على من تقع المسؤولية في ذلك؟ وكيف يجب معالجتها؟!
بداية، إذا تناولنا الأسرة، فعلى الأسرة توجيه أطفالهم أو أفرادها بعدم استخدام هذه المفرقعات أو الرصاص في الأفراح أو المناسبات لما ينتج عنها من ضرر.
أما عن دور المعاهد والجامعات والمدارس، فعليها دور أساسي تعليم وتوجيه الطلاب وتوعيتهم لمخاطر المفرقعات النارية وهذه التصرّفات.
كما على وسائل الإعلام دور في توعية المجتمع بمخاطر وسلبيات استخدام الألعاب النارية خاصة من خلال برامج التلفاز التي يجب منها إعطاء مادة إرشادية عن مخاطر وعواقب استخدام هذه الألعاب.
ونظراً لدور الدين الكبير في الحدّ من كافة الظواهر السلبية فلا بدّ لأئمة المساجد من طرح هذا الموضوع في خطب الجمعة وتوضيح موقف الشرع من ذلك على مختلف الصعد..
وفي موضوعنا اليوم اطّلعنا على آراء العلماء حول ظاهرة المفرقعات النارية لاستقبال حجاج بيت الله الحرام...
غندور
{ بداية قال القاضي الشيخ زكريا غندور: إن هذه الظواهر المنتشرة في مجتمعنا سواء في الأفراح وخاصة بعد عودة الحجاج واستقبالهم بالمفرقعات النارية المزعجة وأحياناً بالرصاص هي نتيجة تخلّف وعدم فهم حقيقي لما شرّعه الله سبحانه وتعالى، لأن الحاج ان عاد منبهجاً يجب عليه أن يعود بمظاهر الابتهاج وبزيادة الطاعة وليس بالمفرقعات وإزعاج النّاس، وبالتالي فيها نوع من الرياء والمباهاة ونوع من الكبرياء وهذه الصفات نهى عنها الإسلام لأن الحاج يجب أن يتخلّق بأخلاق الحج التي من مبادئها لا رفث ولا فسوق ولا جدال، فكيف بالمفرقعات والإزعاج؟! فهذه الصورة لا توحي بأنه عاد من عبادة يشعر من خلالها بالخوف والانتظار بأن يكون على طريق الحق والسكينة والوقار.
وأضاف: أهنّئ جميع الذين أدّوا فريضة الحج التي هي فريضة روحية لها مكانتها ومكانها في الإسلام، وأهنئ جميع الحجاج العائدين حيث أكرمهم الله تعالى فأعادهم سالمين غانمين آمنين مطمئنين، والابتهاج عند أداء كل فريضة وإتمامها مطلوب شرعاً ولكن ما يقوم به بعض النّاس ويعبّرون به عن فرحتهم من إطلاق المفرقعات النارية قوية الأصوات في منتصف الليل وبالرصاص أحياناً وما يتعلق به فهذا أمر يضيّع فرحة هذا الاستقبال والفرحة بأداء هذه العبادة حيث كنّا وما زلنا نسمع الأعيرة النارية والمفرقعات التي تؤذي النّاس، الكبار والصغار والنساء، وتعكّر صفو حياتهم حتى في منتصف الليل، وهذا كلّه مضيعة للحال وتعكير على النّاس وإيذائهم... فالإسلام أوصانا فقال: «اثنان لا تقربهما الشرك بالله وإيذاء الناس».
واختتم قائلاً: أدعو اخواننا جميعاً أن يقلعوا عن هذه العادة السيئة التي لا فائدة فيها ولا حكمة تقضيها.
شحادة
{ أما القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة فقال: تصادف هذه الأيام كما في كل عام مرور عيد الأضحى المبارك في ختام موسم الحج من كل عام، وبالتالي يعود حجاج بيت الله الحرام إلى ديارهم بعد أداء هذه المناسك المباركة والتي نتمنّى أن يتقبّل منهم أعمالهم وقيامهم وصلاتهم وحجّهم، إلا ان ما نلاحظه من أهالي وذوي الحاج الكرام الذين كانوا في رحاب الرحمن في سكينة وهدوء وكما أمر الله عزّ وجلّ {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال} وكما يعلم الجميع ان الحاج هو قبل سفره ومغادرته يستسمح أصدقائه وأهله وكل من حوله لأنه سوف يكون في رحاب الرحمن عزّ وجلّ في أقدس وأطهر بقاع الأرض وانه سوف يعود من هذه الفريضة بلا ذنوب ولا معاصٍ ويكون ملتزماً مستقيماً دون أي خلل يفسد ما قام به، فما هو الملاحظ ان الناس الذين يعنيهم هذا الحاج يبدأون بالتحضيرات لاستقباله لا سيما في لبنان، وطبعاً في دول أخرى إلا اننا علينا ما يعنينا لبنان، ان ما يقومون فيه ما يناسب الحج بالكلمات والترحيب والدعاء بالقبول والعودة بالسلامة إلا أن ما يفوق العادة ويفوق الحال الطبيعي للحاج وهيبته هذا الحاج وكرامته بشراء المفرقعات وأحياناً إطلاق النيران الحيّة وقيام الأهازيج والترحاب كما يُصار في الأفراح وكأن الحاج قد أتى من زواج ولم يأتِ من حاج.
وأضاف: لذلك نأمل أن نتعلّم أولاً معاني ومغزى الحج وأن نكون قدوة صالحة لغيرنا وأن نقلع عن عادات لن أسمّيها وثنية إنما أسمّيها طيش وتفلّت وعدم إدراك وأكثر من ذلك فهي أذى وهذا الأذى قد نهى عنه رب العزّة عزّ وجلّ، فبأي حال يتقبّل الحاج مثل هذه الأفعال والاحتفالات التي تؤذي الغير سواء من ممتلكات أو أشخاص أو منازل أو جيران إضافة إلى ذلك من أعباء مالية تبرز وتحرق خلوف الشرع كسبب ديني محض، أين يلتقي البذخ والإسراف والعبادة فلا يلتقيان.
لذلك نأمل ونتمنّى على جميع أهالينا واخوتنا وأخواتنا من حجاج وأهاليهم وذويهم أن يقلعوا عن هذه العادات الغير إسلامية ولا شرعية ولا تمّت للدين بصلة وعليهم أن يستقبلوا حجاجهم بكل فرح هادئ ودعاء جميل بالقبول والعودة والتمنّي أن يكون لهم نصيب بالحج في الأعوام القادمة، ومن يريد أن ينفق مالاً من أجل تكريم الحج فلا يصرفه ولا ينفقه على الموبقات التي تحرق ماله عليه أن يتصدّق بها بالصدقات أو يأتي بما يفيد ويقدّمه كهدية إكراماً لهذا الحج وتكريماً له وابتهاجاً بقدومه وعودته مسالماً وآمناً من حجه المبارك.