بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2020 12:05ص العلماء للتجار في ظل الأزمة التي نعيشها: اتقوا الله في تجارتكم

وفي أهلكم وفي بلادكم.. وكونوا عوناً لهم لا عليهم؟!..

حجم الخط
يتعرّض الشعب اللبناني في تلك الفترة لأزمة اقتصادية خانقة بسبب الإدارة الاقتصادية السيئة، مما شجّع التجار إلى الطمع والشجع ورفع أسعار المواد الغذائية الأساسية للأسرة دون حسيب أو رقيب... مما أوصل العديد من الأسر إلى ما دون خط الفقر...

فهذا التاجر ألم يتساءل بينه وبين نفسه، كم من إنسان بطريقته هذه سيعجز عن تأمين معيشة أسرته؟...

ألم يتساءل: ان أسلوب الاستغلال والطمع الذي ينفّذه هو مال حرام؟...

ألم يتساءل: ان احتكار المواد الغذائية حرام؟...

ألم يتساءل ان رفع الأسعار حرام؟...

أين المعاملات في قانون الشرع الإسلامي؟... فكما هو معلوم ان المعاملات في الإسلام تجمع بين الثبات والتطوّر أو المرونة، فالربا والغش والاحتكار من الأمور التي حرّمها الإسلام وهي حرام إلى يوم القيامة في كل زمان وكل مكان مهما اختلفت الصور والأشكال..

فهل يرضى هذا التاجر الطمّاع بأن يستغلّ الناس ليجني أرباحاً طائلة على حساب وجع وألم الفقراء؟.. وهل يعتقد ان ماله حلال؟..

محورنا اليوم هو حول طمع التجار وغلاء السلع الغذائية الأساسية ودور العلماء في هذا التحقيق. 

آراء المواطنين

{ لسان حال المواطنين الشكوى من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تضاعفت بشكل كبير حيث يقول السيد مروان عيتاني: ماذا يفعل المواطن صاحب الدخل المحدود؟! فالأسعار ارتفعت بشكل جنوني وحجّة التجار ارتفاع أسعار الدولار مما انعكس على سعر الإستيراد، فبالماضي كنا نزور التعاونية وتبلغ قيمة الفاتورة حوالى 200 الف ليرة تكفي طيلة الشهر، اما الآن فنركّز على المواد الأساسية والضرورية، وتبلغ قيمة الفاتورة حوالى 300 ألف ليرة لبنانية..

وتساءل: ماذا يفعل المواطن الذي يتقاضى نصف راتب كيف سيتدبّر أمور حياته طيلة الشهر؟... يا لها من مأساة حقيقية لم نرَ مثلها حتى أيام الحروب.

{ ومما لفت نظري خلال الجولة سيدة تجرُّ ابنها الذي يريد شراء الحلوى والسكاكر ولكن ليس باستطاعتها، بل حاولت إلهائه بطريقة معينة غض فيها البصر عن السكاكر، وعندما اقتربنا منها كانت الدمعة تتغلغل في عينيها، والغصّة تحسر قلبها فقالت لنا: الحياة صعبة جداً حتى اننا لا نستطيع سوى شراء المواد الغذائية الأساسية من سكر وأرز وحليب وغيره بكميات قليلة حتى نتدبّر أمورنا، لقد وصلنا إلى مرحلة اليأس، فزوجي طرد من عمله في بداية الثورة اللبنانية، وراتبي لا يكفي لدفع ايجار المنزل وشراء الدواء لإبنتي المريضة... وتطأطأ رأسها وتقول: ما علينا إلا بالصبر فربما يشعر بنا المسؤولون عن فقرنا وعذابنا ويجدون لنا الحلول، أما التجار فالله هو الذي يأخذ حق هذا المواطن الفقير..

هذه عيّّنة من عيّنات الأسر في المجتمع اللبناني التي تأن من طمع التجار الذين لا يرحمون العباد وتتضرّع إلى الله بالحل...

غندور

{ وفي هذا الإطار يقول القاضي الشيخ زكريا غندور حيث توجّه في بداية حديثه بالشكر لمنبر جريدة «اللــــــواء» الذي يشعر مع الناس الذين فقدوا اللبناني والدولار معاً حتى فقدوا رغيف الخبز ويعيشون في وضع سيئ جداً والكثير منهم يلجأ إلى المساجد والجمعيات الخيرية لتأمين الدواء، فنقول للجميع وللقادة خصوصاً اتقوا الله ان بيننا وبينكم لقاء بين يدي الله، يسأل كل عامل بما عمل، وما نعيشه في هذه الأزمة يذكّرنا بالخلافة الإسلامية والخلفاء الراشدين الكبار الذين كانوا يهمّهم الغير قبل أن يبحثوا عن أنفسهم، فشغلهم الأساسي هم الناس قبل أنفسهم، ونذكر على سبيل المثال السيدة عائشة رضي الله عنها لما جاءتها بعض الغنائم فكانت توزعها على الناس الفقراء والمحتاجين فقالت لها جارية: يا سيدتي لم يبقَ لنا ما نأكل، فردّت السيدة عائشة: لو ذكرتني لكنت فعلت. هؤلاء شغلهم الغير بينما نحن نعيش مع أناس مغايرين نسوا الناس ونسوا المرضى الذين يموتون على أبواب المستشفيات دون أن يشعر بهم المسؤولون ودون أية أخلاق من هؤلاء.

