بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيلول 2021 12:01ص العلماء في زمن الأزمات: ساعدوا الناس بلا إعلام حتى يكون العمل مقبولاً عند الله

حجم الخط
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله إني أقف الموقف أريد وجه الله وأريد أن يرى موطني، فلم يرد عليه رسول الله  صلى الله عليه وسلم حتى نزلت {فمن كان يرجو لقاء ربه، فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً}، أي الذي يطلب نعيم الله ورضوانه ويتجلّى عليه ربه بإحسانه فليتحرّ العمل الذي أُمر به ولا يجعل له شريكاً قاصداً وجه الله فقط، ولا يقول هذا للّه ولأخي أو لعمي أو لرحمي، وتكون أنواع طاعة ربه قاصرة عليه فقط ويستعين بالله فقط ويرجو الله فقط.

ويعجب الإنسان من شخص أسبغ الله عليه من نعمه التي لا تُعدّ ولا تحصى، واستغلّ ما يتمتع به لتحقيق ما يريد من كسب سريع قاصدا بذلك المفاخرة، وهذا شأن المرّائين التظاهر أمام الناس بالعمل الصالح وليس همّهم مرضاة الله عزّ وجلّ، وقد قال الحق سبحانه وتعالى: {يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} «النساء: 142».

فقد قال  صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله عزّ وجلّ يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فاطلبوا عندهم الجزاء».

فماذا يقول العلماء في هذا الأمر خاصة في أيامنا التي نرى فيها كثيرا من الناس يقدّمون للمحتاجين وهم أمام الكاميرات يصوّرونهم وينشرون الصور في مختلف الوسائل؟!

الصلح

مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح قال بداية: للفقراء والمحتاجين حقوق علينا حيث يجب أن نساعدهم قدر استطاعتنا، فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك من خلال فرض الزكاة وصدقة التطوع وجعلها من أساسيات الإيمان، وكذلك فقد أمرت جميع الأديان بضرورة العطف والإحسان إلى الفقراء ومساعدتهم، وتماماً كما جاء في الدين الإسلامي، فإنه دين العطاء والعطف, وقد أوصانا الرسول  صلى الله عليه وسلم بمساعدة المحتاجين وعدم تجاهل حالتهم ومعيشتهم.

وكذلك الفطرة الإنسانية التي توجد بداخل كل إنسان والتي تجعله يشعر بغيره فلا يتحمّل أن يرى غيره يتألّم أو يحتاج إلى الكثير من الأشياء الضرورية والتي تعتبر من أبسط حقوقه. هناك الكثير من السُبل التي يستطيع الإنسان أن يساعد بها المحتاجين، فالزكاة تؤخذ من غنيّهم وتردّ على فقيرهم.

وأضاف: فتوفّر له إحتياجاته، إلى جانب ذلك يوجد الصدقة الجارية ويقدّم فيها المسلم صدقة معينة وتختلف أشكالها، فقد يقدّم مقدار من المال أو الملابس أو وصلات المياه أو ترميم لأسقف منازل الفقراء وكذلك توفير الكهرباء لهم في الأماكن الفقيرة التي لا يوجد بها كهرباء، فقد قال الله عزّ وجلّ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}، وخير الأعمال جاءت بالحديث النبوي: «سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظل إلا ظلّه» وذكر فيهم، «ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»، وقد يعمد البعض الى أخذ الصور خلال تقديم المساعدات فكما يقولون: ان هذه الصور قد تزيد من تدفق المشاعر في قلب المتبرع، وتزيد في العطاء والثقة التامة بالجمعية التي توّثق أعمالها، ولكن ما يفعله البعض في استثمار حاجة الفقراء تفعله شركات تجارية، جمعيات، وأشخاص غير آبهة بكرامة الفقراء التي يجرحها التصوير أو يفضحها، ومع هذا فإن مد يد العون يجب أن تكون في تحّرّي الدقة عند اختيارهم للمؤسسات التي تُُعنى بالفقراء بدون إذلال. ولذا يجب التوضيح أن الإعانة حق للمحتاج مهما كانت، وتوظيفها إعلامياً وصولاً الى الشهرة، تصرّف غير أخلاقي ولا يليق بكرامة الإنسان، كما يجب اتخاذ إجراءات أخرى غير التصوير لوقف المتاجرة بأحوال الناس وخصوصيتهم، فلا تمّنن عليهم بصدقتك ومساعدتك.

دلي

أما مفتي مرجعيون وحاصبيا الشيخ حسن دلي فقال: لقد عمَّ البلاء والوباء كافة الكرة الأرضية وتوقفت الأعمال وأقفلت المصانع والشركات وتوقف العمال عن أعمالهم مما جعلهم مكتوفي الأيدي في القيام بواجباتهم العائلية من تأمين الطعام والدواء، وأصبح هذا الإنسان في حيرة من أمره في بلد مثل لبنان، فَقدَ الإنسان فيه كرامته وأصبح غالبية الناس فيه بحاجة الى مقوّمات الحياة، وإذ بتجار الأزمات يطلّون برؤوسهم ان كان ذلك على صعيد جمعيات أو على صعيد أفراد ممن يطمحون لاكتساب موقع في المستقبل، فتبدأ هذه المجموعات من التصدّي لجوع الجائع وحاجة الفقير والمسكين بتقديم المساعدات إليه مصطحبا كل الوسائل الدعائية من إعلامية ووسائل تواصل اجتماعي بكل تسمياتها لتصوير ذلك الإنسان المحتاج وإظهاره على هذه الوسائل ضاربين بعرض الحائط كرامة وإنسانية الإنسان، مستغلّين جوعه وحاجته من أجل مكسب مالي أو موقع سياسي.

وقال: أين أولئك من كلام الله تعالى {ولقد كرّمنا بني آدم}..؟! وأين تكريم الإنسان وحفظ كرامته مما يحصل من خلال استغلال فقر وحاجة الإنسان في هذا البلد الذي يفتقد فيه الإنسان الى حفظ كرامته وإنسانيته..؟!

أين أولئك المتنطحين لمساعدة الناس وإبراز أنفسهم من أجل غايات شخصية..؟!

أين هم من كلام الله عزّ وجلّ {ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}، رب العالمين سمّى ذلك أذى عليكم يا من تستغلون وجع الفقير واليتيم والمسكين ليس من أجل الله بل من أجل أنفسكم ألا تخافون من أن ياتي يوم وتكونون في مكانهم. هل ترضون أن تأخذ لكم الصور وإعلان ذلك على كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، ألا فليتقِ أولئك الله فيما يقومون به، فقال تعالى {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى}.

وأضاف: أين أنتم من قول الله تعالى {للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لايسألون الناس الحافا}، فلا تكن جاهلا وكن كما أمرك الله سبحانه وتعالى وكما علّمنا به النبي  صلى الله عليه وسلم عن كيفية التعامل مع هذه الفئة من الناس الذي قدّر الله لهم الفقر وقدّر لكم النِعَم فابتلاهم بالفقر ليمتحنهم بذلك هل يصبرون وامتحنكم الله بالغنى وسعة الحال ليرى كيف تنفقون مما أعطاكم الله، هل تنفقون إبتغاء مرضاة الله أو تعطون مما رزقكم الله بالأذى والمن، كن مما قال عنه رسول الله  صلى الله عليه وسلم (اللهم اعطِ منفقا خلفا وممسكا تلفا).