بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 حزيران 2019 12:05ص العلماء في ظل تنامي الخطابات الطائفية في البلاد

الإستمرار بها يعني خسارة الوطن كله... بكل فئاته وأطيافه...

حجم الخط
الفتنة نائمة لعن الله كل من يحاول إيقاظها... منذ فترة تطالعنا وسائل الإعلام أو روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب الخطاب المذهبي الذي يشحن النفوس والقلوب بتأجيج الفتنة وبث روح الكراهية والعداوة في نفوس النّاس...

فتراجع الوعي الاجتماعي وتقوقع العقول أوجد تربة خصبة لتنامي الخطاب الطائفي المقيت الذي يعمّق الهوة الاجتماعية، فالأنظمة السياسية والدكتاتورية الشمولية تعمد إلى تغذية هذا الخطاب المذهبي والشروع الطائفي لزيادة حدّة التوتر والحقد والكراهية بين مكوّنات وشرائح المجتمع الدينية والعرقية والفكرية مما يسهل عليها الاحتفاظ بالسلطة أكثر.

ولا شك ان مواجهة الخطاب الطائفي يكون بتفكيكه وكشف مصادره وآلياته وطرح البديل له بخطاب آخر مغاير ومختلف مناهض ومناقض للطائفية، وهو خطاب العقل والتنوير المتنوّع والمتعدّد..

فمواجهة خطاب الحقد والكراهية هي أحد مهمات كل فئات المجتمع والنخب الفكرية والعمل معاً لأجل التصدّي لهذا الخطاب الخطير الذي يُهدّد المجتمعات، وتنوير العقول المنغلقة وإيقاف مقصلة الدم عن الاستمرار في الذبح والقتل...

ماذا يقول العلماء في مواجهة الخطاب الطائفي؟.. هذا ما سنعرضه في تحقيقنا التالي: 

المفتي الصلح

{ بداية، رفض مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح الخطاب الطائفي الذي يسود البلاد والخطاب التحريضي الرسمي والحزبي والشعبي الذي يطال النازحين السوريين. وقال: إننا في لبنان، مسلمين ومسيحيين، غير معنيين بالتطرف والانغلاق ونهدف دائماً الى الانفتاح على الآخر والاعتراف بهم كأخوةٍ في الإنسانية والوطن, وان هدفنا بناء وطن آمن ومزدهر بعيداً عن كل التشنّجات الداخلية والخلافات المحيطة بنا.

وندّد الصلح بالخطاب الطائفي والمذهبي الذي يستعمله السياسيين كعنصر من عناصر خطابهم السياسي العام, والذي يتغذّى من قيم المذهبية والطبقية ويولّد الكراهية والعنف ويسعى لإشعال الفتنة.

وأضاف: نحن كرجال دين في موقع المسؤولية نهدف الى منع تفشّي الجهل ودفن الحقد الطائفي, ونسعى لبناء جسور الصداقة والأخوة التي هي الأمر الأساس لخير الوطن والمواطن. ففي لبنان المتنوّع بطوائفه يجعله من أيقونة الشرق باختلافه. ونذّكر ان من يسعى الى التعصّب والطائفية هو العدو الصهيوني الذي لا مصلحة له أن يعيش أبناء لبنان بتنوّع طوائفهم في وطن واحد.

وتابع الصلح: نستهجن أن يستعيد البعض الخطاب الطائفي الذي يعيدنا الى زمن الحرب الأهلية الميتة والتي انعكست توتيراً للأجواء وحقناً مذهبياً وطائفياً كاد أن يؤدّي الى إنفلات الأمور، وعليه ندعو مختلف الأفرقاء للابتعاد عن الخطابات التي من شأنها إثارة الحساسيات المذهبية والطائفية والعمل معا لمصلحة الشعب والوطن. فدعوتنا اليوم وكل يوم أن نبتعد عن الخطاب التشنجي والتعصب الطائفي في وطننا لبنان وأن نحصّن دولتنا وشعبنا من التفرقة والتمييز بين اللبنانين والكّف عن طلب فحص بالوطنية.

