بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 شباط 2019 12:54ص العلماء للأزواج في عصرنا الحالي: عزَّزنا الحب والمودة بينكما وفق هَدْي الإسلام وتعاليمه

حجم الخط
الحب في الدين الإسلامي هو معنى عظيم جميل يسمو بنفس الإنسان ويمنح روحه شعوراً بالسعادة الغامرة والصفاء والبهجة والله عز وجل لا يحرم الحب بين الجنسين، ولا يبغض المتحابين، لكن شريطة ان يكون هذا الحب منضبطاً بالضابط الشرعي وضمن إطار الحياة الزوجية.
فالاسلام العظيم أعلى من شأن المشاعر الإنسانية حيث استطاع الارتقاء بها وتوظيفها التوظيف الحسن، ولا شك في ان مشاعر الحب هي المشاعر الاسمى التي ان دخلت إلى قلب الإنسان جعلته ينظر إلى الدنيا بعين التفاؤل والفرح ويستغل انفاسه في هذه الحياة بشكل إيجابي ونافع ومن هنا فقد اهتم الإسلام بالحب الذي يلبي حاجات الإنسان الفطرية، ويرتقي به من الناحية الروحية ويصل به إلى أعلى المراتب في الدنيا والآخرة.
ولكن للأسف الشديد مجتمعاتنا التي تدعي الحضارة شوهت هذا المعنى الإنساني وحولته إلى غرائز شهوانية دمرت الإنسانية في قلوب المحبين.
فمجتمعاتنا بحاجة إلى حب طاهر نقي حب يبني مجتمعات محبة لله سبحانه وتعالى ولرسوله.
أي حب نريده داخل الأسرة لنبني مجتمعاً اسلامياً صالحاً.
هل ما سنعرضه في تحقيقنا التالي:
فتحة
{ بداية قالت رئيسة جمعية إصلاح ذات البين المحامية مها منير فتحة: عندما نسمع كلمة حب نتصور بمخيلتنا إنه حب بين شاب وفتاة لم يتزوجا بعد، لماذا؟
- لأنه من الأقاويل والإشاعات المنتشرة بين الناس والتي يغذيها الإعلام: «أن المأذون يدخل من الباب والحب يخرج من الباب»، وقصص الحب الأسطورية التي وصلت إلينا لم تنتهِ بالزواج، فقيس لم يتزوج ليلى، وروميو انتحر مع جوليت، ولم ينعما بالحياة الزوجية، ما إلى هنالك من الأمثال..
ولكن عندما نعود إلى منبع الحب الحقيقي، ونتعرف إلى حب الرسول عليه أفضل الصلاة، إلى حبه لخديجة تتغير أفكارنا فعند ذكر خديجة كان يقول عليه صلوات ربي: «قد رزقني الله حبها»، وعند التعرض لذكرها بما لا يليق بها كان يشتد غضبه عليه الصلاة والسلام، كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: (كان النبي  صلى الله عليه وسلم  إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت: فغرت يوماً فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء)، فالحب عندما تسأل أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها كما روي عنها: «يا رسول الله: كيف حبك لي؟ قال: «كعقدة الحبل» فكنت أقول: كيف العقدة يا رسول الله؟ قال: فيقول: «هي على حالها»، وهو الحب الذي يجمع المحبين على محبة الله هو الحب الحقيقي بين الزوجين الذي ينمو مع الزمن ولا يخبو ويبقى كالعقدة، فإذا توفر الحب توفر التسامح والعطاء والمودة.
وأَردفت: وهنا يبرز السؤال... كيف نحافظ على حبنا..؟! هناك عدة نقاط تحافظ على الحب بين الزوجين: 
- الحب رزق من الله: فالحب مثل الرزق، مثل المطر فكيف ان المطر والمال رزق من الله فالحب رزق من الله كما قال الرسول  صلى الله عليه وسلم  واصفاً حبه لخديجة رضي الله عنها: (إني رُزقت حبها)، فالزوجان عليهما أن يدعيا ربهما أن يديم عليهما الحب.
- الحب اللفظي: وهو التحدث بكلمات الحب فعلى الأزواج مراعاة هذه النقطة وإبداء الكلمات الطيبة فهي تنمي الحب وتحافظ عليه.
ــ عبارات الإعجاب: تبادل عبارات الإعجاب مثل قول أنت أجمل امرأة رأتها عيني، وأنت ما في أحد أحلى منك أو قول ماحد فاهمني الا انت ومدح الزوجة أمام أهله وكيف انها تساعده هذه العبارات تنمي الحب بين الطرفين.
- المصارحة القوية: بقدر المصارحة وقوتها أي وضوحها وشموليتها يكون الحب قوياً ويستمر وينمو فلا بد من المصارحة والتوضيح لا يبقي أي طرف شيء غامض لا يفهمه الطرف الآخر حيث سيؤدي لعواقب غير محمودة.
- أن يعتمد أحد الزوجين على الآخر في الأزمات والمواقف: لو تذمر من ذلك وتأفف فإن ذلك مدعاة لنقصان الحب وما يتبعه من مشاكل. 
