بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تشرين الثاني 2017 12:06ص المفتون في خضم الأزمة التي تعصف ببلادنا: علينا جميعاً تقديم المصلحة العليا حتى نعبُر كلنا إلى شاطئ الأمان

المفتي الشيخ أحمد اللدن المفتي الشيخ أحمد اللدن
حجم الخط
تمثل سيرة الرسول  صلى الله عليه وسلم  أرضاً خصبة للتأمل وأخذ الأسوة في معالجة الأمور وإدارة جميع ما يعترضنا من مصاعب، فقد كانت له عليه الصلاة والسلام طريقة مباركة في إدارة الأزمات وفق حكمة سديدة، فقد كان عليه الصلاة والسلام بفطنته ينهى منازع الخلاف بشكل قاطع مع حماية المجتمع الإسلامي من آثار الأزمة بل يعمل على الاستفادة من الموقف الناتج عن الأزمة من الإصلاح والتطوير..
وما يمر به وطننا العزيز لبنان من أزمات يدفعنا إلى التمثل بحكمة رسولنا في إدارة الأزمات وحل المعضلات ونعلم انه ليس لنا مخرج من كل ذلك إلا بالامتثال والتحقق بما امرنا به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}.
فإذا فعل القادة والمسؤولون ذلك كان ذلك نبراساً لنا يهدينا سواء الصراط نحو مستقبل مشرق للأمة العربية والإسلامية، التي تحاصرها الأزمات وتعتصرها الملمات في وقت حرج تزداد فيه المشكلات من كل حدب وصوب وتتكالب فيه الشرور علينا كما تتكالب الاكلة على قصعتها».
فبلادنا تمر بمرحلة دقيقة، فما المطلوب من القادة والشعب، وما أهمية الالتزام بالوطنية والتحلي بالحكمة من قبل الجميع، وكيف يكون التعاون البناء الذي يجعل من مصلحة الوطن المصلحة الأولى هذا ما سيجيبنا عنه نخبة من العلماء:

اللدن
{ بداية قال مفتي راشيا الشيخ أحمد اللدن: جاء في الآية القرآنية {من يؤتى الحكمة فقد اوتى خيراً كثيراً}، وإذا تفكرنا في هذه الآية يظهر لنا أهمية ان يكون للعقل دوره في إدارة الأزمات لأن الإنسان مركب من قوى عديدة ومن أهم هذه القوى إنما هي قوة العقل، وقوة العقل تعتمد على الموازنة ما بين الخيارات فتقدم الخيار الأفضل وتستبعد الخيار الأسوأ وكلما تعقدت الأوضاع كلما كانت الحاجة إلى الفكر وإلى العقل أكبر.
واضاف: لا بدّ لنا من ثقافة اجتماعية وثقافة سياسية لكي نستطيع اجتياز هذه المحن التي يمر بها وطننا العربي المحيط ووطننا لبنان لأن الخير يعود على الكل وأن الشر لا سمح الله يعود أيضاً على الكل، فلا بدّ لنا ان نرشح مصلحة الخير على الفساد والشر، وفي هذه الفترة يجب على كل فرد من أفراد الوطن ان لا يستفز الآخر ولا يستثير غضبه، بل على كل إنسان منا ان يبرد الجو العام وأن يحاول ما استطاع ان يبحث مع الآخر عن طرق الخلاص.
وأشار إلى أن الأمانة ثقيلة جداًً وخصوصاً عندما تكون لها علاقة بالدم وبالمستقبل وبالأخطار المحدقة لذلك علينا جميعاً ان نلتزم بالنخوة والكرامة والحكمة كما على الزعماء ان يقوموا بالواجب الوطني الذي لا بدّ من القيام به لحماية الوطن ومستقبله وحرية أبنائه.
دلى
{ مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلى قال بدوره: قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان} من هذه الآية ننطلق إلى الوطن الذي نعيش فيه ليكون المجتمع متعاوناً من أجل الحفاظ على القيم والاخلاق ويكمن ذلك في نفوسنا جميعاً مسلمين ومسيحيين بكل اطيافنا ومذاهبنا لنبني مجتمعاً صالحاً، مجتمعاً لا تميز فيه ولا تمايز لا في الحقوق ولا بالواجبات، فعلينا أداء الحقوق وعلى الدولة بمقابل ذلك ان ترعى مواطنيها بكل أمانة واخلاص وهذا ما نفتقده في مجتمعنا، فالفساد ينخر في كل مفصل من مفاصل حياتنا ومؤسساتنا واداراتنا فكيف اذن يكون عندنا وطن فيه مقومات الحياة السعيدة والقوي يأكل الضعيف. ونشر ذلك في مجتمعنا باعتماد ما جاء به الانبياء والرسل وربوا النّاس عليها، وما علمنا اياه سيدنا محمّد  صلى الله عليه وسلم  من الأخلاق والتعامل بين النّاس واداء الأمانة والعمل لإيصال الحقوق إلى أصحابها، ومن باب كل إنسان عليه مسؤولية في وطنه ومجتمعه فحديث الرسول  صلى الله عليه وسلم  الذي قال: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته، فالمسؤول راع والرجل راع، والمرأة راعية في منزل زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها).
وأضاف: بعيداً عن المحاصصة وبعيداً عن إحساس الغبن من القوي تجاه الضعيف وعلينا ان نسعى لتكوين وطن ومجتمع غير متعاونين على الاثم والعدوان، والكل منا يتربص بالآخر، كيف يأخذ له حقه وكيف يلغيه من موقعه الذي كفله الدستور فاصبح الاعتداء على الحقوق اما لأنه من المناطق البعيدة أو لأنه غير تابع إلى فلان ولا إلى علان وحتى ان الكفاءة لم يعد لها معنى في واقعنا!!.
واضاف: فانني ادعو كل مخلص وكل غيور وكل إنسان يحمل في جنباته الضمير الحي ان يتخلّى عن الانانية وعن كل ما من شأنه تدمير مقومات واخلاق وحقوق المواطنين وعندئذ يكون وطننا جامعاً لكل أبنائه.
وختم قائلاً: علينا ان نغلب مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى، لأن من لا وطن له لا كرامة له والوطن لنا جميعاً.
الصلح
{ أما مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح فقال: قال الله تعالى في كتابه العزيز {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن} ونحن في هذا الوقت بامس حاجة إلى الحكمة في امورنا وشؤوننا للحفاظ على هذا الوطن الكبير الذي ننتمي إليه.
واضاف: يتوقف ذلك على العلماء ورجال الدين وعلى السياسيين بان يكونوا دعاة للوحدة الوطنية والألفة والمحبة فيما بين النّاس عندئذٍ نحفظ الوطن من كل الارتدادات والهزات التي تحصل حوله..
وادعو السياسيين بأن يتقوا الله في هذا الوطن وأن يحافظوا عليه لكي يبقى لنا وطن وإلا لن يكون هناك أحد في هذا الوطن مستريح أو مطمئن البال فالوطن يتسع لجميع أبنائه والابتعاد بقدر الإمكان عن الاستفزازات التي تشعل نار الفتنة في الوطن فالاستفزاز غير مطلوب لا في الحاضر ولا في المستقبل.