بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2019 12:05ص العلماء للمرشدين المرافقين لضيوف الرحمن: علّموا الناس صحيح مناسكهم

وكونوا أخوة ناصحين ومحبّين لهم

حجم الخط
من المعلوم أن كل عبادة تحتاج إلى علم يضمن حسن أدائها وسلامة القيام بها وذلك حتى يكون المسلم على بيّنة من أمره في كل مجالات حياته وخاصة ما يتعلّق بالتعبّد..

ومن هنا دأبت حملات الحج ومنذ فترة طويلة على أن يكون معها في كل رحلة عدد من الدعاة والمرشدين الذين يشرحون للناس أمور المناسك ويرافقوهم فيها حتى لا يكون الحاج مقصّراً أو جاهلاً أو تاركاً لنسك من مناسك الحج.

ولكن هذا المرشد لا بدّ أن يكون من أهل الذكر ومن أهل العلم حتى لا يكون جهله سبباً في تضييع عبادة من هم معه.

صحيح اننا في بعض الأحيان نسمع من هنا ومن هناك صرخة أو إستياءً من حملة معينة، ولكن هذا لا يعني أبداً ان كل الحملات فيها تقصير، فالمرشد يلعب دوراً كبيراً في نصح النّاس ووعظهم وإرشادهم وتعليمهم كل خطوة يقومون بها في هذه الرحلة المباركة.

ولكن ماذا يقول العلماء لهؤلاء المرشدين؟ وما هي نصائحهم لكل معرّف أو مرافق لضيوف الرحمن؟!..

غندور

{ بداية قال القاضي الشيخ زكريا غندور: ها هي أيام عرفة تقترب وبدأت الوفود تتوافد من بقاع الأرض إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج بدعوة من رب العالمين حملها إلينا سيدنا إبراهيم لما أُمر بأمر الله تعالى: {واذّن في النّاس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}, هذا المؤتمر الإسلامي الكبير كم نتمنّى أن يحقق الغاية من انعقاده بتجرّد الجميع من أنانيتهم وإنتماءاتهم لتحقيق «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ» فيعودون جسماً واحداً, يتحسّس المسلم مع أخيه المسلم، تزول كل الفوارق بين الشعوب والقبائل, بين الكبار والصغار, بين الأمراء والخدم, كلهم شعارهم واحد «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ».

وأضاف: كم نتمنى أن تتحقق هذه الأمنية وتصفو النفوس وتصطلح القلوب ونرقى إلى مرضاة رب العالمين في هذه الأيام المباركة العشر من ذي الحجة والتي أقسم الله فيها بقوله تعالى: {والفجر وليال عشر} فقال أهل المعرفة ليال العشر هي الليالي الأخيرة من شهر رمضان لأن فيها ليلة القدر وأيام تلك الليالي هي العشر الأوائل من ذي الحجة لأن فيها عرفة، ولو نظرنا بمنظار القلب والبصيرة إلى الملايين في عرفة اختلفت لغاتهم واختلفت صورهم، الدموع تذرف والقلوب ترتجف، الجميع يقول يا رب، آملاً أن ينال الوسام الأكبر.

كم يجب علينا أن نتواصل جميعنا ونحن نتوجّه إلى الأرض المباركة حرصاً على أداء هذه الفريضة، فيشعر المسلم مع أخيه المسلم في فلسطين وفي العراق وفي اليمن وليبيا وفي بلاد الشام.

ونقل للأخوة المعرّفين والمرشدين وأصحاب الحملات أن يتقوا الله تعالى بتوجيه الحجيج نحو أداء نسكهم صادقين تائبين ملتزمين بأوامر الله تبارك وتعالى، ان لهذه الفريضة خصائصها الجسدية والروحية والإسلامية حيث تزول الفوارق «فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى».

فريضة الحج تحرّر من عالم النفس لحقيقة قوله تعالى: {طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى} فالتجرّد من النفس والهوى هو باب الدخول إلى مرضاة ربنا تبارك وتعالى.

 كم نتمنى على الحجاج أن يتجرّدوا من نفوسهم وأنانيتهم ليلجأ الجميع إلى الله تعالى طالبين أن يكفّ عنهم البلاء... ففي هذه الأيام المباركة ما أحوجنا جميعاً أن نعود إلى الوحدة الإسلامية، إلى الاعتصام بحبل الله، إلى توبة نصوحة، فنقول للمسلمين عودوا إلى ربكم في يوم عرفة صادقين تائبين، ففريضة الحج لها معانٍ لنقاء النفوس وصلاح القلوب وهو الله وحده يقبل التوبة من عباده ويعفو عنهم، ونقول لجميع القيّمين عليهم جميعاً أن يتعاونوا على البر والتقوى لعل الله سبحانه وتعالى يستجيب لنا بدعوة رجال ركّع في صلاتهم سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتقبّل لهم جميعاً حجهم وتوبتهم.