وختم المفتي الصلح بالتشديد على دور الرؤساء الثلاثة والمؤسسات الروحية في توعية المواطنين ودعوتهم لعدم الانجرار وراء الفتنة, داعياّ الله تعالى أن يحفظ لبنان من مكر الماكرين وأن يقيه شر الفتن.

المفتي خالد الصلح


المفتي دلي

{ أما مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي فقال: لماذا الآن طلَّت الطائفيه برأسها، وفي هذا الوقت بالذات؟! هل المستهدف هو دستور الطائف أم إنهاء دور الطائفة السنية التي حافظت على أسس الوطن وقدّمت أغلى ما عندها من دماء زكية رَوَتْ تراب الوطن لنعيش فيه مع شركائنا في الأرض والهوية والماكل والمشرب والهموم، هل ننسى دماء الشهيد دولة الرئيس رياض الصلح أم ننسى دماء الشهيد دولة الرئيس رشيد كرامى أم عميت أبصار وبصيرة الحاقدين عن دماء الشهيد سماحة الشيخ صبحي الصالح والشهيد سماحة الشيخ أحمد عساف وسماحة الشهيد حسن خالد، وتوّج بشهادته بأطنان من المتفجرات الشهيد رفيق الحريري الذين رووا دماء الوطن لأنهم رفضوا تقسيم لبنان وشرذمته ومن أجل انهم نادوا بلبنان وطن مهائب لجميع أبنائه.

وأضاف: أما اليوم بدات الفتنة الطائفية تطلُّ برأسها من جديد تحت عنوان المحافظة على حقوق الطائفة المسيحية الكريمة فليدلّنا صاحب هذه المقولة أين حقوق المسيحيين المهدورة حتى نسعى جميعا الى الحفاظ عليها لأننا نؤمن ان لبنان لا يكون وطنا نعيش فيه إلا بالمحافظة على جناحيه المسلم والمسيحي، وإذا كان من حقوق مهدورة على وجه الخصوص فالمسلمون السنّة ورغم ذلك لا يفرّطون بوطنهم من أجل حقوق هي حق لنا كما لغيرنا ولا يعني الحفاظ على كيان الوطن بأن نتخلى عن حقوقنا لاننا ما لغيرنا يجب أن يكون لنا دون تميّز أو تمايز. وأتوجه الى كل من زرع بذور الطائفية وأخرجها بين أبناء الوطن نقول لأولئك ان أول خاسر هوى من يعمل على إطلاقها في كيان الوطن وان ضرر ذلك سيصيب من يغذيها في نفوس مجتمعه وناسه.

واختتم قائلاً: يا مطلق التحريض الطائفي عليك أن تعيد حساباتك كي لا تخسر نفسك في الوطن وإذا خسرنا وطننا فلا تكون كرامة لأي منّا.

فلنكفّ عن إثارة النعرات الطائفية لأنه يكفينا ما سقط من الشعب اللبناني نتيجة لحقد دفين أدّى الى آلاف الشهداء وآلاف المعاقين وآلاف الجرحى والى تهديم الوطن والقضاء على مؤسساتها.

الوصول الى هدف أو موقع لا يكون على فتنة طائفية المواطن بغنى عنها وأي تحريض طائفي هي الرصاصة القاتلة وإنهاء وطن.

فمهما تكلمتم يا هؤلاء فالآذان صمّاء والأعين عن سماعكم والأعين عمياء عن رؤياكم فالطائف باقٍ والطائفية الى زوال.

