بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 نيسان 2018 12:05ص النهضة الحضارية الشاملة تبدأ بالتربية الإسلامية

المنهج النبوي الشريف سبيلنا الأكيد للوصول إلى خيرية الأمَّة

حجم الخط

إن الحقيقة العلمية والتربوية تقول: إن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر. وقديمًا قيل: الوقاية خير من العلاج. وبناء على ذلك نرى أن تعليم الصغار أيًّا كانت ظروفهم واجب على الأمّة. بل هو من فروض الكفاية التي يجب أن تحيا وأن تجعل أساسًا في كل مشروعات الأمّة. فهذا الطفل الذي يحرم من التعليم قنبلة قد تنفجر في أي لحظة ضد من أهمل في تعليمه» ثم إن العلم هو الأساس الحقيقي لبناء الحضارات والوصول إلى القوة الحقيقية. وقديمًا كانوا يقولون: بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال. 
وتتميز التربية الإسلامية عن غيرها أنها تربية إنسانية هدفها الأول والأخير هو إنشاء الإنسان الصالح. وفي الوقت الذي تهدف فيه التربيات الأخرى إلى إعداد المواطن الصالح كما يقولون ثم يختلفون على مواصفاته وكل يبني فلسفته التربوية على وفق هدفه وميوله، نجد الإسلام يهدف إلى تربية الإنسان بصرف النظر عن جنسه ولونه ولغته وبلده، فالإنسان هو محور التربية الإسلامية بعقله وروحه وجسمه وغرائزه، ونجد الإسلام يرسم المنهج الذي يوصل إلى تلك الغاية. 
فهو يريد الإنسان الأتقى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، يريد الإنسان العابد {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} والإنسان الذي يبتغي رضوان الله في السر والعلن ويتبع هديه {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}، وكما تتميز التربية الإسلامية بأنها إنسانية، تتميز بأنها دينية، تربط الإنسان بخالقه يرجوه ويخافه، وتخاطب فيه الفطرة، وتستنهض عوامل الخير في داخله، ولذا قيل: «إن ارتباط الضمير الإنساني بالله هو الخط الأول في تربية خلقية عميقة الجذور، وهذا يقتضي أن تُتخذ العقيدة الدينية قاعدة أساسية للتربية الفردية أو الاجتماعية في سبيل تكافل اجتماعي لا يحقق مصلحة اجتماعية فحسب، ولا مصلحة قومية فحسب، بل كذلك يحقق غاية إنسانية بعيدة تتسم بالرغبة في إرضاء الله وحده، والتضحية بالغالي والرخيص ابتغاء وجهه الكريم».
قوزي
{ الشيخ مازن قوزي رئيس دائرة المساجد في الأوقاف الاسلامية قال بداية: لا بد أن يرتبط التعليم ارتباطًا كليًا بالأًخلاق والسلوكيات. مما يوجب علينا أن نتعاون في هذا الأمر. في كل مدرسة. في كل مكتب لتحفيظ القرآن. في كل تجمع علمي. لابد أن يكون هناك مراقب خاص للسلوكيات وللأخلاق. حتى نحول العلم إلى عمل. لأن من يكون معرضا عن آيات الله. والقرآن الكريم يتوعد من يعرض عن آيات الله بالانتقام ويصفه بالإجرام. {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون}.
أما من حيث الجوانب التربوية، فإن منهج الإسلام في التربية يعتمد على: العلل والعمل والسلوك. فلابد أن نربي أبناءنا على هذا المنهج النبوي في التربية. فقد كان نبينا  صلى الله عليه وسلم  يعتني كثيرًا بالتربية الجسدية وبالتربية الروحية. أي بأجنحتها الثلاثة. 
