بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2018 12:04ص العناية بالشباب دليل حيوية الأمة..

والعلماء: حققوا جسر التواصل معه لتثمر مسيرة البناء في الأوطان

حجم الخط
الشّباب من الذكور والإناث هم ركيزة المجتمع ودعامته الأساسيّة، فولا قوّة الشّباب وطاقاته المفعمة بالحيويّة لما نهضت كثيرٌ من الأمم والحضارات، ذلك بأنّ بنيان المجتمع يحتاج في تشييده إلى سواعد قويّة وفتيّة، فحين يقدّم الكبار والشّيوخ الرّأي والنّصيحة تجد الشّباب يقدّمون الطّاقة والجهد والعمل فتكتمل أدوار كلّ جيلٍ من الأجيال ضمن منظومة اجتماعيّة قويّة تؤدّي دورها على أكمل وجه. 
وقد تحدّث المفكرون والباحثون عن مرحلة الشّباب وعدّها الكثير أنّها الفترة التي تقع ما بعد البلوغ إلى سنّ الأربعين ومنهم من جاوزها إلى سنّ الخمسين، ويستدلّ عددٌ من النّاس على ذلك بقوله تعالى {حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة}، أي أنّ الله تعالى قد بعث كثيرًا من الأنبياء وهم في سنّ الأربعين ومنهم سيّدنا محمّد عليه الصّلاة والسّلام حيث يكون هذا السنّ مرحلةً مفصليّة فارقة ترسم أولى خطوات الانتقال إلى مرحلة أشدّ حكمة وعقلانيّة وأناة. 
وقد جاء الإسلام ليعلي من قيمة الشّباب ويؤكّد عليها، كما أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام كان محاطًا بكثيرٍ من الصّحابة الشّباب الذين حملوا على عاتقهم نشر رسالة الإسلام في ربوع المعمورة، كما أنّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام قد كلّف كثيرًا من الشّباب للقيام بعددٍ من المهمّات الجسام منها تكليفه الصّحابي الجليل مصعب بن عمير بأنّ يكون أول سفيرٍ للإسلام، حيث بعثه إلى المدينة ليعلّم أهلها الديّن والقرآن، والصّحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه بقيادة الجيش وقد كان عمره لم يتجاوز ثمانية عشر عامًا، وعلى الرّغم من وجود صحابة كبار في السّنّ في جيشه كسيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
ومن هنا طالب العلماء الشباب بضرورة العمل والاجتهاد، وأن تكون مصلحة الوطن فوق الجميع، لأن الأمة تنهض بجهود الشباب، وخبرة وحكمة الشيوخ، ولذلك لابد أن يكون هناك تواصل بين الأجيال، ليستفيد الشباب من خبرة الكبار، وهذا يتحقق من خلال تشجيعهم، واختيار الكفاءات منهم، ومنحهم الفرصة فى المواقع القيادية.
اللقيس
{ بداية قال الشيخ  غسان اللقيس إمام مدينة جبيل إن الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، قد اختار أسامة بن زيد قائدا للجيش، وهو في السابعة عشرة من عمره، وهذا دليل على ثقة الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  في الشباب، كما أن هذا يعد نموذجا في ضرورة منح الشباب فرصة في المواقع القيادية، مادام الاختيار قائما على الكفاءة، وقد كان أسامة قائدا، وفي الجيش عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وكبار الصحابة رضي الله عنهم جميعا، ولما رحل الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، ظل أسامة قائدا للجيش في عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأشار إلى أن الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، كان دائما يضع الشباب في الموضع الذي يجعلهم يتحملون المسؤولية والقيادة، وكان يقدمهم في كثير من الأمور على كبار الصحابة، موضحا أن الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، اعتمد على الشباب في رحلة الهجرة، فقد نام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في فراش الرسول  صلى الله عليه وسلم  ليلة الهجرة، وكان في سن الحادية والعشرين، وكانت أسماء بنت أبي بكر تحمل الماء والطعام إلى الرسول  صلى الله عليه وسلم  وأبي بكر الصديق، كما لعب عبد الله بن أبي بكر، دورا في تتبع أخبار قريش، عندما كانوا يبحثون عن الرسول في طريق الهجرة، كما قام عامر بن فهيرة راعي الغنم عند أبي بكر، بدور في الهجرة، وكان يذهب خلف أسماء وعبد الله بن أبي بكر، ليمحو آثار الأقدام، وهذا جانب من الجوانب التي قام بها الشباب، ومواقفهم مع الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  في الهجرة، وهذا يوضح كيف كان الرسول  صلى الله عليه وسلم ، يهتم بهم ويعتمد عليهم ويمنحهم الفرصة .
أبو مرعي
{ أما الشيخ علي أبو مرعي فقال أن السنة النبوية اهتمت بالشباب، كما اهتمت بالشيوخ والناشئة، ولكن مصطلح الشباب، لم يرد في القرآن كله على وجه الإطلاق، ولكن الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم ، هو الذي تحدث عن الشباب وخصهم ببعض صيغ الخطاب، كما في قوله  صلى الله عليه وسلم  «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، كما بين  صلى الله عليه وسلم ، منزلة الشاب المطيع لربه وجعله ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، وإذا كان هذا قد ورد في صيغ العموم، فقد ورد ثناء منه  صلى الله عليه وسلم  من ناحية، واهتمام من ناحية ثانية بالشباب، فقد أثنى  صلى الله عليه وسلم ، على مصعب بن عمير، وقد مات شابا في غزوة أحد، كما كان الرسول  صلى الله عليه وسلم  يخاطب بعضهم، فيحثهم ويعلمهم ويحملهم سنته النبوية، كما في الحديث الشريف «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإذا اجتمعت على أن يضروك بشيء، لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف»، وكذلك توصيته لأحد الغلمان وهو يأكل «سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك»، كل هذا دليل على أن هذه الفترة العمرية، من القيمة والقدر الشيء الكثير في ضوء السنة النبوية المطهرة، الأمر الذي ينبهنا إلى وجوب رعاية الشباب والاهتمام بهم.
البدوي
{ أما  الشيخ أحمد البدوي فطالب الأسرة المسلمة بألا تترك الشباب للظروف والاحتمالات والعوامل، التي تحركهم، بل يجب أن يظل الشباب في موضع الرعاية والعناية والاهتمام، موضحا أن النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم ، كان يحرص على أن يكون الشباب في صفوف الصلاة، وكان دائما يوجه حديثه للشباب، وينصحهم بالعفة والطاعة والبعد عن المعاصي. 
ووجه نصائح للشباب طالبهم فيها بضرورة الاجتهاد والأخذ بالأسباب، والعمل بكل جهد لمعرفة الجديد وفي وسائل التواصل الحديثة، التي تلعب دورا في تسهيل وتيسير العمل، وأن يدرك الشباب أن الأجيال الأقدم قامت بدورها، وقدمت كل ما لديها وفقا للظروف المتاحة في ذلك الوقت، ويجب أن يستفيد الشباب من خبرة الشيوخ، من خلال التواصل بين الأجيال، فالشيوخ لديهم الخبرة والحنكة والتجارب التي يفتقدها الشباب، كما طالب المسؤولين بأن تكون هناك دورات تدريبية للشباب في جميع المواقع، وضرورة منح المتميزين منهم فرصة في المناصب الإدارية، لأن المجتمعات تنهض وتقوم بجهد الشباب وخبرة الشيوخ.