المفتي حسن دلي



القاضي عريمط

{ أما القاضي الشيخ خلدون عريمط، رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام فقال بدوره: تشهد الساحة اللبنانية منذ أسابيع خطاباً طائفياً ومناطقياً تقوده بعض الأطراف السياسية المشاركة في الحكم والحكومة، تارةً بحجة المحافظة على العمالة اللبنانية وتارة أخرى تحت شعار «إستعادة الحقوق والمكتسبات الطائفية والمذهبية»، ومن المؤسف ان هذا الخطاب التحريضي والاستفزازي الطائفي المقيت يقوده وزير ينتمي إلى ما يسمّى بالعهد القوي، وهذا المناخ بدأ يستدرج ردود فعل تعبوية وسلبية من العديد من القوى السياسية والشعبية، جعلت المراقبين والمتابعين يشعرون بخطورة هذا المناخ الذي يذكر المواطنين بالأجواء التي شهدتها الساحة اللبنانية، وأدّت إلى بداية الفوضى التي شهدها لبنان في منتصف عام 1975، والسؤال الكبير الذي بدأ يتردد على ألسنة المراقبين والمتابعين محلياً واقليمياً، من المستفيد من هذا الخطاب التحريضي؟ ولمصلحة من جرّ لبنان وشعبه إلى المستنقعات الطائفية والمحاور الإقليمية.

مشروع بناء الدولة والنهوض بمؤسساتها، بحيث تكون هي صاحبة السيادة المطلقة على أرضها هو الهدف، للحكم والحكومة، فهل بمثل هذه الشعارات والخطابات الطائفية يُمكن أن نحقق الهدف من مشروع بناء الدولة القوية والقادرة والعادلة؟..

وأضاف: ومن حقنا أن نسأل ونتساءل، استرداد الحقوق من مَنَ؟ ومن أي طائفة؟ ولمصلحة من؟ هل المقصود العودة بلبنان إلى الوراء، إلى ما قبل 1975؟ أم ان هذا الخطاب يهدف إلى شد العصب لهذا الفريق أو ذاك.

اللبنانيون سئموا من حروب الآخرين على أرضهم، وبالتأكيد لا يُمكن أن يعود لبنان ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية، ومن حق اللبنانيين الذين عاشوا ويلات الحروب العبثية على أرضهم وعانوا كثيراً من مشاكل النازحين إلى أرضهم من العديد من الدول القريبة والبعيدة، من حق لبنان واللبنانيين أن يعيشوا بأمن وسلام واطمئنان، وعلى القوى السياسية التي بدأت تمارس هذا الخطاب الطائفي، أن تدرك ان اللبنانيين يعانون من أزمات اقتصادية واجتماعية وتربوية، وحتى أخلاقية، وان الهجرة بلغت ذروتها، وان لبنان الذي كان واحة الحرية والسلام، بدأ يبتعد عن محيطه العربي والإقليمي، وان الشعب اللبناني بكل مكوّناته، وصل إلى مرحلة الإحباط وبعضه وصل إلى حالة اليأس من أكثرية الأطراف والقوى العاملة على الساحة اللبنانية.

صحيح ان الرئيس سعد الحريري، ومعه القليل من القيادات كان وما يزال يرفع مصلحة البلد والتضحية لمصلحة البلد، لكن هذا لا يكفي، لأن الوطن لا يُبنى بإرادة طرف واحد مهما علا أو امتلك من الإرادة والنيّة الطيبة، وعلى الجميع أن يُدرك ان لبنان السيّد الحر المستقل لا يمكن أن يُبنى على مقاس طائفة أو مذهب أو فريق سياسي، مهما امتلك من سلاح أو مال أو سطوة، وقد عاش لبنان خمسة عشر عاماً من كل أنواع الاقتتال على أرضه، ولم تستطع أية جهة محلية أو دولية أن تصنع نظاماً جديداً لوحدها، ومن أجل ذلك فإن وثيقة الطائف التي هي دستور لبنان، بقدر ما هي وثيقة للوفاق الوطني، فهي في نفس الوقت صيغة بمظلة عربية ودولية، لتكون الصفحة التي طوت الحروب الأهلية على الساحة اللبنانية، فليتق الله أصحاب الخطاب الطائفي والتحريضي على الساحة اللبنانية، ومن حق لبنان أن يعيش، ومن حق اللبنانيين أن يتنفسوا بحرية واستقرار ليبنوا معاً هذا الوطن، ليبقى كما يريده اللبنانيون جميعاً سيداً حراً عربياً مستقلاً.

القاضي خلدون عريمط