شحادة

{ أما القاضي حسن الحاج شحادة فقال: تصادفنا هذه الأيام المقبلة أيام مباركة، وهي أيام الحج ويتحضّر له العديد من النّاس من كل أنحاء العالم قاصدين بيت الله الحرام لأداء هذه المناسك المباركة رغم السفر والمشقّة إمتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وأضاف: وما نعرفه من حملات تنظّم هذه الرحلات الكثير منها ما يجنّد من مرشدين أو علماء تخبر مناسك الحج وأحكامها وأماكنها لا سيما بعد حصول التوسعة والتحديثات التي قامت بها المملكة العربية السعودية مأجورة ومشكورة، فان على الأخوة المرشدين العلماء المرافقين لحجاج بيت الله الحرام أن يكونوا على دراية كاملة بكل مناسك الحج وأماكنها وأن يكونوا صحبة صالحة لمن معهم من حجاج بيت الله الحرام.

فربما يكون هناك مريض أو الجديد في أداء المناسك ومنهم من لا يعلم شيئا عن هذه المناسك، فعليه أن يقوم بكامل واجبه من رعاية حجاج بيت الله الحرام الذين هم بعهدته سواء من الناحية الاجتماعية أو من ناحية الإرشاد الديني لأداء هذه المناسك والإلتزام معهم بكل خطوة يخطونها، فهم أمانة تطوّع هذا المرشد لأداء واجبه تجاههم في هذه المرحلة المباركة ويفضّل أن يكون قد مارس مناسك الحج لمرات عديدة ويكون حافظاً لمناسك هذه الأماكن وحافظاً للأدعية والآيات القرآنية التي سيتلوها أثناء الطواف وأثناء الانتقال من منسك إلى آخر وأثناء الوقوف في عرفة وأثناء النزول إلى المزدلفة وما يسمّى بإكمال باقي مناسك الحج أمام شعائر ربما يجهلها الكثير ولا يعلمها سوى المرشدين، ومن زار بيت الله الحرام سابقاً، فهناك عدّة مشاعر لا بدّ أن يقوم بأدائها الحاج وفي كل منها يتلو دعاؤه فيها ويؤدّي صلاته ثم ينتقل إلى مشعر آخر لإتمام هذه الفريضة على أكمل وجه.

واختتم قائلاً: ان المرشد هو قد جنّد نفسه لهذه المهمة، وهو يلزم في هذه الرحلة المباركة للقيام بهذه المهمة الملقاة على عاتقه وله الأجر والثواب فيها، متمنياً لحجاج بيت الله الحرام الوصول والذهاب والإياب بأمان من الله عزّ وجلّ.

حداد

{ أما المفتش العام للأوقاف الإسلامية الشيخ الدكتور أسامة حداد فيقول: تتشوّق القلوب إلى زيارة المسجد الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة مقام الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في رحلة تسمّى برحلة العمر لما فيها من روحانية وتقرّب إلى الله عزّ وجلّ وتقرّب من شفيعنا سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم.

وأضاف: ولا بدّ لكل رحلة من مرشد يبني خطواتها ويشرح سيرتها وما فيها من معانٍ، فكيف إذا كانت رحلة العمر؟! ونجاح هذه الرحلة يعتمد على أمرين أساسيين: الإرشاد الديني وجودة الخدمات، وما يعنينا هنا هو الأمر الأوّل وهو الإرشاد الديني فان من واجبات المرشد مرافقة الحجاج في جميع العبادات والزيارات وشرح كل نسك وكيفيته وحكمه وهدفه، إضافة إلى القيام بجلسات فقهية في فقه الصلاة فإن كثيراً من الحجاج لا يعلمون كيفية الوضوء الصحيح وكذلك كيفية الصلاة الصحيحة، كما ينبغي له أن يؤمّهم في صلاة التهجد والتسابيح ويدعو لهم ويرقق قلوبهم.

وأخيراً أتوجه إلى جميع المرشدين في حملات الحج بأن يخلصوا في مهامهم ولا يقصّروا فيها وأن يتحلّوا بخلق التبشير لا التنفير والتسيير لا التعسير وتطبيقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «بشّروا ولا تنفروا ويسّروا ولا تعسّروا» وأن يتحلّوا أيضاً بالحلم وطول البال مع الحجاج واللطف واللين في تواصلهم معهم.

كما أدعو الحجاج إلى الالتفاف حول علمائهم ومرشديهم وعدم التقصير في مرافقتهم لينهلوا من علومهم ويقتدوا بأخلاقهم.

واختتم قائلاً: أسأل الله عزّ وجلّ أن يتقبّل جميعاً منا نسكنا، وأتوجّه بنصيحة أخرى أن يحترم الحجاج بعضهم البعض في اختلاف مذاهبهم، فهذا الاختلاف رحمة ولا يحق لأحد أن يدّعي ان مذهبه هو الصحيح وحجّه مقبول والآخر غير مقبول، فالقبول بيد الله عزّ وجلّ ومبدأ التيسير يقتضي أن يكون المرشد عالماً بكافة المذاهب الفقهية ليختار الأنسب للحجاج.