اسمحوا لي أيها السادة أن أبدأ مقالي مباشرة وأسأل... ما الذي يحدث في بلادنا وما الذي يجري على أرضنا..؟!
فالمجتمع اللبناني اليوم بكل فئاته ومجالاته يعيش في الدرك الأسفل من الحياة بكل ما للكملة من معنى.. ومع ذلك نضحك على أنفسنا ونقول لبنان درّة الشرق، وسويسرا الشرق وغيرها من العبارات الخادعة..
ولكن.. لا أيها الأعزاء... فلبنان لم يعد أصلا مجتمعا إنسانيا حتى يكون درّة أو جوهرة..؟!
أعلم أن الكلام قاسٍ.. ولكن صدّقوني الواقع أشدّ قساوة.. وأشدّ مرارة.. وأشدّ ألما.. وأشدّ بؤسا.. وأشدّ سواد...؟!
ففي بلادنا لا أمن.. ولا أمان.. ولا طبابة.. ولا تعليم.. ولا كهرباء.. ولا ماء.. ولا غذاء.. ولا قانون.. ولا إلتزام.. ولا احترام للمواطن.. ولا كرامة لشعب.. ولا أداء لمسؤولية.. ولا وجود لأي شيء يدلُّ على أننا في مجتمع يصلح للعيش..!؟
مرة أخرى أقول.. أعلم أن الكلام قاسٍ.. ولكنه الحقيقة للأسف..؟!
أما السبب... فهو وبكل بساطة أننا لم نلتزم بما أمر به الله ولا بما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل عاندنا وكابرنا حتى بات كل واحد منّا بفكره وجماعته وذاته مجتمعا خاصا ضمن المجتمع.. يفهم الدين كما يشاء ويفسّر كما يشاء ويعمل كما يشاء..؟!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعاً»..
هذا هو واقعنا للأسف.. فنحن غفلنا بداية عن حقنا في العيش بكرامة فأسأنا لأنفسنا... ثم سلّمنا أنفسنا طواعية لكل ظالم وفاسد فساءت أحوالنا.. ثم استسلمنا فلم نأخذ على أيادي الظالمين والمفسدين ولم نحاسبهم ولم نعمل على الإصلاح، بل شجّعناهم وباركنا لهم والبعض منا تجنّد خلفهم وراح يدافع عنهم فكانت النتيجة.. أننا هلكنا جميعا..؟!
ونتيجة لهذا «التحالف الفسادي».. غابت عنا ثقافة العيش الإنساني.. وحلّت مكانها ثقافة الغابة... حيث القوي يأكل الضعيف.. و«المدعوم؟!» يأكل البسيط... و«صاحب الواسطة» يقتل من لا «ظهر» له...؟!
إننا أيها السادة... الظالمون والمظلومون... نحن الضحايا والمجرمون... ونحن السبب في ما نعانيه من نتائج... وإن لم نتعلّم أولا ثقافة العيش بكرامة وبحرية وبعز الأنفس التي أمرنا بها المولى تعالى، فسندفن جميعا دون إستثناء أحياء تحت التراب، والأنكى أن الدفن سيكون في سبيل استمتاع غيرنا بخيراتنا ومقدّراتنا...؟!
إن الإنسان الذي يستعذب الذل - وإن كان بشعارات دينية - لا كرامة له ولا إنسانية له ولا حقوق له.. وأيضا لا حاضر ولا مستقبل له... فاختاروا ما تريدون حتى تستطيعوا تغيير «اللامجتمع اللبناني».. إلى مجتمع إنساني..؟!