أما للتجار فنقول لهم: اتقوا الله فربحكم محدود، ونذكر قصة ذلك الرجل الذي خرج ليشتري بعض المواد الغذائية من محل صديق له حيث شاهد ارتفاع بعض الأسعار، وهو واقف دخل عليه رجل فقير وعندما سأله عن الأسعار أعطاه أقل من نصف السعر، عندها تعجّب ذلك الرجل وقال للبائع: كيف تقول لي غير السعر الذي أعطيته لهذا الرجل؟ فقال: هذا رجل فقير متعفف واليوم الذي يأتيني ليأخذ أغراض من عندي، فالله يرزقني أضعاف الأرباح لأني أتعامل بها مع الله سبحانه وتعالى.

كم عظيم هذا الخُلق وكم نحتاج إلى هذه الأخلاق في مجتمع أصبح الجميع سارقين وناهبين يتباهون بشراء الطائرات وان راتبهم يكفي حاجاتهم ومع ذلك يسرقون.

وأضاف: ليس بإمكاننا وإمكان الدعاء إلا إسداء النصيحة للتجار، نحتاج إلى دولة مسؤولة عن هذا الشعب لتضع لكل شيء حدّه، إذا وجد من يفكّر بهذا الشعب، ولكن نبكي على بلدنا الذي كان من أجمل البلدان صار في آخر البلاد بوجود هؤلاء الذين سلّطهم الله علينا ولا يملكون لا خلق ولا دين، كل ما نستطيع أن نقوله ان لنا رباً يراقب ويحاسب ويجازي، ونقول للظالمين افعلوا ما شئتم ولكن نقول ان الله سيجزي كل فاعل على فعله.

البابا

{ في حين قال رئيس مركز الفاروق الإسلامي الشيخ أحمد البابا: لقد كثر في الآونة الأخيرة الاستغلال والاحتكار وذلك مما أصبحنا نراه كل يوم من خلال استغلال الظروف الصعبة التي تمرُّ بها البلاد، فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالحلال ودعانا إلى الرحمة والتعاطف، فأن هؤلاء الذين استغلوا مراكزهم أو نفوذهم أو أموالهم فأخفوا السلع وتعاملوا بالغش واستغلوا الوضع الذي تعيشه البلاد فاحتكروا السلع والغذاء والدواء وامتنعوا عن بيعه حتى يرتفع سعره بسبب قلّة وجوده، فهذا فعل حرام بل هو من أشدّ المحرّمات وصاحبه ملعون وقد توعّده الله بالعذاب الأليم وقد قال النبي  صلى الله عليه وسلم «لا يحتكر إلا خاطئ» وأما من يمارس الغش فيدسّ الردئ بالجيد والسعر الرخيص بالغالي، أو يتلاعب بصلاحية المواد الغذائية في هذه الأزمة فإنما يأكل أموال الناس بالباطل وهو غش عظيم يؤدّي الى العذاب الأليم وهو أكل مال الناس بالحرام، ومثله الفسق والنهب والسلب والارتشاء والسرقات، أو باستغلال الظروف لرفع الأسعار أو بالتلاعب بهذه السلع من أجل غش الناس وخداعهم وتحصيل المزيد من الأموال على حساب الفقير الجائع فان هذه الأمور محرّمة ونتائجها مدمرة لصاحبها ولجميع مكاسبه وتوجب غضب الله العظيم وسخطه والعذاب الأليم يوم الدين، والغش الذي يمارسه البعض من المحتكرين والطامعين والجشعين، نقول لهم ان النبي  صلى الله عليه وسلم يقول «من غشّنا فليس منا» وليس المقصود غش المسلمين فقط بل غش غير المسلمين وذلك أشدّ حرمة لانه يكرّه الآخرين بالدين ويكون سبباً للإساءة لمكانة الإسلام.

وأضاف: ان العلماء كما المسؤولون مطالبون أمام الله والقانون بمعالجة هذه الأزمات الخانقة، وذلك أولاً من خلال تبيان حرمتها في الدين وذلك مسؤولية العلماء، أما المسؤولون فهم مطالبون أمام الله والعدالة وأمام القانون لحماية رغيف الفقير ودرء المصاعب الحياتية عن المواطنين ومواساة المواطن الضعيف لحاجاته الأساسية التي يكاد لا يجدها ويجب عليهم أن يتقوا الله عزّ وجلّ في جياع الناس الذين لا يجدون اليوم ما يسدّ رمقهم ويطعم أطفالهم أو يعالج مرضاهم أو يعلّم أولادهم فقد عمّت الجهالة وزاد الطين بلّة عدم وجود من يحاسب أو يراقب وانعدام مخافة الله تعالى عند المسؤولين وهذا كله يؤدّي بالوطن إلى المهالك ويوجب على العدالة أن توقف هذه المهازل وهذا التسيّب الذي يوصل البلاد إلى الانهيار الكبير.

أخبار ذات صلة