- الهدايا: تبادل الهدايا بين الزوجين دليل على الحب، والرسول  صلى الله عليه وسلم  قال «تهادوا تحابوا»، والهدية تعبير عن الحب ولا يلزم أن تكون غالية بقدر ما تكون متواصلة وفي المناسبات لا يغفلها أو ينساها الزوج.
وأخيراً أقول للجميع أنه ما دام الحب رزقا من الله، فلندعوا جميعا الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب أزواجنا ويجعل ذلك الحب باباً لرضى الله تعالى.
مزوق
{ ثم علق رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق عن الموضوع فقال: يقول ربنا سبحانه وتعالى في محكم تنزيله {ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} يبني لنا ربنا سبحانه وتعالى ان الحياة الزوجية يجب ان تكون قائمة على المودة والرحمة والحب والسكن ولذلك علينا ان نحب ازواجنا واولادنا خلاً لله لأن الله عز وجل يثيبنا على هذا الحب وما يدفعنا إلى ذلك الوازع الإيماني ولكن علينا أن نشتغل على حب الله وحب رسوله  صلى الله عليه وسلم  أولاً  يقول حبيبنا محمّد  صلى الله عليه وسلم  «لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من والده وولده والناس اجمعين».
ويقول أيضاً: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ان يكون الله ورسوله احب إليه من سواهم».
واضاف: فالمسلم يحب الله ورسوله ويقتدي بما امرهما قال تعالى: {قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} فمحبة الله تدفعنا إلى اتباع الحبيب محمّد  صلى الله عليه وسلم  وهو الذي أوصى النساء خيراً حيث قال «استوصوا بالنساء خيراً» وهو القائل «خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي».
فهذا الحب في الإسلام  يكون لله ورسوله ولاوامره، فحب الزوجة يأتي في الحياة الزوجية وليس حب النساء الأجانب قبل عقد القران لأن ما يروّج إليه الآن هو ما يسمى «بعيد الحب» حيث يكون ذلك مقدمة للزنا بأن كل شاب في هذا اليوم يأتي بالهدايا لصديقته ويختلي بها وتقع المحرمات «باسم الحب».
وننبه هنا ان اولياء الأمور عليهم ان يربوا أولادهم على الخوف من الله وعلى التمسك بالدين لأن الشباب والشابات في عصرنا اليوم يقعون في الحرام ونحن نقصر تجاههم عندما لا نعلمهم الحلال والحرام، فالأب عندما يكون صادقاً بحبه لاولاده عليه ان يحرص عليهم بتربيتهم الصالحة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم ناراً وقودها النّاس والحجارة}.
والأم التي تحب ابناءها عليها أيضاً ان تأخذ بأيدي ابنائها إلى الجنة وان تمنعهم من الأقوال والافعال التي قد تؤدي إلى دخولهم النار.
وتابع قائلاً: وايضاً علينا ان نزرع في نفوس ابنائنا البر أي بر الوالدين وهذا لا يكون إلا بالحب أي ان يحب الولد امه واباه وهذا لا يكون إلا بالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة فالولد عندما يرى والديه يضحيان من أجله ويهتمان به نظافة وتعليماً فمن باب الوفاء لهما عليه ان ينصت لهما وان يبرهما فهما سبب لدخوله الجنة، وقد سئل  صلى الله عليه وسلم  عن أكبر الكبائر فقال الاشراك بالله، قال ثم أي؟ قال: عقوق الوالدين، وسيدنا محمّد  صلى الله عليه وسلم  صعد ذات يوم إلى المنبر وقال وهو يصعد آمين آمين آمين فشئل عن سبب تأمينه فذكر لهم ان جبريل عليه السلام قد جاءه وقال له رغم انف رجل ادرك والديه أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة، فقال له قل آمين فقال  صلى الله عليه وسلم  آمين.
كل ذلك يدلنا على وجوب محبة الأبناء للآباء والامهات فديننا قائم على الحب والسلام والعفو والصفح حتى بين الأخوة إذ يجب على الأهل ان ينتبهوا إلى مسألة مهمة الا وهي زرع المحبة بين الأخوة بعضهم لبعض، ولذلك امرنا الإسلام بالعدل بين الأبناء حتى لا يقع الحسد والبغضاء بينهم فيكرهون بعضهم الآخر، وكم جميل عندما يشتري الطفل الحلوى لنفسه فتقوم الأم بتذكيره بأخيه أو بأخته ليشتري لهما فيتعلم منذ الصغر ان يأتي لاخوته بما يحب لنفسه تطبيقاً لحديث النبي  صلى الله عليه وسلم  «لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» فينشأ هذا الجيل على المحبة وبالتالي ينشر الحب في المجتمع فلا نرى البغضاء والحسد والتقاطع والتدابر سواء بين الأرحام أو بين غيرهم إلا بنسبة قليلة، وكم جميل ان ندعو بهذا الدعاء: «اللهم انا نسألك حبك وحب نبينا محمّد  صلى الله عليه وسلم  وحب من يحبك وحب عمل صالح يقربنا إلى حبك فتعلم بذلك أيضاً حب الصالحين والاولياء والعلماء الربانيِّين».