وكذلك التربية الجسدية، حيث كان اهتمام رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بالرياضة التي تنفع الأمة. كان يحثهم على المسابقة في الرمي وإجادة تصويب الهدف. لما لذلك من أثر في لقاء العدو المتربص. فنراه يخرج على بعض الشباب فيجدهم يتسابقون على الرمي فيقول. «ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا. ارموا وأنا مع بني فلان» وينضم إلى فريق فيستحيي الفريق الثاني أن يسابق فريقا فيه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فيقول لهم: «ارموا وأنا معكم كلكم». ويشجع على المصارعة في غزوة أحد فيقبل الصبي القوي بعد أن تغلب على أقرانه فالجسم السليم هو الذي يصبر ويتحمل ويلات الحياة. 
وأضاف: إن من واجب كل مسلم أن يقارن بين ما كان عليه النبي  صلى الله عليه وسلم  وصحبه وبين ما هو عليه الآن أين التربية الدينية الآن لشبابنا وأطفالنا بعد أن ركز المستعمر جهوده منذ قرن كامل من الزمان على أن يحذف الدين من مناهج التعليم؟ ماذا فعلنا في مقابلة هذه الجهود؟ 
نريد أن نلقن أبناءنا ما كان يلقنه النبي  صلى الله عليه وسلم  لابن عمه عبد الله بن عباس حينما ركب خلفه وقال له: «يا غلام ألا أعلمك كلمات» انظروا إلى نبي الأمة خير خلق الله يقول لغلام صغير يعرض عليه ليتبين هل عنده استعداد لأن يسمع كلام رسول الله  صلى الله عليه وسلم  «احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف». 
هكذا إذا أردت أن تحفظ نفسك من غوائل الشيطان ومن غوائل الشرور والآثام. احفظ حدود الله. احفظ أوامر الله عز وجل يحفظك ربك {فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} «يوسف: 64» إذا أردت أن تصل إلى هدفك في الحياة فاحفظ حدود الله تجد الله أمامك يوفقك ويعينك ويسدد خطاك «إذا سألت فاسأل الله» هذه هي الكرامة والعزة فإنه لابد في أخلاق المسلم ألا يهين نفسه لأحد ان الجبهة التي تسجد لله لا تخضع أبدا لغير الله. 
ثم لا تحمل هما لقوة أعدائك فأنت بالله أقوى «واعلم ان الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك». 
إن هذه التربية المحمدية هي التي أنتجت بعد ذلك أبطالا جعل النبي  صلى الله عليه وسلم  يقلدهم الإمارة والقيادة وهم دون سن العشرين، انظر إلى أسامة بن زيد ذلك الفتى الشاب الذي أمره النبي  صلى الله عليه وسلم  على جيش فيه أبو بكر وعمر. هكذا حينما نربي أولادنا تربية صحيحة.. ندعو الله عز وجل أن يرشدنا إلى تربية أبنائنا وشبابنا على منهج نبينا صلى الله عليه وسلم .
التربية النفسية
{ أما من الناحية النفسية فقد أشارات الأخصائية فاتن قازان إلى أن من يتدبر سيرة النبي  صلى الله عليه وسلم  يرى أنه كان إذا وجد غلاما يأخذه لينصحه ونراه  صلى الله عليه وسلم  حينما يرى صبيا لبعض أصحابه فإنه يقبله ويحمله، فهذه المعاملة النفسية هي التي جعلت نبينا  صلى الله عليه وسلم  يحول ظهره مركبا لاحفاده فيركب الحسن والحسين على ظهره الشريف ويستمر النبي في السجود ويطيل السجود ليسر من ركب على ظهره وليزداد قربا إلى الله في السجود، لكن نبينا  صلى الله عليه وسلم  لم يكن يفعل ذلك للتدليل ولكن كان يستخدمه في النصيحة وفي التربية حيث نجده في موقف آخر يرى الحسن قد أخذ تمرة من الصدقة ـ يعني الزكاة التي كانت تجمع في بيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أخذ الغلام التمرة ووضعها في فمه.. لكن النبي  صلى الله عليه وسلم  يرفض ذلك ويقول للغلام: «كخ كخ. ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة».