بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تموز 2022 12:00ص العلماء عن عيد الأضحى: لنُثبت قواعد الحق والعدل والإيمان ولنرفض كل فساد وظلم

حجم الخط
عيدٌ بأيّة حال عدت يا عيد، هذه حال المسلمين في هذه الأيام الفضيلة محزنون على ما آلت إليه الأوضاع بسبب الأزمة الاقتصادية الصعبة التي حرمت الكثير من المسلمين المؤمنين من إداء فريضة الحج لهذا العام وكذلك من الشعور بفرحة عيد الأضحى المبارك.
عيد الأضحى هذا العام، يأتي تحت وابل من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية فرضت على الجميع الاختصار في مستلزمات الحياة.. ولكن رغم ذلك، فإن ثقتنا برب العالمين قوية بأنه منقذ للبشرية، وأن تكون شعائرنا في عيد الأضحى هي للتقرّب من الله عزّ وجلّ.. ماذا يتمنى العلماء في عيد الأضحى في ظل الأوضاع والظروف التي نعانيها؟... هذا ما سنعرضه في تحقيقنا التالي:

مزوق
بداية، قال رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق: يطلّ علينا يوم الأضحى المبارك ليعزز الثقة برب العالمين ويدخل الله به الطمأنينة إلى القلوب، فالأضحى برمزيته يرسّخ فينا التسليم لرب العالمين حتى نعلم بأن الله سبحانه وتعالى سيجعل بعد هذا الضنين فرح وبعد هذا العسر يسرا فلا يجزع المؤمن بل عليه أن يطمئن.
وأضاف: فرسالة الأضحى من رب العالمين، أراد الله بها أن يذكّرنا بخليله إبراهيم الذي اشتدّ عليه الكرب فجاءه الفرح العظيم يوم الأضحى ففدى الله تعالى ولده إسماعيل بكبش عظيم وأدخل السعادة إلى بيته وأعلمه الله تعالى ان القربى من رب العالمين يجب أن يطمئنوا، فالله سبحانه وتعالى ضامن بسعادتهم.
وتابع قائلاً: ان عيد الأضحى قد جعله الله تعالى يتجدّد كل عام ليجدّد في قلوب البائسين الأمل برب العالمين وليرسّخ للناس العلم اليقين لأن الله سبحانه وتعالى برحمته التي سبقت غضبه سيتلطّف بالمؤمنين ويجعل لهم مخرجاً.
وقد نكون هذا العام خلافاً للأعوام السابقة، بسبب الأزمة الاقتصادية, ليس هناك كثير من المؤمنين في الأراضي المقدسة يؤدّون مناسك الحج والعمرة، ولكن يجب أن نعلم ان الله سبحانه وتعالى قد جعل بديلاً لكل ما فات، فإذاً حرم المؤمنون من الذهاب إلى الحج هذا العام، فان الله أبدلهم بطاعات سينالون أجر الحج تماماً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوّع فهي كعمرة نافلة».
واختتم قائلاً: رغم ما نعانيه كبشرية علينا أن نكون واقعيين مع أنفسنا، لأننا يجب أن نعود إلى قيمنا وديننا ونحترم نعمة الله التي أنعم علينا وأن نحافظ على ما رزقنا به من نِعَم لا تحصى وعلى هذه الأعياد فسحة كي يتلاقى فيها الناس بعضهم البعض يصل الإنسان أخيه الإنسان بما يحتاجه وذوي القربى أولى.
العرب
أما الشيخ حسن العرب، إمام مسجد سبينه، فقال:
يوم الأضحى هو موسم النحر المعظّم، وذكرى الفداء والتضحية، من أجل إرساء قواعد الحق والعدل، والصبر والإيمان، وإسعاد الإنسانية بالمبادئ القويمة، التي تربط العبـد بخالقه ورازقه، وتحقق آماله ليفوز بشرف الدنيا، وكرامة الآخرة.
وإن الأمة إذا سرت في أعطافها روح التضحية والفداء، زال عنها العناء والشقاء، وسعدت برضوان رب الأرض والسماء، فيا لها من سعادة في الدنيا، وفوز في العقبى.
وما أحوج الأمة في أيام محنهـا وشدائدها إلى دروس التضحية، تستمع إلى تفاصيلها، وتشرب من معينها، وتحفظ من كتـابهـا، حتى يتجدّد فيها العزم على الجهاد، وينبت فيها الوعي التام، على مقاومة الاستبداد، ومحاربة البغي والفساد، لتنشأ نشأة روحية إسلامية، وتحيى حياة الآمال، وتبني بناء الأبطال، وتسير دائماً قُدما إلى الأمام، فهذه الدروس يتلقّفها المسلمون من معاني عيد الأضحى.
إن التضحية شعار الكرامة، وعنوان الشرف، ودليل الإيمان، ولا يقف الإسلام على أقدامه إلا بالتضحية، ولأن المضحي لا يخاف من أجله، فهو يعلم أن لكل إنسان أجلا لا يتعدّاه، فلا يخشى المضحي في سبيل عقيدته وإيمانه: أَوَقع على الموت، أو وقع الموت عليه؛ لأنه يريد الكرامة لدينه، والعزّة لبلاده، والسعادة لأمته، ولا يخشى الفقر والإملاق، لأن اعتماده على الرازق الخلّاق.
ومـا أحـوج المسلمين اليـوم إلى دروس حيّـة قـويـة في التضحية والفداء؟!
وما أحوجهم إلى الاعتصام بحبل الصبر والإيمان، في هذه الظروف الدقيقة، التي يمتحن فيها الإسلام والمسلمون، وقد تألّبت عليهم ذئاب البشر، ودول الكفر والإلحاد، وعصابات الشر والفساد، تريد النيل من كرامتهم، والقضاء على كيانهم، والعمل على سلب أراضيهم ومقدساتهم، وإدخال السمّ في قلوبهم، ونشر الفواحش في مجتمعاتهم!
وفي العيد من المعاني السامية أنه يجمع المسلمين ويؤلف بين قلوبهم ويوحّد صفوفهم ويجمع كلمتهم على الحق، ففي العيد تتصافى القلوب وتتعانق الأرواح وتتصافح الأيدي ويتبادل الجميع التهاني والتبريكات، إن كان في القلوب رواسب خصام أو أحقاد فإنها في العيد تسل وتزول، وإن كان في الوجوه عبوس، فإن العيد يدخل البهجة إلى الأرواح والبسمة إلى الوجوه والشفاه.
في العيد يلتمّ شمل الأسرة ويجتمع أفراد العائلة ويتزاور الإخوان وتوصل الأرحام ويعيش الجميع في فرح وسرور، شعارهم في هذا اليوم التكبير والشكر للّه على ما وفّق وهدى، قال تعالى: {ولتكبّروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} [البقرة:١٨٥].
ولعلّنا لا نكون مجافين الحق إذا قلنا بأن هذا العيد يمرُّ علينا وفيه مسحة من الحزن، وغصّة ومرارة، نتيجة الأوضاع المأساوية التي يشهدها بلدنا وكثير من عالمنا الإسلامي، فليتذكّر كل منا وهو ينعم بالتئام شمل أسرته صبيحة العيد ويقبّل أولاده ويأنس بزوجته، أن أسراً كثيرة قد فقدت الناصر والمعيل، وأن أولاداً لا يشعرون اليوم بعطف الأب، وزوجات وأيامى لا يجدن حنان الزوج.
وهناك الكثير من العائلات لا تجد ما تسدّ به جوعها أو تؤمّن به علاجها، فلا يستقيم في منطق الأخوّة والمروءة أن يتنعم المرء ومن حوله يشعرون بالجوع والحرمان، أو أن يلبس الجديد وغيره محتاج إلى طعام يقيم أوده ولباس يستر سوأته، والمسلمون جميعاً إخوة، والأخ لا يتخلى عن أخيه؛ ولقد حثّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التعاون فقال: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى»، وفي الحديث أيضا عنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم»..
وفي العيد عادات الكرام لقد جرت
ببر اليتامى وافتقاد الأرامل
نسأل الله أن يعيد هذا العيد علينا وعلى المسلمين وقد استعدنا قوّتنا وعزّتنا، وصلحت أحوالنا. وكل عام وأنتم بخير.