بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آذار 2023 12:00ص العلماء في «يوم الأم» يؤكّدون: يوم لتكريم الإنسان الوحيد الذي يُعطي كل ما لديه من دون مقابل

حجم الخط
«الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق»، و«الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها»..
كتب الشعراء الكثير من الأبيات عن الأم، ولكن مهما كتبوا لن يفوا هذه الإنسانة العظيمة حقّها، فالأم هي كل شيء في هذه الحياة; هي التعزية في الحزن، هي الرجاء في اليأس، هي القوة في الضعف، هي السعادة في الفرح.
هذه الإنسانة العظيمة التي تحمل في قلبها الكثير من الحب والعطف والحنان، فكيف لا نبرّّها ونجلّها ونحترمها ونكرمها وهي التي أوصانا بها رسولنا الكريم عندما سأله الإعرابي: من أحق النّاس بصحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك...
وكيف لا نبرّها وهي التي أوصانا بها القرآن الكريم وكرّر تلك الوصية لفضل الأم ومكانتها، فقال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين} فالأمومة أعظم هبة خصّ الله بها النساء...
إليك أيتها الأم التي ينبض قلبك بالحنان، إليك يا صانعة الأنس والحياة... إليك أيتها الأم اطأطئ رأسي حياء وحشمة، إليك أقف وقفة إجلال وإكبار...
فأنت أيتها الأم المعلّمة الأولى للأخلاق والتربية، أنت مرآة النفس للأبناء، أنت مصدر الرعاية والحنان الذي يسع الكون كلّه بلا حدود، فلا نستغرب عندما قيل «الجنة تحت أقدام الأمهات».
في يوم عيدك العظيم، ماذا يقول لك العلماء؟..

اللقيس
بداية قال الشيخ غسان اللقيس, إمام مدينة جبيل: إن الأم ليس لها يوم وعيد في السنة، بل كل أيامنا يوم تكريم لهذه الإنسانة التي كانت شمعة تحترق لتضيء لغيرها الطريق، الأم لا يوجد كلام يفيها حقها، وفي رواية انه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل وقال له: أمي توفيت فقال: «أُقفل باب من أبواب الخير عنك». فهذه المرأة لا تستطيع أن نكافئها أبداً لأن ما قدّمته لا يُكافأ ولا يقابله شيء.
وأضاف: هذه الإنسانة العظيمة مقامها عند الله عظيم، يُروى ان رجلاً حمل أمه وطاف بها بالبيت وحجّ بها، قال: يا رسول الله هل أدّيت حق أمي؟ قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها. هذه المرأة التي حملت الجنين وهناً على وهن ورعته بحنان وعطف، هذه الإنسانة التي حُرمت النوم لتجد النوم لولدها، وهذه المرأة التي حرمت نفسها السعادة لتكون سعادتها لغيرها لا نجد كلاماً يلتئم أعظم من كلام الله سبحانه وتعالى حينما قال في كتابه العزيز: {وقضى ربك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحساناً}.
واختتم قائلاً: يوم الأم هو يوم تكريم الإنسان الذي يعطي دون مقابل، وأي عيد يناسب هذا العطاء وعقوق الأبناء مع أمهاتهم عقوبة في الدنيا والآخرة، فلنقل للأمهات صبراً فان جزاءكم عند الله عزّ وجلّ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير.
شحادة
{ في حين قال القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة: في هذه الأيام التي نمرُّ بها والتي يعاني منها العديد من الناس والعائلات بسبب الظروف المتعددة، الاجتماعية والعالمية والسياسية، وفي كل الظروف، تبقى الأم هي الملاذ الآمن لأبنائها وعائلتها والتي ما فتئت أن تقوم بتضحيات وتستمر بها منذ الطفولة إلى ما شاء الله وحتى آخر رمق في حياتها، وهي تسهر على راحة أولادها وأحفادها، فهي فعلاً تستحق لقب الأمومة الذي يشمل حضانة المجتمع وصيانته والسهر على مصالحه، ومن هنا كانت الأسرة في ما سبق هذه الأيام، وهذا الجيل أسراً متألقة أمنياً وأخلاقياً واجتماعياً، وأن هذا مستمر لا شك إلا انه تدنّي عدد هذه الأسرة ربما لعدم فهم بعض النساء ما هي الأم، وهذا ما ينعكس على ضياع أولادهن وفشلهن في حياتهن.
وتابع: لذلك ان الأم هي مدرسة وهي مؤسسة اجتماعية وهي ملجأ لكل ما يعانيه الفرد في هذا المجتمع لتخفيف من أزماته، وهي بالوقت نفسه في طليعة الريادة والازدهار في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكل عام. ولذلك جعل لها يوماً من كل عام إلا اننا نعتبر انها تستحق أن يكون لها كل يوم عيد لما تقوم به من تضحيات بلا مقابل.
وأضاف: وأدعو شباب وشابات هذه الأيام إلى العودة إلى ما كانت عليه أمهاتهم وأسرهم في ما مضى كي يكونوا قدوة لأولادهن في ما هو آتٍ من الأيام وللمحافظة على هذه المجتمعات المتماسكة الناجحة والمنتجة، لقد تميّز لبنان كما يعلم العالم بأسره بنموذج متفرّد وهو العلاقات الاجتماعية بين مختلف شرائحه وهذا يعود بالأصل إلى تربية الأفراد ضمن العائلة، والعائلة ضمن المجتمع الذي يحيط بها والفضل بذلك هو لربّة هذه العائلة، وهي الأم لذلك أوصى الله عزّ وجلّ بالاعتناء بها والاهتمام بها وأعطاها منزلة مميزة عن باقي مخلوقاته حتى عن الرجل، وهذا ما يتجلّى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله أحد الصحابة: من أحق الناس بصحبتي؟ قال الرسول: أمك، ثم قال: من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. هذا ليس من باب التقليل من شأن الأب إنما تقديراً للأم لما قدّمته وما تقدّمه لأولادها. وأخيراً أتمنى لجميع الأمهات أن يكنّ في أفضل حالاتهن وصحتهن وعافيتهن.
القوزي
أما الشيخ د. مازن القوزي، رئيس دائرة المساجد في المديرية العامة للأوقاف الإسلامية، فقال: نقول للأم في يومها ان كلمة الأم هي من أعظم الكلمات ولذلك كانت الأم هي الحضن لكل أفراد المجتمع، وقد كرّم الله تعالى الوالدين عموماً والأم خصوصاً، وكذلك الأم هي مربية الأجيال بل هي من تعدّ رجال المستقبل، وكل رجل مسؤول إن لم يعرف حق الأم وقدرها فليس برجل.
وأضاف: أنا أقول انه ظلم للأم أن يكون لها يوم في السنة بل يجب أن تكون الأيام كلها عيداً لها لتكريمها ولتعزيز دور الأمومة في المجتمع، وأن المرأة التي تعطي جهدها ووقتها لأمومتها وتربية أولادها تكون المرأة الناجحة وتفتخر بما أنجزت كالسيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين وزوجة النبي التي وقفت معه تسانده وتؤازره في دعوته وأنفقت مالها في سبيل هذا الدين العظيم، فهذه هي أمنا وأم المؤمنين التي دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما شكت إليه ما يصيبها من تعب للقيام بشؤون بيتها وأولادها ان بشّرها بأن الله سيعطيها بيتاً في الجنة من قصب، قصب من ذهب، وقصب من فضة، لا نصب ولا صخب.
ونصح الأمهات بالقول ان أي امرأة تقدّم العمل الاجتماعي العام على أمومتها وعلى تربية أبنائها تكون مقصّرة بحق الأجيال ومضيّعة لمستقبلهم، فالأم هي أساس المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع كله.
واختتم قائلاً: أدعو جميع الأبناء الى اغتنام وجود أمهاتهم فلا ينشغلوا عنهن بزوجة أو ولد أو عمل، وأن تصبحوا في كل صبيحة يوم بأمهاتكم تطلبون رضاها وتأخذون بركتها وتبدأوا يومكم بهذا العمل الجليل وتعلّموا أبناءكم وأولادكم برّ الأم والصلة معها والتواصل معها طوال العمر.